أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أن بلاده تتطلع لمراجعة العقود النهائية لصفقة نقل 650 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المصري سنوياً إلى لبنان عبر سوريا، لضمان عدم مخالفتها العقوبات، مشدداً على أن واشنطن "لم ولن تتنازل" عن العقوبات المفروضة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ورحب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بالصفقة، قائلاً لـ"الشرق" إن الاتفاق يوفر الطاقة "التي يحتاجها الشعب اللبناني بشدة، وسط أزمة الطاقة الحادة التي يعاني منها".
وأضاف برايس أن واشنطن تتطلع إلى "مراجعة العقود النهائية وشروط التمويل من الأطراف، لضمان توافق هذه الاتفاقية مع سياسة الولايات المتحدة، ومعالجة أي مخاوف محتملة تتعلق بالعقوبات".
وأوضح برايس أن الخارجية الأميركية تعمل "بشكل وثيق مع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، لمعالجة المخاوف المتعلقة ببرنامج عقوبات الولايات المتحدة على سوريا" في إشارة إلى قانون "قيصر" الذي دخل حيز التنفيذ عام 2020، ويسمح لواشنطن بتجميد أصول أي شخص يتعامل مع الحكومة السورية.
وسبق لمصر أن طالبت بضمانات أميركية بعدم الوقوع تحت طائلة العقوبات المفروضة على سوريا، في حال تم تنفيذ المشروع.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الأميركية أنه "فيما نفهم أن توصيل الكهرباء والغاز يجب بالضرورة أن يعبر سوريا، من المهم التأكيد على أن نظام العقوبات ضد حكومة (بشار) الأسد لا يزال سارياً بشكل كامل".
وأكد أن واشنطن "لم ولن ترفع أو تتنازل عن العقوبات المفروضة على الأسد ونظامه حتى يتم إحراز تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي. كما أننا نعارض إعادة الإعمار في ظل الظروف الحالية. لقد كنا واضحين بشأن هذا مع شركائنا".
وفي وقت سابق الثلاثاء، وقّع لبنان وسوريا ومصر، اتفاقاً لنقل 650 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً من مصر إلى لبنان عبر سوريا، وذلك في مراسم أقيمت بوزارة الطاقة اللبنانية في بيروت.
وبموجب الاتفاق، سيتم ضخ الغاز عبر خط أنابيب إلى محطة كهرباء دير عمار شمال لبنان، حيث يمكن أن يضيف نحو 450 ميجاوات إلى الشبكة، أي ما يعادل نحو 4 ساعات إضافية من الكهرباء يومياً.
تم توقيع اتفاق شراء ونقل الغاز من مصر عبر سوريا بين المديرة العامة للنفط في وزارة الطاقة والمياه اللبنانية أورور فغالي، ومجدي جلال رئيس مجلس إدارة "Egas" المصرية، ونبيه خرستي مدير عام النفط في وزارة الطاقة السورية.
وأوضح وزير الطاقة والمياه في الحكومة اللبنانية وليد فياض، في مؤتمر صحافي عقب توقيع الاتفاقية النهائية، أن هذا "الاتفاق سيؤمّن تغذية كهربائية تصل إلى 4 ساعات إضافية في لبنان وبأفضل كلفة على الإطلاق"، معتبراً أن البلاد "بأمس الحاجة إليها".
وأعرب فياض عن تطلعه للحصول على ضمانات أميركية نهائية بشأن "قانون قيصر" لتنفيذ مشروع استيراد الغاز من مصر عبر سوريا، واصفاً دعم واشطن والمجتمع الدولي بـ"الجوهري"، ولافتاً إلى أن صندوق البنك الدولي "قدّم دعماً فنياً ومؤازرة من قيادته المحلية وفريق عمله لإتمام الاتفاقية وشروط تمويلها".
انقطاعات الكهرباء
الاتفاق جزء من جهود تدعمها الولايات المتحدة لمعالجة انقطاع التيار الكهربائي في لبنان، وهذه الخطة التي طُرحت لأول مرة في صيف 2021 تهدف إلى معالجة انقطاعات الكهرباء المتكررة في لبنان باستخدام الغاز المصري الذي سيتم توفيره عبر خط أنابيب عربي أنشئ منذ نحو 20 عاماً.
وكان البنك الدولي قد وافق على تقديم التمويل إذا أجرى لبنان إصلاحات طال انتظارها في قطاع الكهرباء، لتقليل الهدر وتعزيز تحصيل رسوم الخدمة.
ويعيش لبنان في ظل أزمة كهرباء منذ الصيف الماضي، مع تخطي ساعات التقنين 22 ساعة، وسط عجز السلطات في خضم الانهيار الاقتصادي عن استيراد الوقود لتشغيل معامل الإنتاج.
وفاقم رفع الدعم عن استيراد المازوت الضروري لتشغيل المولدات الخاصة الوضع سوءاً، فيما يستورد لبنان منذ أشهر الوقود من العراق لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء.
ويُعد قطاع الكهرباء الأسوأ بين مرافق البنى التحتية المهترئة أساساً، وكبّد خزينة الدولة أكثر من 40 مليار دولار منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990).