السنيورة لـ"الشرق": عون و"حزب الله" يقودان لبنان نحو "الارتطام الكبير"

time reading iconدقائق القراءة - 6
رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة خلال مقابلته مع "الشرق"- 8 أبريل 2021 - "الشرق"
رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة خلال مقابلته مع "الشرق"- 8 أبريل 2021 - "الشرق"
دبي-الشرق

قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، إن البلاد تقترب مما وصفه بـ"الارتطام الكبير"، وذلك في ظل استمرار الأزمة السياسية وتداعياتها على الاقتصاد والأوضاع المعيشية، محملاً في تصريحات لـ"الشرق"، رئيس الجمهورية ميشال عون و"حزب الله"، مسؤولية الفشل في تشكيل الحكومة التي تحاكي تطلعات اللبنانيين.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، زار بيروت، الأربعاء، والتقى الرئيس اللبناني وعدداً من المسؤولين، وأكد أن القاهرة ستواصل جهودها لدعم استقرار لبنان، ومساعدته في الخروج من المأزق السياسي وتشكيل حكومة تحظى بدعم عربي ودولي.

الاستعصاء السياسي

وفي تعليقه على أهمية المساعي العربية، في وقت لم تنجح أي من المساعي السابقة لحل الأزمة اللبنانية، أشار السنيورة إلى أن "مصر والجامعة العربية لطالما لعبا دوراً مهماً في دعم استقرار لبنان وصموده، والتأكيد على سيادته واستقراره، لا سيما أن لبنان يمر في الوقت الحالي بظروف شديد الصعوبة والمخاطر".

واعتبر السنيورة، أن الأزمة اللبنانية تشتد بسبب عدم القيام بالإصلاحات المطلوبة، ولا سيما تشكيل حكومة تحظى بثقة اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي. وتابع: "عندما زار الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون بيروت مباشرة بعد الانفجار المريب الذي وقع في المرفأ، التقى مع الشباب وسمع مطالباتهم بوجود حكومة من الاختصاصيين المستقلين وغير الحزبيين. لكن ما يجري اليوم، أن هناك محاولات لتشكيل حكومة بناءً على عملية المحاصصة الحزبية على الحقائب، رغم أن هذه الطريقة أثبتت فشلها سابقاً وأوصلت لبنان إلى الانهيار الحاصل".

وأشار السنيورة إلى أن "عملية تشكيل الحكومة اصطدمت باستعصائين، الأول يمارسه الرئيس اللبناني ميشال عون وصهره رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، حيث يصران على أن تكون الحكومة ممثلة لمختلف الأحزاب، وهو ما يخالف المبادرة الفرنسية، ومطالب اللبنانيين الذين يأملون أن تتمكن هذه الحكومة من تحقيق الإصلاحات التي عجزت عنها سابقاتها".

وأضاف أن "الاستعصاء الثاني يتمثل في دور حزب الله، الذي يريد من جهة أن تستمر هذه الرهينة (الحكومة) التي تمثل لبنان، لاستعمالها كوسيلة ضغط تزيد قدرة إيران التفاوضية مع الولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى يريد أن يجعل عملية تشكيل الحكومة جزءاً من الاستحقاق الرئاسي القادم في لبنان، ليمارس دوره الطاغي في البلاد، ويختار بنفسه الرئيس الجديد".

مبادرة نبيه بري

وأكد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق خلال حديثه لـ"الشرق"، أن أسلوب المحاصصة سيجعل الحكومة "تولد ميتة، وستزداد الأمور اهتراءً"، وفق تعبيره، معللاً ذلك بحالة الانهيار التي يشهدها لبنان وغياب الثقة بين المواطنين من جهة، والمنظومة السياسية ورئاسة الجمهورية من جهة ثانية، إضافة إلى ضعف ثقة المجتمعين العربي والدولي بالدولة اللبنانية.

واعتبر السنيورة أن الأفكار التي طرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومنها رفع عدد الحقائب الوزارية إلى 20 أو 24، لا تمثل أي مشكلة في طريق تشكيل الحكومة، وقال: "تستند مقترحات بري إلى المبادرة الفرنسية، لكن ما نراه اليوم هو محاولات لإلهاء الناس، ولفت انتباهم عن المعضلة الرئيسية المتمثلة بممارسات رئيس الجمهورية والتسلط الذي يمارسه حزب الله".

اتفاق الطائف

وفي رده على سؤال حول مصير اتفاق الطائف عام 1989 والذي أنهى الحرب الأهلية في البلاد، في ظل تعثر تشكيل الحكومة، أوضح السنيورة أن "إنجازات اتفاق الطائف، لا تقتصر على إنهاء الحرب الأهلية فحسب، لكنه أيضاً حل المشكلة الأساسية لما يُسمى بالمجتمعات المتنوعة، إذ ركز على فكرة العيش المشترك والاعتراف بالآخر واحترام الدولة وسلطتها، واحترام الشرعيتين العربية والدولية".

وقال إن "بعض الأطراف اللبنانية تحاول تسليط الضوء على أن المشكلة بالنظام السياسي أو باتفاق الطائف، لكن المشكلة في الواقع تتمثل بالممارسات التي لا تستند على الدستور، وتشتيت انتباه الناس. وهو ما عبر عنه البطريرك بشارة بطرس الراعي، عندما قال مؤخراً إن المشكلة ليست بالدستور، بل في من يطبقه ويخالف مبادئه".

التدقيق الجنائي

كما اتهم السنيورة رئيس الجمهورية، بـ"إزاحة الأنظار عن المشكلة الحقيقية عبر التركيز على موضوع التدقيق الجنائي"، وأوضح أن "رئيس الجمهورية وجماعته رفضوا ما تقدمت به حكومتي منذ 14 عاماً، عندما اقترحنا مشروع قانون لإخضاع كل ما يتعلق بمالية الدولة ومؤسساتها وإداراتها لشركات التدقيق العالمية، لكنهم فجأة يتحدثون عنه اليوم".

وختم السنيورة حديثه لـ"الشرق"، قائلاً إن "المخرج الوحيد لحل الأزمة اللبنانية واستعادة ثقة المواطنين يبدأ بتشكيل الحكومة. ويجب ألا يكون هناك من أحد بمعزل عن المساءلة والمحاسبة".

وفي هذا السياق، كان وزير المالية اللبناني غازي وزني قال في مقابلة مع "الشرق"، إن احتمالية خسارة أموال المودعين اللبنانيين والعرب في المصارف اللبنانية، "موجودة بالنسبة لجميع المودعين... ولكنها ليست حتمية"، مشيراً إلى وجود ما يزيد على 700 ألف عائلة لبنانية في حاجة إلى دعم في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ الحرب الأهلية التي انتهت عام 1990.

وبشأن تحقيقات مصرف لبنان التي تقودها شركة التدقيق الجنائي "ألفاريز آند مارشيل"، أوضح وزير المالية اللبناني، أن هناك تطورين بهذا الخصوص، الأول يتعلق بتسليم بقية المستندات المطلوبة من الشركة بعد قرار مجلس النواب رفع السرية المصرفية عن مصرف لبنان وحساباته، والثاني مترتب على السابق ويتعلق بقدرة المصرف الآن على إرسال المستندات المطلوبة في الأسابيع المقبلة، وهكذا تكون أبواب جديدة فُتحت أمام شركة التدقيق الدولية.

وكشف وزير المالية أن العمل جارٍ على إعداد عقد جديد في هذا الخصوص، لأن رفع السرية المصرفية تم بالتوازي بين حسابات مصرف لبنان وحسابات الوزارات والإدارات والمجالس والصناديق، ومن هنا فإن مهام التدقيق الجنائي في المرحلة المقبلة ستكون أوسع بكثير من حصرها في مصرف لبنان، وهذا يتطلب عقداً جديداً مع شركة "ألفاريز" أو مع شركات أخرى مهتمة بعملية التدقيق الجنائي.