ما هو بروتوكول إيرلندا الشمالية ولماذا تسعى بريطانيا لتعديله؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
سفن شحن في ميناء بلفاست بإيرلندا الشمالية - 2 يناير 2021 - REUTERS
سفن شحن في ميناء بلفاست بإيرلندا الشمالية - 2 يناير 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

قدمت الحكومة البريطانية مشروع قانون لتعديل بروتوكول إيرلندا الشمالية بشكل أحادي للبرلمان، في تنفيذ عملي لتهديداتها بتعديل البروتوكول الذي يحكم علاقاتها التجارية مع إيرلندا الشمالية منذ خروج لندن من الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يشعل فتيل حرب تجارية جديدة.

وفيما أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس الاثنين أن لندن لا تزال ترغب في حل تفاوضي مع الاتحاد الأوروبي، إلا أنها قالت إن لندن لن تنتظر لإصلاح "مشكلات البروتوكول"، وأن الاتحاد الأوروبي "يجب أن يكون راغباً في تعديل البروتوكول".

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اعتبر الاثنين، أن ما تريده حكومته هو تبسيط للإجراءات البيروقراطية عبر "حزمة صغيرة من التغييرات" على البروتوكول، معتبراً أن شن بروكسل حرباً تجارية ضد بريطانيا بسبب تلك التغييرات سيكون أمراً "منافياً للعقل" حسبما قال جونسون.

ووقعت بريطانيا والاتحاد الأوروبي بروتوكول إيرلندا الشمالية ضمن اتفاق أوسع للتجارة بينها وبين بروكسل بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وكان يفترض أن يدخل البروتوكول حيز التنفيذ في يناير 2021 ولكنه لم ينفذ حتى الآن بالكامل نظراً للمفاوضات الجارية بين لندن وبروكسل حسبما ذكر جونسون الاثنين، والتي فشلت حتى الآن في الوصول إلى اتفاق.

ما هي الاتفاقية؟ 

تملك إيرلندا الشمالية حدوداً مباشرة مع الاتحاد الأوروبي، عبر حدودها من جمهورية إيرلندا، وتفاوضت بريطانيا أثناء خروجها من الاتحاد على بروتوكول يتيح بشكل ما، تفادي نشوء حدود مادية بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية، من خلال إبقاء الأخيرة عملياً، جزءاً من السوق الأوروبية الموحدة.

وتنص الاتفاقية على أن تظل جزيرة إيرلندا بأكملها في السوق الموحدة مع حدود جمركية في البحر الإيرلندي، لتحتفظ إيرلندا الشمالية عملياً بقدم في كلا النظامين، البريطاني والأوروبي.

هذا النظام تطلب إجراء فحوصات جمركية على البضائع التي تنتقل من بريطانيا إلى إيرلندا الشمالية، ولكن المؤسسات الموالية لبريطانيا في بلفاست تقول إن الأمر يؤدي لتقويض مكانتها في المملكة المتحدة.

عدم إقامة حدود بين إيرلندا وجارتها الشمالية، التي هي جزء من المملكة المتحدة، كان يعني أن على الاتحاد الأوروبي حماية سوقه التجارية الموحدة، عبر إقامة حدود جمركية بين إيرلندا الشمالية وبقية المملكة المتحدة، للسلع التي تعتبر "معرضة لخطر" الانتقال إلى سوق الاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى زيادة التكاليف وأسعار المستهلكين، والغضب بين النقابيين "البروتستانت" في المنطقة.

كيف يعمل البروتوكول؟

تخضع البضائع التي تدخل إيرلندا الشمالية من بريطانيا العظمى لإجراءات الاتحاد الأوروبي في الموانئ.

ولتنفيذ تلك الإجراءات يتم إنشاء حاجز بحري إيرلندي، وهو ما وعد بوريس جونسون بـ"ألا يحدث".

تسبب تنفيذ تلك الإجراءات في تأخيرات في وصول البضائع وأرفف فارغة في المتاجر، فيما قرر بعض الموردين عدم توجيه بضائعهم لإيرلندا الشمالية نظراً للصعوبات التي تفرضها تلك القواعد وكذلك التكلفة حسبما ذكرت شبكة "سكاي" البريطانية.

فرضت تلك الإجراءات أيضاً صعوبات في نقل الأدوية وتنقل الحيوانات الأليفة مع أصحابها والبذور والزرع.

لم يتم تنفيذ كل الإجراءات التي نص عليها البروتوكول، بسبب فترة سماح أوروبية، مددتها المملكة المتحدة وهو ما أثار نزاعاً مع الاتحاد الأوروبي الذي اتهم بريطانيا بخرق القانون الدولي.

ما الذي تريده حكومة جونسون؟

لم تعلن الحكومة البريطانية عن خطتها بالكامل بعد، لكنها ترغب في تعليق أجزاء من البروتوكول بشكل أحادي، وتقترح إنشاء "ممر أخضر" لنقل البضائع من بريطانيا إلى إيرلندا الشمالية، وإلغاء القواعد التي تمنع البلاد من الاستفادة من المساعدات الضريبية، وإنهاء دور محكمة العدل الأوروبية باعتبارها الحكم الوحيد في أي نزاع. 

وشدد وزير الدولة البريطاني لشؤون إيرلندا الشمالية على أن التشريع بتعديلات على البروتوكول "ضمن حدود القانون" رغم الانتقادات الموجهة له.

ما هي المادة 16؟

لتعديل البروتوكل، على بريطانيا تفعيل المادة 16 من اتفاق "بريكست"، وتتيح هذه المادة لكلا الطرفين (بريطانيا والاتحاد الأوروبي) اتخاذ خطوات، أو ضمانات، في سياق المعاهدة، في حال أدى البروتوكول إلى خلق صعوبات اقتصادية، أو اجتماعية، أو بيئية خطيرة يمكن أن تستمر، أو أن تؤدي إلى تحويل المسار التجاري.

ولكن المادة 16 لا تسمح لأي طرف بإلغاء البروتوكول بالكامل. 

كيف سترد بروكسل؟

بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن هذا يعتبر تراجعاً عن اتفاقية دولية، ومن شأنه أن يبرر إجراءات انتقامية تجارية.

وهددت بروكسل بأنها ستستجيب من خلال اتباع الإجراءات القانونية وفرض رسوم جمركية حسبما نقلت وكالة "رويترز"، ورأت الوكالة أن تلك الخطوة سيكون لها تأثير خطير في الوقت الذي يتقلص فيه الاقتصاد البريطاني مع توقعات بوصول معدل التضخم إلى 10%.

وزير الدولة البريطاني السابق في وزارة الخروج من الاتحاد الأوروبي، فيليب ريانكروفت، حذر من أن مشروع القانون الجديد يخاطر بإشعال حرب تجارية جديدة إذا ما أصرت حكومة جونسون على نهجها الحالي.

وقال إن الاتحاد الأوروبي "لن يتصرف بطريقة طفولية انتقامية" اليوم، ولكنه سيأخذ رد فعل إذا مررت الحكومة القانون الجديد، وحذر من "حرب تجارية شاملة" مع الاتحاد الأوروبي وهو ما قد يعني أن الاتحاد لن ينسحب فقط من البروتوكول ولكن من اتفاقية التجارة والتعاون بالكامل، ونظراً لحالة الاقتصاد اليوم فإن "هذا هو آخر شيء نريده".

موقف الاتحاديين في إيرلندا الشمالية؟

تعارض الأحزاب الثلاثة المؤيدة للاتحاد مع بريطانيا الاتفاق، ويقولون إن إقامة حدود بحرية يهدد مكانة إيرلندا الشمالية في المملكة المتحدة.

ما هو موقف القوميين؟

الحزبان الرئيسيان "شين فين" و"SDLP" يدعمان الاتفاق، ويعتبران أن البروتوكول يمنع إقامة حدود مادية على الجزيرة الإيرلندية، وترى ميشيل أونيل، التي ينتظر أن تصبح رئيسة لوزراء إيرلندا الشمالية في صفقة تقاسم للسلطة بعد الانتخابات المحلية الأخيرة، أن البروتوكول "أداة ضد بريكست".

واتهمت ماري لو ماكدونالد، زعيمة الحزب الجمهوري في إيرلندا الشمالية (شين فين)، الأحد الحكومة البريطانية بـ"انتهاك القانون الدولي" عبر التعديل، مؤكدة أن "البروتوكول يعمل". واعتبرت أن رئيس الوزراء بوريس جونسون يحاول عبر ذلك استعادة سلطته.

كيف ترى إيرلندا تعديل البروتوكول؟

من جهتها، حذرت جمهورية إيرلندا، الجارة الأقرب من المقاطعة البريطانية، من تعديل البروتوكول من جانب واحد.

وفي مكالمة استغرقت 12 دقيقة بين وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس ونظيرها الإيرلندي سايمون كوفيني، قال الأخير إن هذا التشريع سيكون بمثابة انتهاك من جانب بريطانيا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي واتفاقية الخروج من الاتحاد الأوروبي وبروتوكول إيرلندا الشمالية، محذراً من أن ذلك من شأنه الإضرار بالعلاقات بين البلدين وكذلك بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

ووصف كوفيني التحرك البريطاني بأنه "لحظة سيئة" في نهج المملكة المتحدة تجاه بركسيت، خاصة أن وزيرة الخارجية البريطانية لم تنخرط بشكل ذي معنى في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي منذ فبراير الماضي".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات