تستأنف تركيا، الخميس، المحادثات مع السويد وفنلندا بشأن انضمامهما إلى حلف شمال الأطلسي في بروكسل، وسط خلافات مستمرة بشأن خطوات وفاء ستوكهولم بالالتزامات التي قطعتها لأنقرة.
وكانت تركيا علّقت التفاوض مع السويد وفنلندا يناير الماضي، بعد حادثة "حرق نسخة من القرآن" أمام السفارة التركية في العاصمة السويدية، وأشارت في الآونة الأخيرة إلى أنها ستوافق فقط على انضمام فنلندا.
ونسقت ستوكهولم وهلسنكي بين طلبيهما للانضمام للحلف على نحو وثيق قبل تسليمهما معاً العام الماضي، لكن الرئيس التركي أبدى اعتراضه على انضمام الدولتين الإسكندنافيتين بحجة أنه يريد أن تتبنى السويد "موقفاً أكثر حزماً ضد النشطاء الأكراد"، الذين يعتبرهم "إرهابيين".
وتستضيف العاصمة البلجيكية بروكسل، الخميس، الاجتماع الثالث للآلية المشتركة الدائمة، المتشكلة في إطار المذكرة الثلاثية بين تركيا وفنلندا والسويد.
وبالتوازي مع الاجتماع الثلاثي في بروكسل، من المرتقب أن تتخذ الحكومة السويدية الخميس قراراً رسمياً بشأن مقترح يجري الإعداد له منذ فترة طويلة لتجريم الانضمام إلى منظمة إرهابية أو دعمها، وفقاً لوكالة رويترز.
وتهدف ستوكهولم إلى إدخال التشريع حيز التنفيذ في الأول من يونيو إلّا أنه لم يتم تحديد موعد لتصويت البرلمان على مشروع القانون.
ستولتنبرج: "الوقت حان"
وعشية استئناف المفاوضات، أصدر الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج تصريحات متفائلة، بشأن انضمام السويد وفنلندا.
وقال خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون في ستوكهولم، إن إنجاز انضمام البلدين إلى الحلف هو "أولوية قصوى، ونحن نحرز تقدماً".
وقال ستولتنبرج: "التقيت مؤخراً الرئيس التركي (رجب طيب) أردوغان، ويسعدني أنه وافق على استئناف الاجتماعات" الثلاثية مع السويد وفنلندا. وأكد أن "القضية ليست ما إذا السويد ستدخل التحالف ولكن متى".
إلى ذلك، اعتبر الأمين العام لحلف الناتو أن السويد التي تعطل تركيا طلب انضمامها "وفّت بالتزامات" كانت قد قطعتها لأنقرة في مدريد يونيو الماضي، وأن "الوقت قد حان للانتهاء من عملية المصادقة".
أنقرة تعارض
وفي المقابل، نقلت وكالة الأنباء التركية "الأناضول" عن مصادر دبلوماسية تركية القول، إنه "رغم التصريحات الصادرة عن حلف الناتو بشأن التزام السويد وفنلندا بتعهداتهما، فإن الأمر ليس كذلك في الواقع".
وأضافت المصادر أن "إجراء بعض التغييرات في القوانين، والتصريحات ينبغي أن تتحول إلى خطوات ملموسة، على سبيل المثال منع الأنشطة الإرهابية، بما في ذلك تمويل الإرهاب، والتجنيد والدعاية وغيرها".
ومؤخراً، صرّح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن ثمّة تعهدات بشأن انضمام السويد إلى الناتو، مشيراً إلى أن موافقة أنقرة على عضوية ستوكهولم غير ممكنة ما لم تُنفّذ تلك التعهدات.
كما اعتبر أن بلاده يمكنها أن تقيّم ملف انضمام فنلندا إلى "الناتو" بمعزل عن ملف السويد، لأن موقفها من فنلندا إيجابي، بحسب تعبيره.
طي صفحة "الحياد"
ومع الغزو الروسي لأوكرانيا، قررت فنلندا والسويد طي صفحة عدم الانحياز العسكري المعتمد منذ تسعينيات القرن الماضي، والموروث عن حياد استمر لعقود، مع تقديم طلب للانضمام إلى "الناتو".
وصادقت 28 دولة من أعضاء الحلف الثلاثين على دخول البلدين إلى صفوف "الناتو"، باستثناء المجر، المعروفة بمواقفها المبهمة حيال موسكو، وتركيا التي تجمعها علاقات معقدة مع السويد بسبب اتهامها بإيواء عناصر من "حزب العمال الكردستاني".
وأكدت فنلندا حتى الآن عزمها الانضمام إلى الحلف بالتزامن مع السويد. إلّا أن الصعوبات الكبيرة التي تواجهها ستوكهولم مع أنقرة، التي بلغت ذروتها مع حوادث دبلوماسية في يناير، غيّرت المعطيات.
وأقر ستولتنبرج مطلع فبراير، بأن المهم ليس دخول البلدين بالتزامن إلى الحلف، بل أن يحدث ذلك بأسرع وقت ممكن.
وتريد غالبية من الفنلنديين (53%) الانضمام إلى "الناتو" من دون انتظار السويد، وفق ما أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه مطلع فبراير.
وكانت فنلندا جزءاً من السويد حتى عام 1809، قبل أن تتحول إلى دوقية روسية كبيرة حتى استقلالها خلال الثورة الروسية عام 1917.
وتتشارك فنلندا، التي التزمت الحياد بعد حربها مع الاتحاد السوفييتي خلال الحرب العالمية الثانية، أطول حدود أوروبية مع روسيا بعد أوكرانيا.
وسيُقام سياج عالٍ اعتباراً من الربيع على أجزاء من الحدود الممتدة على 1340 كيلومتراً، نتيجة للتوتر مع روسيا.
اقرأ أيضاً: