ما الفرق بين مناطيد التجسس والأقمار الاصطناعية؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
صورة لما يعتقد أنه المنطاد الصيني فوق سماء مونتانا، الولايات المتحدة. 1 فبراير 2023  - Chase Doak via REUTERS
صورة لما يعتقد أنه المنطاد الصيني فوق سماء مونتانا، الولايات المتحدة. 1 فبراير 2023 - Chase Doak via REUTERS
دبي-الشرق

ساد قلق في الإدارة الأميركية على مدى اليومين الماضيين، إثر رصد منطاد صيني في سماء البلاد. ورغم نفي بكين من أن يكون طابعه تجسسي، إلا أن طبيعته وقدرته على تغيير مساره أثارا مخاوفاً من أن يكون جزءاً من برنامج تجسسي أوسع نطاقاً.

وكالة "بلومبرغ" أشارت إلى أن حجم المنطاد وسوابق الصين في إطار أنشطة التجسس السابقة، تقدم تفاصيلاً جديدة تتعلق بالمخاطر الاستخباراتية التي يشكلها المنطاد، وذلك استناداً إلى جهود البلد الآسيوي السابقة في هذا المجال، بما في ذلك أثناء إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب.

وتعتقد الولايات المتحدة أن مسار المنطاد جاء بالمناطق التي يشغل بها الصينيون بالفعل أقماراً اصطناعية مجهزة لالتقاط صور عالية الدقة للبنية التحتية والقواعد العسكرية للبلاد. فما مزايا المناطيد عموماً والصينية خصوصاً، وما الفرق بينها وبين الأقمار الاصطناعية؟

كيف يعمل منطاد التجسس؟

صحيفة الجارديان ، قالت إنه يمكن تثبيت كاميرات رصد للتصوير على المنطاد، كما يمكن تزويده برادار لإجراء مسح كامل في المنطقة المستهدفة.

وتحلق المناطيد على ارتفاعات تصل بين 24 إلى 37 كيلومتراً فوق سطح البحر، وبعضها يحلّق على ارتفاعات أعلى، متخطية الحركة الجوية التجارية، بحيث لا تكون على مسار الطائرات التي لا ترتفع فوق 12 كيلومتراً.

ووفقاً للصحيفة، فقد تم استخدام المناطيد لأغراض التجسس لأول مرة في ستينيات القرن الـ 19، وتحديداً أثناء الحرب الأهلية في الولايات المتحدة.

وبعد الحرب العالمية الثانية مباشرة بدأ الجيش الأميركي في استكشاف استخدام مناطيد التجسس على ارتفاعات عالية، مما أدى إلى سلسلة من المهام واسعة النطاق تسمى "Project Genetrix".

وبحسب وثائق حكومية أميركية أوردتها الصحيفة، فإن المشروع نقل مناطيد فوتوجرافية فوق أراضي الكتلة السوفياتية خلال خمسينيات القرن الماضي.

وبعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، بدأ الجيشان الأميركي والسوفياتي في استكشاف سبل استخدام مناطيد التجسس على ارتفاعات عالية.

ويقول كريج سينجلتون الخبير الصيني في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" لوكالة "رويترز"، إن "مثل هذه البالونات استخدمتها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي على نطاق واسع خلال الحرب الباردة، وكانت وسيلة منخفضة الكلفة لجمع المعلومات الاستخباراتية".

مميزات المناطيد الصينية

المصادر الاستخباراتية الأميركية، قالت لـ "بلومبرغ"، إن المناطيد الصينية قادرة على تصوير المنشآت من زوايا مختلفة على عكس الأقمار الاصطناعية، ما يوفر ميزة فريدة، مستندين في ذلك إلى أن المنطاد الذي رُصد في أيداهو ومونتانا، تمركز بموطن مراكز صنع الصواريخ النووية الأميركية ومنشآت الأبحاث. 

وتعتقد الولايات المتحدة أن الصينيين حاولوا شراء عقارات بالقرب من مختبر أيداهو الوطني التابع لوزارة الطاقة، حيث تجري الحكومة أبحاثاً وتطويرات عسكرية حساسة، إذ تتعمد بكين نشر المناطيد بشكل غير متوقع، بحيث لا يكون لدى واشنطن وقتاً لإخفاء المعلومات القيمة. 

وغالباً ما تحتوي المناطيد الصينية على مستشعرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء توفر معلومات مختلفة عن الأقمار الاصطناعية، وبشكل مماثل لما توفره مناطيد التجسس الأميركية.

ويرى صنّاع مناطيد التجسس الأميركية أن أجهزتهم "لديها القدرة ليس فقط على التقاط الصور، ولكن اعتراض الاتصالات، بالإضافة إلى توسيع الخدمة الخلوية، ونطاق الطائرات المسيرة والأصول العسكرية الأخرى".

وفي هذا الصدد، قال أحد كبار مسؤولي الأمن القومي من إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، إن المنطاد الذي تم رصده هذا الأسبوع فوق مونتانا "لم يكن الأول الذي تكتشفه الولايات المتحدة فوق أراضيها، لكن واشنطن لم تشهد أي منها بالقرب من مواقع حساسة من قبل". 

وعلى عكس الحالات السابقة، فإن هذا المنطاد باقٍ فوق البر الرئيسي للولايات المتحدة، ويستمر في التحرك شرقاً، إذ غادر المجال الجوي الأميركي الاثنين، ليتم اكتشافه مرة أخرى الثلاثاء فوق شمال ولاية ايداهو. 

الفرق بين المناطيد والأقمار الاصطناعية 

ومن أهم مزايا المناطيد هي الكلفة المنخفضة مقارنة بوسائل التجسس الأخرى كطائرات "الأواكس" الاستطلاعية والأقمار الاصطناعية ذات الأغراض العسكرية، التي تتطلب قاذفات فضائية تكلف مئات الملايين من الدولارات.

وتعمل المناطيد على رصد مساحات شاسعة من الأراضي من مسافة قريبة نسبياً، ويمكنها قضاء المزيد من الوقت فوق المناطق المستهدفة، وفقاً لتقرير صدر عام 2009 لكلية القيادة الجوية والأركان التابعة للقوات الجوية الأميركية.

وتختلف الأوزان التي يحملها المنطاد تبعاً لحجمه وكذلك المدى الأقصى لمسيرته، وبحسب وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، فعادة ما يحمل أدوات صغيرة أو كبيرة باختلاف المهمة.

ويمكن للمنطاد أن يحمل أوزاناً تصل لنحو 3.5 طن. كما تختلف سرعة المنطاد بحسب الارتفاع الذي يحلق فيه، إلا أن سرعته يمكن أن تصل إلى نحو 50 كيلومتراً في الساعة.

من جانبها، نقلت مجلة "جاينز" البريطانية المختصة بالشؤون العسكرية عن جوش والش، نائب رئيس برامج شركة "SNC's Mission Solutions & Technologies" إن المنطاد يمكن أن يتفوق على الأنظمة الأساسية الأخرى من خلال قدرته على دمج الحمولات الكبيرة واستعادة الحمولات بسرعة.

وأضاف أن "المناطيد توفر ارتفاعات تشغيلية أعلى من الطائرات، ويمكن أن توفر أوقات مراقبة أطول بأحجام ووزن وقوة وتكلفة أقل بكثير" من الوسائل الأخرى.

في حين، أفادت مجلة "بوليتيكو" بأن مناطيد التجسس موجودة منذ أواخر القرن الـ 18، مشيرة إلى أن أحد أسباب استخدامها في الوقت الحالي هو تحليقها على ارتفاعات عالية من أجل مهام المراقبة وبكلفة أقل من الأقمار الاصطناعية.

كما يمكن أن تحمل هذه المناطيد حمولة أكثر من المُسيرات، كما تحلق لمسافات أطول من دون الحاجة إلى التزود بالوقود، إضافة إلى قدرتها على أن تحوم فوق نقطة محددة بوقت أطول، مقارنة بالمرور المداري للقمر الاصطناعي.  

طبيعة "خادعة"

ويمكن للمناطيد عالية الارتفاع أن تتظاهر بسهولة أكبر بأنها مدنية بطبيعتها، فعلى سبيل المثال، إذا كانت هناك طائرة عسكرية صينية مسيرة تحلق فوق المجال الجوي الأميركي، فسيكون من السهل معرفة أن الحكومة الصينية هي التي قامت بإطلاقها لأغراض عسكرية. 

أما باستخدام منطاد التجسس، يمكن للحكومات الأجنبية الادعاء بأنه يستخدم لغرض مدني، مثل مراقبة أنماط الطقس. وأعلنت بكين ذلك الجمعة، قائلة إن المنطاد "كان يستخدم في أنشطة الرصد الجوي"، وفقاً لـ "بوليتيكو".

يشار إلى أن المناطيد جاءت على 3 أشكال (غير صلبة وشبه صلبة والصلبة)، إذ بدأت محاولات التحكم في طيران المناطيد بعد اختراعها في ثمانينيات القرن الـ 18.

وجرت أول رحلة طيران مأهولة بالمنطاد فوق باريس عام 1783، وقطعت الرحلة حوالي 9 كيلومترات خلال 23 دقيقة، إذ استعملت المناطيد للأغراض المدنية، وأهمها النقل الجوي.

وفي الفترات اللاحقة، تم تطوير الاستخدامات العسكرية للمناطيد، فقد استعان نابليون بونابرت بمناطيد المراقبة في بعض المعارك التي خاضها في القرن الـ 19.

وجرى استخدامها في الحرب العالمية الأولى، واستخدمت حينها لأغراض متعددة منها مراقبة تحركات العدو وجمع المعلومات ورمي المناشير الدعائية، وذلك وفقاً لموقع "المتحف الأميركي" المخصص للحرب العالمية الأولى.

ثم جرى تزويد المناطيد بمدافع رشاشة وما يصل إلى نحو طنين من القذائف لتستخدم في المعارك. واستخدمت القوات الاميركية نحو 265 منطاداً للمشاركة في الحرب.

 اقرأ أيضاً:

تصنيفات