"قاعدة باغرام".. الجيش الأميركي يغادر موقع السيطرة على أفغانستان

time reading iconدقائق القراءة - 5
جندي من الجيش الأفغاني يقف حراسة في قاعدة باغرام الجوية شمال كابول بعد مغادرة جميع القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي، أفغانستان 2 يوليو 2021. - AFP
جندي من الجيش الأفغاني يقف حراسة في قاعدة باغرام الجوية شمال كابول بعد مغادرة جميع القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي، أفغانستان 2 يوليو 2021. - AFP
دبي -أ ف ب

غادرت جميع القوات الأميركية، وقوات حلف الناتو، أكبر قاعدة جوية في أفغانستان هي قاعدة باغرام، الجمعة، حسبما أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية، في مؤشر على أن الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية بعد حرب متواصلة منذ عقدين، بات وشيكاً.

وكتب المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية فؤاد أمان، على "تويتر": "انسحبت القوات الأميركية وقوات التحالف بالكامل من القاعدة، وبالتالي ستقوم قوات الجيش الأفغاني بحمايتها واستخدامها لمحاربة الإرهاب".

وشكلت قاعدة باغرام مركزاً أساسياً للعمليات الأميركية الاستراتيجية في أفغانستان، إذ انطلقت منها عام 2001 الحرب الطويلة على حركة طالبان وتنظيم القاعدة المتحالف معها في في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.

مركز انطلاق عملياتي

ولعبت القاعدة التي تقع على مسافة 50 كيلومتراً من كابول، على مدى عقود، دور نقطة الارتكاز للقوات الأجنبية التي تقاتل الحركات المسلحة، ورمزاً للفظاعات التي ارتكبت على مدى سنوات من النزاعات في هذا البلد، وتعتبر حيوية لضمان أمن العاصمة، وذات أهمية استراتيجية كبرى للسيطرة على شمال أفغانستان بالكامل.

وعلى مر السنوات الماضية، استقبلت القاعدة مئات الآلاف من العسكريين الأميركيين، ومن حلف شمال الأطلسي، ومقاولين متعاقدين مع القوات الأميركية والدولية، ومنها انطلقت الطائرات العسكرية لشن ضربات جوية على طالبان وحلفائها من تنظيم القاعدة، ومنها نظمت عمليات إعادة تموين القوات.

مفارقة الحرب الباردة

وتعاقبت عدة جهات على السيطرة على القاعدة منذ بنائها وعلى مدى عقود من النزاعات التي عصفت بأفغانستان.

وشيّدت الولايات المتحدة القاعدة لحليفتها أفغانستان خلال الحرب الباردة في خمسينيات القرن الماضي، كحصن منيع في وجه الاتحاد السوفياتي في الشمال، وللمفارقة أصبحت مركز انطلاق الغزو السوفياتي للبلاد عام 1979، وقام الجيش الأحمر بتوسيعها بشكل كبير خلال احتلاله الذي استمر قرابة عقد من الزمن.

وخلال فترة احتلالها، خرجت خطط الاتحاد السوفياتي لاحتلال أفغانستان بعد اجتياحها عام 1979. وما زال من الممكن حتى الآن رؤية هياكل دبابات سوفياتية صدئة على حافة الطريق بين كابول وباغرام، في تذكير بأكثر من 4 عقود من النزاعات التي أنهكت البلد.

سيطرة أفغانية-روسية

وبعد انسحاب القوات السوفياتية عام 1989، سيطرت الحكومة الأفغانية المدعومة من موسكو على القاعدة، قبل أن تنتقل السيطرة إلى إدارة المجاهدين المنقسمة بين مختلف الفصائل خلال الحرب الأهلية الأفغانية.

وأصبحت باغرام أساسية في الحرب الأهلية الطاحنة، وذكرت تقارير أنه في مرحلة ما كانت طالبان تسيطر على جزء من المدرج الممتد على مسافة 3 كيلومترات، فيما كان ائتلاف الشمال المعارض يسيطر على الجزء الآخر.

وفي نهاية المطاف، وقعت باغرام في قبضة طالبان خلال صعود الحركة إلى السلطة في منتصف التسعينيات.

وبعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 واجتياح الولايات المتحدة للبلاد على رأس تحالف عسكري، عادت القاعدة تحت السيطرة الأميركية. وفي العقدين الأخيرين، استقبلت القاعدة زيارات عديدة من الرؤساء الأميركيين السابقين.

مركز ترفيه عسكري

وفي مرحلة ما، كانت القاعدة تضم أحواض سباحة وصالات سينما ومنتجعات، بل وحتى محلات للمأكولات السريعة مثل "برغر كينغ" و"بيتزا هات"، كما كانت تضم سجناً احتجز فيه آلاف الجهاديين، وعناصر من طالبان.

وفي الأشهر القليلة الماضية تعرضت باغرام لرشقات صاروخية تبناها تنظيم داعش، ما أثار مخاوف من أن يكون المتشددون يفكرون في استهدافها في المستقبل.

وحتى مايو الماضي، كان ينتشر في أفغانستان قرابة 9500 جندي أجنبي، يمثل العسكريون الأميركيون أكبر كتيبة بينهم بواقع 2500 عنصر.

اختبار لقدرات كابول

وتشكل قدرة القوات الأفغانية على فرض سيطرتها في القاعدة، مسألة محورية في ضمان أمن العاصمة كابول المجاورة، ومواصلة الضغط على حركة طالبان.

وقال الخبير في شؤون أفغانستان نيشانك موتواني، ومقره في أستراليا، إن خروج القوات الأجنبية من قاعدة باغرام "يرمز إلى أن أفغانستان وحيدة وتركت للدفاع عن نفسها في مواجهة هجوم طالبان".

وأضاف: "بعد وصولهم إلى بلادهم، سيراقب الأميركيون وقوات التحالف ما حاربوا بشدة لبنائه على مدى 20 عاماً وهو يحترق من بعيد، ويعرفون أن الرجال والنساء الأفغان الذين حاربوا معهم يخاطرون بفقدان كل شيء".

وتوقع عدد من أهالي باغرام أن الأمن سيتدهور مع مغادرة القوات الأجنبية. وقال مطيع الله، وهو صاحب محل أحذية في سوق باغرام لوكالة "فرانس برس" إن "الوضع فوضوي أساساً وهناك انعدام أمن شديد والحكومة ليس لديها أسلحة ومعدات كافية".

ورأى فضل كريم، وهو ميكانيكي دراجات، أنه "منذ أن بدأوا الانسحاب، ساء الوضع، ليس هناك عمل ... لا أشغال".

كان الرئيس الأميركي جو بايدن، أعلن في أبريل الماضي، بعد أشهر من المشاورات، أن آخر القوات الأميركية ستغادر أفغانستان بحلول 11 سبتمبر المقبل، واضعاً حداً لأطول حرب في تاريخ أميركا.

اقرأ أيضاً: