قال مسؤول كبير بالخارجية الأميركية، الثلاثاء، إن طرفي الصراع في السودان لا ينتهزان فرصة المحادثات التي أتاحتها لهما الولايات المتحدة والسعودية في جدة، في حين قالت الخارجية السعودية إن الرياض وواشنطن يواصلان تقريب وجهات النظر بين طرفي الصراع.
وأعلنت السعودية، أنها سترأس بالمشاركة مع قطر، مؤتمر "المانحين للسودان والمنطقة" لإعلان تعهدات بشأن جهود الاستجابة الإنسانية في السودان والمنطقة في 19 يونيو الجاري.
وقالت الخارجية السعودية، في بيان، إن المملكة ستشترك في رئاسة المؤتمر مع قطر ومصر وألمانيا والأمم المتحدة ممثلة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، والاتحاد الأوروبي، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وأكدت أن السعودية والولايات المتحدة مستمرتان في "تيسير وتقريب وجهات النظر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محادثات جدة، بهدف تخفيف المعاناة عن الشعب السوداني، وإنهاء الأزمة عبر الحوار السياسي".
وقال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، في تغريدة على تويتر، الثلاثاء، إن المملكة "تواصل مساعيها لتخفيف آثار الأزمة في السودان ونأمل انتهاء هذه المأساة الإنسانية قريباً".
وأعرب عن تطلع المملكة إلى مشاركة واسعة من الدول المانحة للمساهمة في تخفيف آثار الأزمة.
تشاؤم أميركي بشأن المحادثات
المسؤول الأميركي الذي تحدث للصحافيين في واشنطن، وطلب عدم الكشف عن هويته، قال إن محادثات جدة التي تهدف إلى اتخاذ خطوات نحو وقف دائم للأعمال القتالية، "لا تحقق نجاحاً بالنظر إلى ما تم الاتفاق عليه في البداية" مع الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع.
واندلع قتال عنيف بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، في 15 أبريل، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً، وكان من المفترض أن تنتهي العملية بإجراء انتخابات خلال عامين، لكن الطرفين اختلفا بشأن خطط دمج قوات الدعم السريع في الجيش.
واتفق الطرفان برعاية سعودية أميركية على أكثر من هدنة خلال المعارك المستمرة بينهما منذ ما يقرب من شهرين، لكنهما يتبادلان الاتهامات بانتهاكها مراراً.
واعتبر المسؤول الأميركي أن "محادثات جدة لا تحقق نجاحاً" فيما يتعلق بالتوصل لوقف دائم للأعمال القتالية، مشيراً إلى أن واشنطن تتشاور حالياً مع السعوديين والأفارقة والعرب وشركاء آخرين بشأن سبيل المضي قدماً في السودان، معرباً عن أمله في التوصل إلى نتيجة خلال الأيام القليلة المقبلة.
آليات مراقبة وقف إطلاق النار
في السياق نفسه أكد عضوان في المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، الثلاثاء، أن السعودية والولايات المتحدة تدرسان تطبيق آليات أكثر لمراقبة أي وقف محتمل لإطلاق النار.
وقال مصطفى محمد إبراهيم، عضو المكتب في تصريحات خاصة لوكالة أنباء العالم العربي AWP، إن هذه الآلية قد تتضمن مراقبة جوية إضافية إلى جانب مراقبة الأقمار الصناعية التي كانت مطبقة سابقاً.
وأضاف: "الآلية ستشمل أيضاً وجود لجان على الأرض مكونة من ممثلين عن كل من الجيش السوداني والدعم السريع، فضلاً عن لجان لمنظمات وهيئات دولية كالصليب الأحمر".
وقال إبراهيم مخير عضو المكتب لوكالة أنباء العالم العربي، إن قيادة قوات الدعم السريع "تدرس بدقة إمكانية التعاون بين مبادرة (إيقاد) والمبادرة الأميركية السعودية"، على أن يكون دور مبادرة "إيقاد" داعماً للمبادرة الأميركية السعودية التي قطعت شوطاً كبيراً وأثبتت أن بالإمكان وقف القتال في السودان".
وقال مخير، إن قوات الدعم السريع لم تتلق أي مقترحات من الوساطة السعودية الأميركية منذ انتهاء هدنة الـ 24 ساعة، الأحد الماضي.
وأضاف: "لا توجد مقترحات جديدة مطروحة على قيادة قوات الدعم السريع، وكل المقترحات الحالية تتعلق بضرورة ضبط النفس بصورة أكبر في مناطق الاشتباكات".
البرهان لن يلتقي حميدتي
كان الرئيس الكيني، وليام روتو، أعلن، الاثنين، في بيان، أن مبادرة قمة الهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد) بشأن الأزمة السودانية، تبحث مع طرفي النزاع فتح ممرات إنسانية خلال أسبوعين، فضلاً عن إدارة حوار وطني خلال 3 أسابيع بين قوى مدنية سودانية لبحث التوصل إلى حل للأزمة.
وأعلنت كينيا سعيها لترتيب لقاء بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، في محاولة لوضع حدّ للنزاع، لكن مسؤول سوداني أكد، الثلاثاء، أن "البرهان لن يلتقي خصمه حميدتي في ظل الظروف الراهنة"،بحسب تصريحاته لوكالة "فرانس برس".
في المقابل لم يصدر تعليق عن "حميدتي" أو قوات الدعم السريع.
وكان روتو قال للصحافيين إنّ "كينيا تلتزم بجمع الجنرالين السودانيين في لقاء وجهاً لوجه في إحدى عواصم المنطقة لإيجاد حلّ دائم للأزمة"، وفق بيان أصدرته الرئاسة، مساء الاثنين.
وقالت السعودية والولايات المتحدة، البلدان اللذان يرعيان المحادثات، في بيان مشترك، الأحد، إنهما لاحظا أن وقف إطلاق النار الذي انتهى صباح الأحد "مكّن من إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية، وتحقيق بعض تدابير بناء الثقة".
قتال بالطيران والمدافع
ميدانياً قال شهود عيان، إن العاصمة السودانية الخرطوم تشهد، الثلاثاء، هدوءاً حذراً بعد قتال عنيف بالمدافع والطيران بين الجيش وقوات الدعم السريع استمر ليومين على التوالي، عقب هدنة قصيرة لمدة 24 ساعة انتهت صباح الأحد.
وأبلغ سكان بجنوب العاصمة، بأن القصف المدفعي وسقوط القذائف على الأحياء استمر حتى وقت متأخر من مساء الاثنين، وقال أيوب جمعة: "على الرغم من توقف القتال صباح الثلاثاء، إلا أن الطيران الحربي ما زال يحلق في سماء العاصمة، ما يعني أن هناك نية لاستمرار القتال".
وأضاف: "لم يتوقف تساقط الدانات والقذائف على أحياء جنوب الخرطوم منذ يومين، مساء الاثنين، سقطت دانة في منزل أحد الجيران تسببت في إصابة 3 أشخاص من الأسرة".
وأشار جمعة إلى أن الأسرة وجدت صعوبة في الوصول إلى مستشفى بشائر، وهو المستشفى الوحيد الذي يعمل بمنطقة جنوب الخرطوم، بسبب استمرار القتال وانتشار القوات العسكرية في الطرق الرئيسية والأزقة في الأحياء.
وتابع: "كانت الدماء تغطي المكان، ولم نستطع فعل شيء. هذا إحساس صعب للغاية".
وأبلغ سكان في مدينة أم درمان، بسماع دوي طلقات مدافع متقطع شمال المدينة، صباح الثلاثاء، مع تحليق مكثف للطيران الحربي.
وقالت ماريا حامد، التي تسكن شمال المدينة، إن الأوضاع هدأت في الصباح، لكن الناس "تسمع دوي مدافع من وقت لآخر. كانت الاشتباكات بالأمس في الشوارع المحيطة بنا، تساقطت فوارغ الرصاص في فناء منزلنا وفي شوارع الحي، واضطررنا للاختباء تحت الأسّرة".
وأشارت إلى أن الاشتباكات أدت إلى اندلاع حريق في إحدى الصيدليات الكبرى التي تعمل بانتظام منذ بداية الصراع، كما أن معظم المحال التجارية والمخابز بالمنطقة لم تتمكن من فتح أبوابها نتيجة للرعب.
ويعاني المدنيون ظروفاً معيشية صعبة بعد أن تحوّلت مناطق سكنية في الخرطوم وأنحاء أخرى من البلاد إلى ساحات للمعارك العسكرية، مع انقطاع الكهرباء والمياه ساعات طويلة وخروج العديد من المستشفيات عن الخدمة.
على الصعيد ذاته، أعلن الممثل الخاص للأمين العام للسودان ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، فولكر بيرتس، أن الأمم المتحدة غير قادرة في هذه المرحلة على التحقق من جميع الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، موضحاً أن المعلومات الواردة من العديد من كيانات المجتمع المدني وشبكات المدافعين عن حقوق الإنسان ترسم صورة واضحة لنطاق التأثير المدمر على السكان المدنيين.
اقرأ أيضاً: