بعد انضمام إيران إليها.. ما هي منظمة شنغهاي للتعاون؟

time reading iconدقائق القراءة - 13
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال كلمته في قمة شنغهاي للتعاون، عقب انضمام بلاده رسمياً للمنظمة- 4 يوليو 2023 - via REUTERS
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال كلمته في قمة شنغهاي للتعاون، عقب انضمام بلاده رسمياً للمنظمة- 4 يوليو 2023 - via REUTERS
دبي-الشرق

أصبحت إيران، الثلاثاء، رسمياً العضو التاسع في منظمة شنغهاي للتعاون، فيما تسعى أن تساعدها القوة الاقتصادية للتكتل الآخذ في التوسع بقيادة الصين وروسيا، في تخفيف العقوبات الغربية عليها.

وشارك الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في قمة شنغهاي الافتراضية، التي اختضنتها الهند الثلاثاء، بصفته ممثلاً لبلد كامل العضوية في المنظمة، بعدما ظلت إيران تحضر لقاءات المنظمة لسنوات بصفتها مراقب وشريك.

وعبّر رئيسي عن ارتياحه، خلال خطاب ألقاه عبر تقنية الفيديو خلال القمة، من انضمام بلاده إلى التكتل، قائلاً إن "شنغهاي منظمة متنامية ذات مؤشرات وقدرات كبيرة وموقع متميز ، ومزايا هذه العضوية الرسمية لإيران في شنغهاي ستبقى خالدة في التاريخ".

وأضاف أن منظمة شنغهاي للتعاون "تمثل أكثر من 60% من سكان منطقة أوراسيا وأكثر من 40% من سكان العالم"، مضيفاً أن "هذه القدرة الهائلة أعطت لهذه المنظمة قدرات واسعة لتطوير التجارة وتعميق التعاون الاقتصادي في أشكال مختلفة".

 "ناتو الشرق"

"منظمة شنغهاي للتعاون" هي كتلة أمنية أسستها الصين، وروسيا، ودول آسيا الوسطى عام 2001، ويصفها البعض بأنها "ناتو الشرق"، في إشارة إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وتهدف منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)، التي ولدت من رحم "مجموعة شنغهاي الخمسة" (تأسست في عام 1996)، إلى "تقوية الثقة المشتركة وعلاقات حسن الجوار بين الدول الأعضاء"، وكذلك "تعزيز التعاون السياسي الفعال في مجالات السياسية والتجارة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والتعليم ضمن مجالات أخرى"، بحسب الموقع الرسمي للمنظمة، والذي يعتمد الصينية والروسية والإنجليزية لغات رئيسية له.

وأُعلن تأسيس المنظمة في 15 يونيو 2001، وتضمنت قائمة الدول المنضمة حينها، بالإضافة إلى الصين، كل من كازاخستان وقيرغيزستان وروسيا الاتحادية، وطاجيكستان وجمهورية أوزبكستان.

وباستثناء أوزبكستان، فإن بقية الدول الأعضاء المؤسسة كانت أعضاء في مجموعة "شنغهاي الخمسة"، وهي رابطة سياسية تأسست على وثيقتي اتفاقية "بناء الثقة في المجال العسكري في المناطق الحدودية" والموقعة في شنغهاي عام 1996، واتفاقية "التخفيض المشترك للقوات المسلحة في المناطق الحدودية" والموقعة في موسكو عام 1997.

وقالت المنظمة إن الوثيقتين وضعتا أسس الثقة المشتركة في المناطق الحدودية وساهمتا في تأسيس "شراكة حقيقية" بين تلك الدول.

وعقب انضمام أوزبكستان لمجموعة "شنغهاي الخمسة"، في عام 2001، أعيد تسمية المجموعة لتصبح "منظمة شنغهاي للتعاون".

أعضاء المنظمة

وكانت تضم المنظمة 8 دول كاملة العضوية هي: الهند وكازاخستان والصين وقيرغيزستان، وروسيا، وباكستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان. ثم أصبح عدد أعضاء المنظمة 9 بعد انضمام إيران.

كما تضم 4 دول تحمل صفة مراقب، وهي أفغانستان وبيلاروس ومنغوليا، و6 دول تملك صفة "شركاء الحوار": وهي أذربيجان وأرمينيا وكمبوديا ونيبال وتركيا وسريلانكا.

وفي عام 2021، وافقت المنظمة على منح السعودية ومصر  وقطر صفة "شريك في الحوار". وفي مايو الماضي٫ مُنحت دولة الإمارات رسمياً صفة " شريك حوار " في المنظمة.

ماذا وراء انضمام إيران؟

بدأت مساعي إيران للانضمام إلى التكتل منذ عام 2005،  بحسب "بلومبرغ"، التي قالت إن عضوية النادي باتت هدفاً رئيسياً لتيار المحافظين في أيران، الذين أصبحوا بعد انتخاب إبراهيم رئيسي رئيساً في يونيو 2021، يسيطرون على كل أدوات السلطة.

وترغب السلطة في إيران التوصل إلى تكامل اقتصادي مع بكين وموسكو لتيسير استبدال بعض التجارة الخاضعة للعقوبات مع الاقتصادات الغربية.

ورغم أن رئيسي لمّح عقب انتخابه إلى نية إدارته العودة إلى مفاوضات فيينا، التي كانت متوقفة حينها بشأن رفع العقوبات الأمريكية وكبح البرنامج النووي الإيراني، لكن بدا واضحاً فيما بعد أن إيران تنتهج مواقف متشددة في المفاوضات صعّبت من إحياء الاتفاق النووي ما أدى إلى تعثرها.

وتضم منظمة شنغهاي للتعاون بعض عناصر التبادل الأمني، مثل نهج مشترك لمكافحة "الإرهاب". ومع ذلك فإن أهداف ميثاقها تميل بقوة نحو التعاون التجاري والاقتصادي، بما في ذلك التطوير المشترك لـ"أنظمة الطاقة" و"النمو الاقتصادي المتوازن"، من دون السماح لأي دولة بالسيطرة.

ويرى سايمون بيراني، محلل الغاز في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، أنه من غير المرجح أن تجلب العضوية الإيرانية لمنظمة شنغهاي للتعاون أي فائدة فورية لطهران، بما في ذلك إمدادات الطاقة الحيوية، إذ لاتزال الشركات التي تشارك في قطاع النفط والغاز الإيراني تخضع لعقوبات ثانوية أميركية، مما يعرضها للمخاطر إذا ساعدت في بناء البنية التحتية التي تحتاج إليها إيران لزيادة الإنتاج.

ويضيف بيراني في حديثه لـ"بلومبرغ"، أن "المشكلات التي تواجه صادرات النفط الإيرانية بسبب العقوبات التي تتعلق بالغاز أيضاً"، علماً أن استهلاك الغاز المحلي لإيران مرتفع جداً، لذلك "رغم أنها أحد المنتجين الرئيسيين فإن السوق المحلّية تستهلك معظم هذا الغاز ".

منافس شرقي

في عام 2017، وصفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الكتلة الأمنية، التي تقودها الصين وروسيا بأنها المنافس الشرقي المستقبلي لحلف الناتو، وهو العام نفسه الذي أقرت فيه المنظمة عضوية الهند وباكستان، أول عضوان ينضمان للمنظمة منذ إنشائها في 2001.

واعتبرت الصحيفة الأميركية حينها أن تلك الخطوة تعني أن تطور المنظمة سيتواصل، وقالت إن انضمام إيران وتركيا (وهو ما حدث مذاك ولكن بصفة مراقب وشريك للحوار على الترتيب) سيمنح المنظمة زخماً في منطقة الشرق الأوسط.

وقالت إنه في حال توسعت المنظمة إلى الشرق الأوسط، فعلى الأرجح فإن الدول العربية سترغب في الانضمام، مع الصورة البادية لواشنطن حينها، بنفض يديها من الإقليم.

تعزيز علاقات الدول الأعضاء

من جهتها، رأت مجلة "ناشيونال إنتريست" الأميركية، في تحليل في نوفمبر 2021، أن المنظمة ليست بمثابة "ناتو شرقي" أو "حلف وارسو" جديد، وقالت إن المنظمة التي تتسم بالصفة الإقليمية وتركز على العلاقات الخارجية في ميثاقها وتصريحاتها، تركز فعلياً على العلاقات الداخلية بين دولها "ممارسة وقولاً"، كما أن تركيزها الجغرافي لا يزال ينصب على آسيا الوسطى.

المجلة الأميركية رأت أن طبيعة المنظمة وأداءها عبر العقدين الماضيين، وكذلك سياساتها ومنظور الدول الأعضاء فيها، تجعل من فرضية أن المنظمة "كتلة شرقية تسعى لمواجهة مع الغرب" نظرية مرفوضة.

والمنظمة التي تنص المادة الثانية من ميثاقها على أنها "غير موجهة ضد أي دولة أو منظمة دولية"، سبق وأن انتقدت الولايات المتحدة والناتو والتدخل العسكري في أفغانستان.

ولفتت المجلة الأميركية إلى أن ميثاق المنظمة لا يتضمن معاهدة دفاع جماعي، بعكس حلف وارسو وحلف الناتو، كما أن مقاربة المنظمة للأزمات الدولية والإقليمية، هي مقاربة "عدم التدخل"، وأشارت في هذا السياق، إلى التعامل السلبي للمنظمة مع الحرب في أفغانستان على مدى العقدين الماضيين.

وأضافت المجلة أن عدداً من دول وسط آسيا انخرطت في تعاون أمني وعسكري مع الولايات المتحدة والناتو، كما أن عضوية الهند، التي تملك علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة، هي "عامل ردع مهم" في تحول المنظمة إلى كتلة مناهضة للولايات المتحدة.

نظام عالمي جديد

وتقول المنظمة إنها تهدف عبر الجهد الجماعي للدول الأعضاء إلى "ضمان الأمن والسلام والاستقرار في الإقليم، والتحرك نحو تأسيس نظام سياسي واقتصادي عالمي جديد، ديمقراطي وعادل وعقلاني".

ووفقاً للمنظمة، فإن نشاطاتها الداخلية (بين الدول الأعضاء) تقوم على "الثقة المتبادلة والنفع المشترك والحقوق المتساوية، والتشاور واحترام التنوع الثقافي والتطلع إلى التنمية".

فيما تقوم سياساتها الخارجية على الامتثال لسياسات ومبادئ "عدم الانحياز، وعدم استهداف أي أحد، وكذلك الانفتاح على العالم".

جهود إقليمية

وركزت المنظمة في البداية على"الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب والنزعات الانفصالية والتطرف في وسط آسيا".

ووقع نص ميثاق المنظمة في قمة سانت بطرسبرغ في روسيا بحضور زعماء دول المنظمة في يونيو 2002، ودخل حيز التنفيذ في 19 سبتمبر 2003.

ويحدد الميثاق أهداف المنظمة وهيكلها وكذلك مناطق نشاطها، وفي عام 2006 أعلنت المنظمة خططها لمكافحة تهريب المخدرات وتمويل الإرهاب العالمي عبر تلك التجارة.

وفي عام 2008 شاركت المنظمة بشكل فعال في "تطبيع الوضع في أفغانستان".

وفي الجانب الاقتصادي، وقعت الدول الأعضاء في المنظمة في 2003 برنامجاً مدته 20 عاماً، بشأن التعاون التجاري والاقتصادي. وقالت المنظمة إن الهدف طويل المدى هو إنشاء منطقة حرة في أراضي الدول الأعضاء تحت مظلة المنظمة، وفي المدى القصير تهيئة بيئة مواتية للتجارة والاستثمار بين الدول الأعضاء.

هيكل المنظمة ومقرها 

يتخذ القرارات في المنظمة زعماء الدول الأعضاء، ويلتقي زعماء المنظمة مرة واحدة سنوياً لمنح التوجيهات بشأن نشاطاها، ومناقشة استراتيجية التعاون المشترك وأولويات العمل، وحل مشكلات التعاون القائمة في المجالات الاقتصادية وغيرها، وكذلك التصديق على موازنة المنظمة.

ويقع مقر أمانة المنظمة في بكين، ويتم ترشيح أمينها العام من قبل مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء، وتتم الموافقة عليه بواسطة زعماء الدول. ويتم تعيين الأمين العام من بين مواطني الدول الأعضاء، على أساس تداولي يقوم على الأبجدية الروسية.

ومدة مأمورية الأمين العام للمنظمة هي 3 سنوات غير قابلة للتمديد. والأمين العام الحالي للمنظمة هو تشانج مينج، وهو نائب سابق لوزير الخارجية الصيني (2013 – 2017) وسفير سابق فوق العادة ورئيس بعثة الصين في الاتحاد الأوروبي (2017 – 2021).

تنضوي تحت مظلة المنظمة لجنة تنفيذية "لمكافحة الإرهاب الإقليمي"، تعرف باسم RATS، وهي هيئة دائمة مقرها طشقند عاصمة أوزبكستان.

وتعمل الهيئة وفقاً لميثاق المنظمة، ومؤتمر شنغهاي لمكافحة الإرهاب والنزعات الانفصالية والتطرف.

وزير الدفاع الهندي راجناث سينج، دعا، الأربعاء، المنظمة إلى الاتحاد وراء هدف "مكافحة وتحييد الإرهاب"، بما في ذلك ا"لإرهاب العابر للحدود"، واصفاً الظاهرة بأنها "أحد أخطر التحديات التي تواجه الأمن والاستقرار العالمي".

وشدد في هذا السياق، على أن "أراضي أفغانستان لا ينبغي أن تستخدم لتهديد أو إرهاب أي دولة أخرى"، حسبما ذكرت صحيفة "هندوستان تايمز".

وبالإضافة لتلك الهيئة، هناك مجلس الأعمال، الذي أُسس في 14 يونيو 2006، وهو منظمة غير حكومية تمثل منظمة شنغهاي، وتهدف إلى توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري، وتوجيه الحوار بين مجتمعات المال والأعمال في الدول الأعضاء.

تحالف بنكي

وهناك أيضاً هيئة "إنتربنك كونسورتيوم"، وهو تحالف مصرفي تأسس في أكتوبر 2005، لتوفير التمويل والخدمات البنكية للمشروعات الاستثمارية التي ترعاها حكومات الدول الأعضاء.

ويلتقي أعضاء التحالف في توقيت يتم اختياره بإجماع بين الأطراف مرة واحدة على الأقل. ويتم تداول رئاسة التحالف المصرفي بالتبادل بين الدول الأعضاء.

ومن بين البنوك المشاركة "بنك كازاخستان للتنمية"، و"بنك التنمية الصيني"، و"بنك التسويات والمدخرات القيرغيزي"، و"بنك التنمية والعلاقات الاقتصادية الأجنبية" الروسي، و"بنك الادخار الطاجيكي" (أموناتبونك)، و"البنك الوطني للنشاطات الاقتصادية" الأوزبكستاني.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات