يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضغوطاً من أجل الاعتذار عن التأثير المدمر الذي تسببت به التجارب النووية الفرنسية، مع بدء أول رحلة رسمية له إلى أرخبيل بولينيزيا الفرنسية.
وخلال زيارته التي تستمر أربعة أيام، يتحدث ماكرون عن مسألة التجارب النووية في الفترة بين عامي 1966 و1996، إضافة إلى مناقشة الدور الاستراتيجي لهذا الإقليم الواقع جنوب المحيط الهادئ، والأخطار الوجودية الناجمة عن ارتفاع مستوى البحر الناتج من تغير المناخ.
ويأمل سكان هذا الأرخبيل، الذي يضم أكثر من 100 جزيرة تقع بين المكسيك وأستراليا، أن يعتذر ماكرون عن التجارب النووية، ويؤكد تقديم تعويض لضحايا الإشعاعات.
والتقى ماكرون بعد وصوله، السبت، عاملين في مستشفى يكافحون فيروس كورونا في الإقليم شبه المستقل، حيث يتخذ كثيرون مواقف مشككة تجاه اللقاحات.
وقال: "أريد أن أبعث برسالة قوية جداً لدعوة الجميع إلى تلقي اللقاح.. عندما تتلقون اللقاح تصبحون محصنين، ويصبح احتمال نشركم الفيروس منخفضاً جداً".
معدلات مرتفعة لحالات السرطان
وقال مسؤول رئاسي فرنسي، طلب عدم نشر اسمه، إن ماكرون "سيشجع عدة خطوات ملموسة"، في ما يتعلق بإرث التجارب النووية، مع مراجعة العديد من أرشيفات الدولة والتعويضات الفردية.
ونفى مسؤولون فرنسيون التستر على تعرّض السكان للإشعاعات النووية، خلال اجتماع عقد في وقت سابق من هذا الشهر، مع مندوبين من الإقليم شبه المستقل، بقيادة رئيسه إدوار فريتش.
وجاء الاجتماع بعدما أفاد موقع "ديسكلوز" الاستقصائي الفرنسي في مارس بأن تأثير تداعيات التجارب النووية كان أوسع مما اعترفت به السلطات، مستشهداً بوثائق عسكرية فرنسية، رفعت عنها السرية، مرتبطة بالتجارب البالغ عددها 193.
وأضاف "ديسكلوز" أنه تم تعويض 63 مدنياً في بولينيزيا فقط عن التعرّض للإشعاع، منذ انتهاء الاختبارات عام 1996، مقدراً أن أكثر من 100 ألف شخص ربما أصيبوا في المجموع، مع انتشار سرطان الدم والأورام اللمفاوية وأمراض سرطانية أخرى.
وقال أوغست أوبي-كارلسون، رئيس رابطة لضحايا التجارب النووية، "نتوقع اعتذاراً من الرئيس". وأضاف "مثلما اعترف بأن الاستعمار في الجزائر كان جريمة، نتوقع منه أيضاً أن يعلن أن التجارب النووية جريمة، وأنها شكل من أشكال الاستعمار المرتبط بالطاقة النووية هنا في المحيط الهادئ".
ولفت باتريك غالينون، الرئيس السابق لنظام الضمان الاجتماعي في الإقليم، إلى أن الإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 40 و50 عاماً "لديهن أعلى معدلات لسرطان الغدة الدرقية في العالم"، مقدراً أن هيئة حماية الطفل أنفقت 670 مليون يورو على معالجة أمراض ناجمة عن الإشعاعات منذ عام 1985.
ويبلغ عدد سكان بولينيزيا، وهي إقليم من ثلاثة أقاليم فرنسية في المحيط الهادئ، قرابة 280 ألف نسمة، وهم منتشرون على عدد كبير من مجموعات جزر، تمتد على مساحة مماثلة في الحجم لأوروبا الغربية. وتاهيتي هي أكثر الجزر كثافة سكانية.