حظي السياسي الإسرائيلي زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، قبل عام بفرصة تشكيل حكومة في وقت كان يتصدر نتائج الاستطلاعات، لكنه اليوم وقبل نحو أسبوع من انعقاد رابع انتخابات خلال عامين بات يواجه خطر التهميش السياسي.
وفاز "أزرق أبيض" بزعامة غانتس رئيس هيئة الأركان السابق، في انتخابات مارس 2020، بـ33 مقعداً، قبل أن يفشل في تشكيل ائتلاف في البرلمان المكون من 120 مقعداً.
وصدم غانتس أنصاره بعد أسابيع عدة بتحالفه مع خصمه اليميني بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومة "وحدة"، تزامناً مع الموجة الأولى لفيروس كورونا.
وقال غانتس، الجمعة، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: "لست نادماً على الموافقة على الانضمام إلى الائتلاف لأنني فعلت ذلك بدافع المسؤولية تجاه إسرائيل في وقت أزمة"، على الرغم من انهيار التحالف بسبب ذلك.
ووصف كثيرون خطوة غانتس بـ"الخيانة"، خصوصاً بعد أن ظهر في الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في عام 2019، وكأنه يحمل على عاتقه مهمة الإطاحة برئيس الوزراء صاحب أطول مدة في منصبه.
وأصبح غانتس بموجب الائتلاف الحكومي مع نتنياهو، وزيراً للدفاع على أن يحل مكان نتنياهو كرئيس للوزراء بعد 18 شهراً، لكن سرعان ما انهار التحالف في ديسمبر.
واتهم معسكر غانتس رئيس الوزراء وحزبه الليكود، بالمماطلة عمداً في إقرار ميزانية عام 2021 من أجل إبقاء نتنياهو في منصبه.
ولاحقاً، حُل البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) وتمت الدعوة إلى إجراء انتخابات في مارس، في خطوة خيبت آمال الناخبين.
وقال غانتس إن الحاجة إلى انتخابات وطنية أخرى هي مسؤولية نتنياهو "الوحيدة".
مراوغة سياسية
وأقر غانتس بأن أي فكرة لقيادة الحكومة ولت منذ زمن طويل. وأشار غانتس إلى أن "النزاهة تبقى من أهم المقوّمات في الانتخابات".
وقال: "لم أتخل عن البقاء مستقيماً، وقمت بحماية استقلالية النظام القضائي ضد هجمات أولئك الذي يريدون تقويض الديمقراطية".
وأضاف: "لست مستعداً لأن أكون مراوغاً في السياسة، أنا رجل نزيه وسأظل كذلك".
وأوضح أنه "في اليوم التالي للانتخابات، سأدعم أي شخص غير نتنياهو قادر على تشكيل ائتلاف من 61 صوتاً ويؤيد استقلال القضاء واحترام الديمقراطية".
وبتحالفه مع نتنياهو، دفع غانتس (61 عاماً) نصف النواب في حزبه للاستقالة بدلاً من الانضمام إلى رئيس الوزراء الذي يحاكم منذ مايو بتهم تتعلق بالفساد.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن الشخصيات المتبقية من حزب أزرق أبيض ستفوز بأربعة أو خمسة مقاعد فقط في الانتخابات المقبلة.
ويمنح النظام البرلماني في إسرائيل والقائم على التمثيل النسبي والمساومة بين الأحزاب ذات الأجندات المتضاربة غالباً، الحزب الوسطي فرصة في اختيار رئيس الوزراء المقبل.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب المفتوحة دينيس شاربيت أنه "لو أن نجح غانتس في إلزام نتنياهو باتفاق التناوب على المنصب، لكان تم قبول قراره من قبل مؤيديه بالانضمام إلى الائتلاف على مضض".
وأضاف: "في نهاية المطاف إذا لم يتم احترام الصفقة التي التزم بها فلن تُغفر الخيانة".
ويرى شاربيت أن غانتس "سيواجه هزيمة كاملة عشية الانتخابات الجديدة".
تراجع الشعبية
يبدو أن تراجع رصيد غانتس السياسي، أثر على الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها كرئيس سابق لهيئة الأركان.
ولطالما حظيت الشخصيات العسكرية المتقاعدة بالاحترام والثقة وتصل إلى مناصب عامة رفيعة، كما حصل مع كل من إسحاق رابين وإيهود باراك وأرييل شارون، الذين تولى كل منهم في مرحلة ما رئاسة الوزراء.
وقبل عامين وعندما ظهر حزب أزرق أبيض لأول مرة، عيّن غانتس الذي كان رئيس هيئة الأركان خلال الحرب على قطاع غزة في عام 2014، اثنين من كبار الضباط السابقين في فريقه السياسي، هما موشيه يعالون وغابي أشكينازي.
لكن يبدو أن الأولويات قد تغيرت خلال أزمة فيروس كورونا.
وقال شاربيت: "تمتع غانتس وأشكينازي بمصداقية كبيرة عند الناس، لكن ذلك لم يكن كافياً في فترة كانت فيها الأولوية على الجبهة الصحية أكثر منها على الجبهة الأمنية".
وأطلق نتنياهو حملة تطعيم طموحة ضد كورونا تعتبر الأسرع والأوسع نسبة لعدد سكانها، وذلك بعدما أبرم صفقة مع شركة فايزر الأميركية التي زودته بمخزون كافٍ من اللقاحات، مقابل إمداداها بالبيانات الصحية حول تأثير منتجها على متلقيه.