
ارتفعت وتيرة الاحتجاجات التي يشهدها شرقي السودان خلال الأيام الماضية، اعتراضاً على مسار الشرق في اتفاق السلام الذي وقّع في جوبا السبت، بين "الجبهة الثورية" والحكومة السودانية، واحتجاجاً على التهميش الذي تعانيه المنطقة.
وأغلق محتجون غاضبون ميناء "بورتسودان" في إقليم الشرق، الذي يُعد المنفذ الرئيس لاقتصاد البلاد، كما توفي ضابط شرطة طعناً على يد محتجين غاضبين، في محاولة لإيصال أصواتهم الغاضبة إلى الخرطوم، التي سارعت بعقد اجتماع لمجلس الدفاع والأمن لمناقشة الأزمة.
قرارات سيادية
من جانبه، أعلن مجلس الأمن والدفاع، عقب اجتماعه، الثلاثاء، تكوين لجان لمعالجة قضايا شرقي السودان، ولجنة تحضيرية للإعداد لـ"المؤتمر التشاوري الدستوري" بشأن اتفاقية السلام، التي جرى توقيعها في جوبا أخيراً.
وستكون اللجنة التحضيرية للإعداد لـ"المؤتمر التشاوري الدستوري لمواطني شرق السودان"، بشأن اتفاقية السلام في جوبا برئاسة عضو المجلس السيادي الفريق مهندس إبراهيم جابر.
وفي هذا السياق، قال وزير الدفاع السوداني اللواء ياسين إبراهيم ياسين في تصريحات صحافية، إن"الاجتماع ناقش الأحداث في الشرق، وتلقى تنويراً أمنياً من الأجهزة المختصة".
وأضاف أن"المجلس اتخذ قرارات واضحة، في ما يتعلق بحرية التظاهر والاعتصام"، مشدداً على "عدم السماح للمظاهرات بإغلاق الطرق القومية والموانئ، لتأثيرها المباشر في الاقتصاد القومي وعلاقات السودان الخارجية".
اتصالات رفيعة
تعقيدات المشهد في شرقي السودان، وخاصة أنه يعيش وضعاً استثنائياً نتيجة الطبيعة السكانية والتباين القبلي، أثارت قلق القيادة السياسية بالبلاد.
وأفادت مصادر لـ"الشرق"، بأن اتصالات مكثفة يقودها رئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان لتهدئة الأوضاع في الشرق، ولعب دور الوساطة مع نظار القبائل الغاضبة.
وبدا جلياً الاهتمام الحكومي بقضية الشرق، خلال المؤتمر العام الأول لـ"مجلس نظارات البجا"، والذي شهد حضور الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس السيادي.
وطالب المؤتمر "بحق تقرير المصير لشرق السودان"، ورفض التهميش الذي تعانيه المنطقة.
وأقر النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي بـ"الظلم والتهميش الذي عاناه الشرق في الفترات الماضية"، ودعا إلى "توحيد الصفوف والانخراط في عجلة الإنتاج".
وقال دقلو إنه "سيقف مع أهل الشرق لإزالة التهميش وجمع الصف ورتق النسيج الاجتماعي"، مؤكداً أن "السودان ماضٍ نحو التحول الديمقراطي".
الامتحان الأصعب
يرى الكثيرون أن أزمة الشرق، هي التحدي الأكبر أمام الحكومة الانتقالية، فالإقليم المضطرب، لم يهدأ منذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير في إبريل 2019، وظل طوال عام كامل شوكة في خاصرة الحكومة السودانية.
وفي هذا الشأن، أوضح المحلل السياسي، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة كردفان عبد الرحمن عمر لـ"الشرق" أن "مايحدث في شرقي السودان، يمثل التحدي الأكبر للحكومة الانتقالية و الحاضنة السياسية (قوى الحرية والتغيير)، ويؤكد غياب الرؤية الموحدة للتعامل مع الأزمات".
وأضاف عبد الرحمن، أن "الدولة تحتاج إلى بسط سلطتها، وردع كل من يحاول النيل من هيبتها".
الأبعاد الخارجية
من جانبه، قال وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية، فيصل محمد صالح، في تصريحات صحافية، إن "غياب الرؤية الاستراتيجية الموحدة، في التعامل مع أزمة الشرق يزيد الأمر تعقيداً"، مضيفاً أن" البعد الاستخباراتي والدولي لأزمة الشرق، أسهم في تعقيدها".
ودعا صالح إلى إدارة حوار مجتمعي، يهدف إلى نشر ثقافة السلام، مع ضرورة الالتزام ببرامج تنمية الشرق، والعمل على مواجهة الخطاب العنصري والتحريض المباشر.