تقرير: بايدن يأمل بتجنّب "توسيع الشرخ" مع بوتين في قمة جنيف

time reading iconدقائق القراءة - 9
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حين كان رئيساً للوزراء، يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن، عندما كان نائباً للرئيس، خلال لقاء في موسكو - 10 مارس 2011 - REUTERS
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حين كان رئيساً للوزراء، يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن، عندما كان نائباً للرئيس، خلال لقاء في موسكو - 10 مارس 2011 - REUTERS
واشنطن-بلومبرغ

لدى الرئيس الأميركي جو بايدن، هدف متواضع خلال لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين في جنيف الأربعاء، يتمثّل في ألا تزداد العلاقات سوءاً، بين واشنطن وموسكو.

ولبوتين هدف مشابه، لكنه سعيد أيضاً بأن يجتمع ببايدن، رغم اتهامه بالتدخل في الانتخابات الأميركية، وتشجيع هجمات إلكترونية استهدفت الولايات المتحدة، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

ومع اتفاق الجانبين على أن علاقاتهما بلغت أدنى مستوى، منذ نهاية الحرب الباردة، ليست هناك توقّعات بتحقيق صداقة استراتيجية، سعى إليها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أو اختراق نووي ضخم، مثل ذاك الذي أنجزه الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف.

وذكرت "بلومبرغ" أن محللين يقولون إن بايدن حريص غالباً على تجنّب أي توتر آخر مع روسيا، من شأنه أن يصرف انتباهه عن جهوده لإعادة بناء الاقتصاد الأميركي، وتركيز سياسته الخارجية على الصين.

وأضافت أن بايدن سيحظى بفرصة لإعداد استراتيجية في هذا الصدد مع دول حلف شمال الأطلسي، خلال قمة في بروكسل الاثنين، بعد محادثاته في بريطانيا مع قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى.

تشاؤم أميركي وروسي

ونقلت الوكالة عن أندريا كيندال تيلور وهي باحثة بارزة في "مركز الأمن الأميركي الجديد"، قولها: "يريد بايدن علاقة تمنع روسيا من إحباط تنفيذ الولايات المتحدة كل أولويات السياسة الخارجية الأخرى، التي يفضّل التركيز عليها، مثل الصين والمناخ وكوفيد-19".

وبالنسبة إلى بوتين، ثمة "أهمية لأن يُبقي الولايات المتحدة بوصفها عدواً، ويواصل إظهار كيف يمكنه مواجهتها".

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قال الأسبوع الماضي، إن بلاده ليست لديها "توقعات أو أوهام مفرطة"، بشأن نتيجة قمة جنيف، فيما اعتبر نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، أن الاجتماع لن يكون "لحظة مفتاح ضوء"، بالنسبة للجانبين.

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن الشبكات الإخبارية الرسمية الروسية، تلقّت تعليمات بوجوب تجنّب الإكثار من التفاؤل، في تغطيتها للحدث.

والشكوك بشأن ما يمكن تحقيقه خلال القمة، تثير تساؤلاً عن سبب انعقادها علماً أنها كانت فكرة بايدن، وانتقدها الجمهوريون، معتبرين أنه يقدّم هدية لبوتين.

وتعتمد الإستراتيجية الأميركية إزاء الرئيس الروسي على ما يعتبره خبراء "أملاً ساذجاً"، يتمثّل في أن اللقاء المباشر سيشكّل فرصة بالنسبة إلى بايدن لإحداث نوع من ردع موثوق به، ضد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف الولايات المتحدة، وتوضيح العقاب الذي سيواجهه بوتين، إذا واصل هذا المسار.

ويأتي ذلك بعد سنوات على تجاهل موسكو لمطالب واشنطن، من أجل كبح سلوكها، وإقدام الولايات المتحدة على فرض عقوبات.

وقال بايدن في بريطانيا الأحد: "نتطلّع إلى تسوية الإجراءات التي نعتقد بأنها غير متوافقة مع المعايير الدولية".

"هدنة دبلوماسية"

وذكرت "بلومبرغ" أن ثمة مجالات ستبحث فيها الولايات المتحدة، إما عن مساعدة من روسيا، وإما تأمل بألا تعرقل جهودها، في حال تعذرت المساعدة.

ويشمل ذلك محاولة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، إذ تؤدي موسكو دوراً محورياً، في المحادثات الجارية بفيينا.

كذلك تبحث الولايات المتحدة عن مساعدة روسيا، لكبح عنف حركة "طالبان" في أفغانستان، فيما تواصل القوات الأميركية انسحابها من البلد.

ويشكّل ملف التسلّح مجالاً محتملاً لإحراز تقدّم، إذ أن "معاهدة ستارت الجديدة"، التي تفرض قيوداً على أعداد الرؤوس الحربية لدى البلدين، تنتهي في عام 2026.

وتريد الولايات المتحدة تغطية مجموعة كاملة من الأسلحة الاستراتيجية التي لم تشملها المعاهدة، بموجب أي اتفاق مستقبلي، علماً أن هذه المحادثات تستغرق سنوات.

ويمكن للجانبين اتخاذ خطوات محدودة الآن لاستعادة علاقاتهما الدبلوماسية التي تقلّصت خلال عهدَي الرئيسين الأميركيين السابقين، باراك أوباما ودونالد ترمب.

ولا تزال القنصليتان الأميركيتان مغلقتين، في فلاديفوستوك وسان بطرسبرغ، كما ثمة تباطؤ شديد لإصدار التأشيرات، للروس الساعين إلى دخول الولايات المتحدة. كذلك قُطعت قنوات اتصال قديمة كثيرة، بين الحكومتين، وفق "بلومبرغ".

ونقلت الوكالة عن أليكس رودزيانكو، رئيس غرفة التجارة الأميركية في موسكو، قوله إن "الأمل الأكبر" بالنسبة للشركات الأميركية العاملة في روسيا، يتمثّل في أن يقرّر الجانبان "التوصّل إلى هدنة في الحروب الدبلوماسية"، كي تُستأنف الخدمات القنصلية العادية مجدداً.

"منع مزيد من التدهور"

ويُرجّح أن يناقش الرئيسان الأربعاء، نزاعات إقليمية تؤدي فيها روسيا دوراً مهماً، مثل أوكرانيا وسوريا وليبيا.

وسيسعى بوتين إلى نيل دعم من بايدن لفكرته بعقد قمة لزعماء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة.

لكن الرئيس الروسي أشار إلى أنه ليس مستعداً لتقديم تنازلات، في ملفات كثيرة تهمّ بايدن. كذلك تجاهل إلى حد كبير عقوبات فرضتها واشنطن في أبريل الماضي، بعد اختراق إلكتروني ضخم لشركة "سولار ويندز"، ومزاعم بتدخل موسكو في الانتخابات الأميركية.

وقضت محكمة روسية الأسبوع الماضي، بأن حركة يقودها الزعيم المعارض المسجون، أليكسي نافالني، هي جماعة متطرفة.

كذلك أفزعت موسكو الغرب، بعدما حشدت قوات على حدود أوكرانيا الشهر الماضي، ودعمت الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، عندما أرغمت حكومته طائرة تجارية، كانت متجهة من اليونان إلى ليتوانيا، على تغيير مسارها وحطّت في مينسك، حيث احتجزت السلطات صحافياً بيلاروسياً معارضاً، كان في الطائرة.

وقال الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، لشبكة "سي إن إن" الجمعة، إن السبب الرئيس لحضور بوتين القمة هو "الوضع السيء للعلاقات بين بلدينا"، معتبراً أنها قد تكون السبيل الوحيد لـ"منع مزيد من التدهور في الحوار بيننا".

"روسيا لا تريد الاستقرار"

وبعدما كان ترمب وبوتين يتبادلان الإعجاب، وصف بايدن الرئيس الروسي بأنه "قاتل". في المقابل، أشار بوتين إلى "إيجابيات وسلبيات"، معرباً عن "أمل كبير بألا تكون هناك أيّ تحرّكات انفعالية من الرئيس الأميركي الحالي".

ورغم الخبرة التي يتمتع بها بايدن (78 عاماً)، يبدي مسؤولون أميركيون قلقاً، إذ أن قمته مع بوتين ستكون في ختام رحلة تستغرق 8 أيام، ويُرجّح أن يكون متعباً.

ويترقّب مسؤولون في الإدارة احتمال أن يحرص بوتين (68 عاماً)، ووسائل الإعلام الرسمية الروسية، على تسليط الضوء على تقدّم بايدن في السنّ، واستغلال أيّ زلّة قد يرتكبها، وفق "بلومبرغ".

واعتبرت الوكالة أن إعلان البيت الأبيض السبت، أن الرئيسين لن يعقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً، هو مؤشر إلى أن الولايات المتحدة لا ترى أيّ فرصة للانسجام مع بوتين.

واستبعد المسؤولون أيّ احتمال لما يسمّيه محللون "لحظة هلسنكي"، في إشارة إلى قمة جمعت ترمب ببوتين، في فنلندا عام 2018، عندما تبنّى الرئيس الأميركي تصريحاً لنظيره الروسي، يؤكد أن موسكو لم تتدخل في الانتخابات الأميركية، رغم أن أجهزة الاستخبارات تؤكد العكس.

ونقلت "بلومبرغ" عن فيونا هيل التي كانت مسؤولة الشؤون الروسية والأوروبية بمجلس الأمن القومي الأميركي، خلال عهد ترمب، وهي الآن باحثة بارزة في "معهد بروكينغز"، قولها: "روسيا لا تريد الاستقرار حقاً. إنهم يحتاجون إلى احتكاك مع الولايات المتحدة، لأغراض داخلية، وعلينا أن ندرك ذلك". واعتبرت أن بايدن "يدير الفوضى".

اقرأ أيضاً: