قال نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بو صعب، في مقابلة مع "الشرق"، إن الأولوية القصوى للبنان في الفترة الحالية هي "انتخاب رئيس للجمهورية".

وأضاف بو صعب، الذي يشارك في جولة وفد نيابي لبناني إلى واشنطن تمتد لأسبوع، أن أعضاء الوفد سيجري عدداً من اللقاءات تشمل ملفات عدة، أبرزها "إنهاء الفراغ الرئاسي، وحل الأزمة الاقتصادية الخانقة" التي تمر بها بلاده.

وفشل مجلس النواب 11 مرة في انتخاب رئيس جديد للبلاد، وسط تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بلبنان.

وأكد بو صعب أهمية الحوار للوصول إلى حل للأزمة، قائلاً إن "الاتفاق غائب بين الكتل الأساسية في البرلمان والتي بدورها يجب أن تتفق على شخص الرئيس". ولفت إلى أن اختلاف وجهات النظر وعدم التنازل أو التوصل إلى حل وسط بين الفرقاء، منعت انتخاب رئيس للبلاد.

وعند سؤاله بشأن دور واشنطن في التدخل باختيار رئيس لبنان، أشار نائب رئيس مجلس النواب إلى أن "الولايات المتحدة ليس لديها اسم محدد، إنما تهتم بالطريقة التي سيتعاطى بها الرئيس المقبل مع ملفات عدة".

وعن ترشح جبران باسيل رئيس "التيار الوطني الحر" (الذي ينتمي إليه بو صعب)، للرئاسة اعتبر، بو صعب أن "الأجواء ليست مواتية.. إلا في حال جد جديد، وفي هذه الحالة سيتعين تأمين عدد الأصوات اللازمة في المجلس للوصول إلى المنصب". 

"ملفات عدة في واشنطن"

وسيلتقي الوفد اللبناني، بحسب بو صعب، عدداً من أعضاء في مجلسي الكونجرس والشيوخ، ومسؤولين في البيت الأبيض والأمن القومي الأميركي، ووزارتي الخزانة والخارجية، إضافة إلى اجتماعات ستعقد مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وأشار نائب رئيس المجلس النواب اللبناني، إلى أن الوفد سيبحث ملفات عدة في واشنطن تحت مسمى "خارطة الطريق" التي انطلقت خلال ترسيم الحدود البحرية مع المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكستين، والتي تكللت آنذاك باتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس اللبناني السابق ميشال عون.

وقال بو صعب إن "بايدن أكد حينها وجود خطة لإعادة الثقة والاستثمارات إلى لبنان"، مشيراً إلى أن "الوفد اللبناني اليوم في واشنطن يبحث الخطوات التي يمكن أن تؤدي إلى نجاح خارطة الطريق، ومن ثم نقل وجهة النظر إلى الحكومة اللبنانية".

ملف الغاز

وفيما يتعلق بملف الغاز، أشار بو صعب إلى أن "مسألة إيصال الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا، وأيضاً القادمة من الأردن، على مشارف الانتهاء، إلا أنها متوقفة على تفاصيل صغيرة (تقنية) مع البنك الدولي"، لافتاً إلى أن "الوساطة الأميركية ستساهم في تسريع الحل لعودة الكهرباء إلى لبنان".

وأوضح بو صعب أن نقطة الخلاف الرئيسية تكمن في تدقيق الحسابات التي تجرى داخل شركة "كهرباء لبنان"، إذ يطلب البنك الدولي صدور نتائج التدقيق قبل تقديم القرض إلى لبنان، إلا أن الإدارة الأميركية استطاعت تجاوز الخلاف عبر تأجيله كشرط أساسي.

كما أكد أن قضية الغاز لا تشمل العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، والمعروفة بـ"قانون قيصر".

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على سوريا أطلقت عليها "قانون قيصر" الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2020، ويسمح لواشنطن بتجميد أصول أي شخص يتعامل مع الحكومة السورية.

وبسؤاله عن ملف التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، قال إن "هناك سفينة تعمل على المسح، ومن المتوقع أن تبدأ أعمال التنقيب خلال الربع الثاني من العام الحالي".

وفيما يتعلق بترسيم الحدود البرية، اعتبر بو صعب أن الجيش اللبناني يتفاوض عبر الأمم المتحدة مع الجانب الإسرائيلي، وأنه تم "الاتفاق على مجموعة من النقاط، وتبقى 6 أو 7 نقاط يتم النقاش بشأنها".

وفي أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس اللبناني آنذاك ميشال عون، موافقة لبنان على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، واصفاً إياه بـ"الإنجاز التاريخي"، إذ قال إن "لبنان استعاد من خلال الاتفاق 860 كيلومتراً مربعاً من المنطقة المتنازع عليها".

تحقيقات مرفأ بيروت

وبما يخص مرفأ بيروت، هاجم بو صعب القضاء، معتبراً أن "التعامل مع الملف تم بشكل خاطئ من خلال توقيف عدد من المتهمين لمدة عامين ونصف العام، وإخلاء سبيلهم من دون التحقيق معهم ومن ثم اتهام أشخاص آخرين".

وتمنى بو صعب "ألا يكون إخلاء سبيل الموقوفين ناجم عن ضغوطات أميركية بإخلاء سبيل أحد الموقوفين أدى لإخلاء سبيل الجميع"، كما رفض تدويل ملف المرفأ، مشدداً على أن المحاسبة يجب أن تكون "داخلية".

وأكد بو صعب أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي زود الجانب اللبناني بمعلومات بشأن انفجار مرفأ بيروت، ولكن "ليس لدي تفاصيل عن هذه المعلومات"، مطالباً بضرورة إعلان القضاء عن المرحلة التي وصلت إليها التحقيقات.

وفي يناير الماضي، استأنف القاضي طارق بيطار (48 عاماً)، التحقيق بعدما توقف لأكثر من عام، إذ يواجه عقبات وتدخلات سياسية حالت تباعاً دون إتمامه لمهمته، وتهدّد حالياً بنسف التحقيق في الانفجار المروع الذي أوقع في الرابع من أغسطس 2020، أكثر من 215 ضحية و6500 جريح، وألحق دماراً واسعاً بالعاصمة.

"القضاء منهار"

ووصف بو صعب الأجهزة القضائية بـ"المنهارة وغير المستقلة"، وأضاف: "رغم التفاهم بين الأجهزة القضائية والأمنية، إلا أن لدينا علامات استفهام على أداء بعضهم"، مشيراً إلى وجود خلافات داخل مجلس القضاء الأعلى.

وقال نائب رئيس مجلس النواب اللبناني، إن عدداً من المشكلات أصابت الجهاز القضائي والأمني في لبنان أخيراً، مضيفاً أن الأجهزة الأمنية تتصرف وكأن "لا قانون في الدولة، يتم اعتقال المواطنين من دون أوامر قضائية"، واصفاً تصرفات بعض الأجهزة بـ"الميليشياوية".

وعلق بو صعب على هجوم جبران باسيل، على قائد الجيش، جوزيف عون، بسبب الترشح لرئاسة البلاد، مشيراً إلى أن "طريقة تصرف قائد الجيش هي السبب وراء الهجوم عليه"، وأنه "لا يمكن لجوزيف عون التعدي على القانون والتصرف كأنه الآمر الناهي".

اقرأ أيضاً: