وعد الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال قمة في البيت الأبيض، الأربعاء، بدعمه لمواجهة روسيا، ولكنه تهرّب من الإدلاء بموقف حاسم بشأن هذة المسألة البالغة الحساسية، المتمثلة برغبة كييف في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وقال بايدن لدى استقباله ضيفه في المكتب البيضاوي إن "الولايات المتحدة لا تزال مصممة على دعم سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها في مواجهة العدوان الروسي".
وكان مقرراً عقد هذه القمة الاثنين، ولكنها أرجئت مرتين بسبب التطورات المتلاحقة في أفغانستان وطريقة انسحاب الولايات المتحدة من هذا البلد.
وأعطى انسحاب آخر جندي أميركي من أفغانستان بُعداً آخر لزيارة زيلينسكي. واعتبر مسؤولون روس ما جرى في أفغانستان درساً لأوكرانيا التي راهنت على الغرب خلال الحرب المستمرة منذ سبع سنوات ضد الانفصاليين الموالين لموسكو.
الغاز الروسي
من جهته، اعتبر زيلينسكي أن الولايات المتحدة وأوكرانيا لديهما "عدداً كبيراً جداً" من المواضيع لمناقشتها، في مقدّمها الحرب بين القوات الحكومية والانفصاليين في شرق البلاد وشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
وبالإضافة إلى الملف العسكري هناك قضية شائكة أخرى بين كييف وواشنطن هي الطاقة، وتحديداً مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، والقرار الذي اتخذه بايدن مؤخراً ورفع بموجبه معظم العقوبات المتعلّقة بهذا المشروع.
خط الأنابيب الذي أوشك بناؤه على الانتهاء يمرّ عبر بحر البلطيق ويربط بين روسيا وألمانيا مباشرة، الأمر الذي سيحرم أوكرانيا 1.5 مليار دولار على الأقل سنوياً من العائدات التي تجنيها لقاء مرور الغاز الروسي عبر أراضيها، وسينتزع منها أيضاً أداة ضغط دبلوماسية في مواجهة موسكو.
لكن بايدن الذي عزا قراره برفع العقوبات إلى أن المشروع ذهب بعيداً جداً بحيث لم يعد ممكناً إيقافه، انتزع من ألمانيا التزاماً بدعم أمن الطاقة في أوكرانيا، الأمر الذي لم يطمئن زيلينسكي تماماً.
وتمثل زيارة الرئيس الأوكراني إلى واشنطن نصراً معنوياً كبيراً له، إذ إنه ثاني زعيم أوروبي يستقبله بايدن في البيت الأبيض، بعد أنجيلا ميركل.
وبالإضافة إلى حصوله على هذه المعاملة التفضيلية، فإن الرئيس الأوكراني وبلاده "حظيا باهتمام كبير من هذه الإدارة، قد يكون أكبر مما حصلت عليه أي دولة أوروبية أخرى"، بحسب ما قال مسؤول كبير في البيت الأبيض.
وعملياً فإن الرئيس الأوكراني سيغادر واشنطن وقد حصل منها على الأقل على وعد بمساعدات عسكرية إضافية بقيمة 60 مليون دولار، تتألف بصورة أساسية من صواريخ جافلين المحمولة المضادة للدروع.
حلف الأطلسي
لكن الآمال التي عقدها زيلينسكي على بايدن للحصول منه على شيء ما بخصوص موضوع بالغ الحساسية وهو رغبة بلاده في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ذهبت أدراج الرياح.
وقال الرئيس الأوكراني "أود أن أتحدث إلى الرئيس بايدن عن رأيه ... بشأن فرص أوكرانيا في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والجدول الزمني" لهذا الأمر.
وانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، الذي لا يحظى أساساً بإجماع في أوروبا، يعني في حال حصوله أن بقية أعضاء الحلف العسكري سيضطرون للتدخل لنصرتها إذا ما تعرّضت لأي هجوم. والأربعاء، اكتفى بايدن أمام الصحافيين بتكرار "دعمه للتطلعات الأطلسية والأوروبية" لأوكرانيا.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، خلال مؤتمر صحافي، إن الولايات المتحدة تريد بالتأكيد "إبقاء باب الحلف الأطلسي مفتوحاً أمام الدول المرشحة، عندما تكون الأخيرة جاهزة وقادرة على الوفاء بالشروط" المحددة.
وأضافت "يجب على أوكرانيا أن تتخذ خطوات" بهذا الاتجاه و"هي تعرفها جيداً: بذل جهود لإجراء إصلاحات قضائية، وتحديث قطاعها الدفاعي، وتعزيز نموها الاقتصادي".
وسبق لبايدن أن دعا علناً نظيره الأوكراني إلى مكافحة الفساد. وبعد انسحابها من أفغانستان وما حصل في هذا البلد، يتوقع أن تكون الولايات المتحدة الآن أكثر تشدداً في مطالبة الحكومات التي تدعمها بالنزاهة والحوكمة.
ومنذ أسابيع يتعرّض البيت الأبيض لوابل من الأسئلة المتعلقة بمليارات الدولارات التي أنفقت على الجيش والحكومة الأفغانيين اللذين تخلّيا عن البلاد لطالبان من دون أي مقاومة تذكر.