وزير خارجية أوكرانيا لـ"الشرق": سننتصر مهما كلف الأمر

time reading iconدقائق القراءة - 11
وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا خلال مقابلة مع "الشرق" - 3 يونيو 2022
وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا خلال مقابلة مع "الشرق" - 3 يونيو 2022
دبي - الشرق

قال وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا في مقابلة مع "الشرق"، الجمعة، بعد مرور 100 يوم على الغزو الروسي، إن بلاده ستنتصر في الحرب مهما كلفها الأمر، معرباً عن استعداد كييف للتفاوض بشأن تحرير صادرات الغذاء.

وأضاف كوليبا: "سنتفوق لأننا نقاتل من أجل قضية عادلة بعدما تعرّضنا للهجوم.. ندافع الآن عن أرضنا وشعبنا.. وسنتفوّق مهما كانت تكاليف هذا الانتصار"، مشيراً إلى أن "خطة موسكو كانت السيطرة على أوكرانيا خلال أسبوع أو 10 أيام، وبعد مرور 100 يوم على الغزو، لم تتمكن إلا من السيطرة على 20% من الأراضي الأوكرانية، وهو ما يعتبر فشلاً استراتيجياً"، بحسب وصفه.

ضمانات لعدم الهجوم على أوديسا

وعند سؤاله عن مفاوضات قد تسهم في تجنب أزمة غذاء عالمية، قال كوليبا، إن "روسيا تتلاعب بقضية فتح ميناء أوديسا (جنوب البلاد)"، مشيراً إلى أن المدينة كانت هدفاً للقوات الروسية على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، عبر هجمات بحرية وجوية وبرية.

وأضاف أن "القضية لا ترجع إلى إزالة الألغام المزروعة في الميناء فقط، بل تكمن في الحصول على ضمانات بعدم تسلل السفن الحربية الروسية إلى الميناء ومهاجمة أوديسا من البحر".

وتابع وزير الخارجية الأأوكراني: "يجب على روسيا أن تقدم ضمانات تفيد بعدم الهجوم على أوديسا ومينائها من الجانب البحري في حال أزيلت الألغام منه"، لافتاً إلى أن "هذه المسألة تطرحها أوكرانيا بالتعاون مع الأمم المتحدة وشركاء آخرين، من أجل فتح الميناء والسماح بتدفق المنتجات الزراعية الأوكرانية إلى الأسواق العالمية".

"أقوال موسكو لا تطابق أفعالها"

وأورد وزير الخارجية الأوكراني، أن "روسيا تتحدّث عن جاهزيتها للتفاوض السلمي، لكن عندما نشاهد واقع الأمر ونقارن بين أقوال موسكو وأفعالها فهي لا تتطابق"، مشيراً إلى أن "روسيا تنفّذ هجوماً في إقليم دونباس الآن وتحاول ضمّ مناطق جنوب البلاد، والتي تُعدّ طرفاً مهمّاً في إنتاج المواد الزراعية".

وأوضح أن "روسيا تقصف مدناً أوكرانية وتدمّر البنى التحتية الأساسية في أنحاء البلاد"، معتبراً أن "من يرغب في التفاوض الجدي والمبني على حسن النية، لا يتصرف بهذه الطريقة".

وأضاف: "حينما نرى مؤشرات حقيقية على جدية روسيا بشأن التفاوض للوصول إلى السلام، فسوف نجلس معهم على طاولة المفاوضات.. لكن حتى الآن لا نرى سوى العدوان.. ولم نلمس جدية التفاوض من الجانب الروسي".

حلول مقبولة للطرفين

وبشأن استمرار رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والاتحاد الأووربي، تساءل كوليبا: "لماذا نتحدّث عن تنازلات من طرف أوكرانيا؟.. علينا الحديث عن التنازلات الروسية".

وأضاف: "الحكومة الأوكرانية مستعدّة للجلوس للحوار مع روسيا لإيجاد حلول مقبولة للطرفين.. غير أنني لا أودّ أن تتمحور هذه المقابلة حول مناقشة التنازلات التي ستقدّمها كييف.. لا تجري المفاوضات بمثل هذه الطريقة".

ووجه وزير الخارجية الأوكراني خلال المقابلة مع "الشرق"، رسالتين: "أولاً، لا تعدّ أوكرانيا الطرف الوحيد الذي يجب أن يتخذ موقفاً بناءً.. وإن روسيا من يجب عليها التصرّف بطريقة بناءة لأنها دولة تتحمّل المسؤولية عن شن هذه الحرب".

وجاءت الرسالة الثانية: "كييف مستعدّة للمفاوضات، لكن ينبغي أن تعتمد هذه المفاوضات على الاحترام المتبادل لمصالح الطرفين"، مضيفاً أن "روسيا هي من شنّت الهجوم على أوكرانيا، وانتهكت القانون الدولي..".

واتهم القوات الروسية بأنها "قتلت الآلاف من الأوكرانيين خلال 3 أشهر، إلى جانب اغتصاب المئات من النساء".   

لقاء بوتين وزيلينسكي

وتابع كوليبا أن "الجميع يعرف أنه في حال أردتم إيقاف الحرب يجب أن تتحدّثوا إلى الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين"، مؤكداً أن "الرئيس (فولوديمير) زيلينسكي مستعد للقاء نظيره الروسي دون أي شروط أو مطالب مسبقة".

وشدد على أن "الزعيمين يجب أن يجلسا ويناقشا الوضع الذي يواجهنا جميعاً بطريقة صريحة ومباشرة"، لافتاً إلى أن "العالم كله مهتم بهذا اللقاء الذي قد يساعد على إيقاف الحرب وتحرير الصادرات الزراعية الأوكرانية، إضافة إلى إزالة الضغوط عن الاقتصاد العالمي".

واعتبر وزير الخارجية الأوكراني أن "الفرق بيننا وبين روسيا.. أننا نؤكّد استعدادنا للتفاوض رغم أنه ليس من السهل الموافقة على مثل هذا اللقاء بعد كل ما قامت به روسيا في بلادنا.. لكن من أجل السلام والأمن الغذائي العالمي نعبّر عن استعدادنا لمقاومة عواطفنا والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع روسيا".

وأشار كوليبا إلى أن "الموقف الروسي دائماً ما يبحث عن مبرر لعدم عقد هذا اللقاء (بوتين وزيلينكسي).. ويطالبوننا بوضع مشروع اتفاق السلام أو القيام بشيء آخر.. الأمر الذي لا يوحي بالتصرف المبني على حسن النية".

وأبدى رغبته في أن تعتمد روسيا مبدأ النوايا الحسنة ويوافق بوتين على لقاء نظيره الأوكراني بغية مناقشة جميع المسائل التي أدّت إلى مشكلات عدة.

إنذارات وليست مفاوضات

وعلق كوليبا على المفاوضات التي تمت خلال الفترة الماضية بين الوفديْن الروسي والأوكراني، أنها "لم تكن تشبه الحوار بين دولتين كاملتي السيادة".

وأضاف: "الوفد الروسي كان يأتي لإلقاء إنذارات نهائية على الطاولة، وفي حال لم نوقّع وثيقتهم، سيتم الاستيلاء على العاصمة كييف.."، مؤكداً أن "روسيا لن تفرض إرادتها على أوكرانيا.. ولم يستولوا على كييف.. لذلك لا تقدر موسكو على فرض إرادتها على كييف".

وأوضح أنه "في حال تحدّثنا عن الاحترام والتوافق بدلاً من الإنذارات النهائية، كان من الممكن الجلوس لمواصلة التفاوض.."، مشدداً على أن "أوكرانيا مستعدّة لاتخاذ خطوات بناءة اتجاه روسيا.. وفي الوقت ذاته، يجب أن نتأكّد من أن موسكو ستقطع نصيبها من الطريق".

فعالية العقوبات

وبشأن العقوبات الغربية على موسكو، قال وزير الخارجية الأوكراني إنها "فعالة، وتأثيرها سيكون ملموساً على المدى المتوسط، بعد 6 أو 8 أشهر"، لكنه أشار إلى أن روسيا "لا تزال تجني المليارات من صادرات الغاز والبترول، والتي تمول بها آلتها الحربية".

وأضاف كوليبا: "لكي تصبح العقوبات مرئية نحتاج إلى حظر كامل على استيراد النفط والغاز من روسيا.. ونتيجة لذلك سينهار الاقتصاد والآلة الحربية الروسية، لأن موسكو لن تقدر على جني الأرباح في الأسواق العالمية بغية استثمارها في مواصلة العدوان".

وأوضح أن "الحزمة السادسة التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي الخميس، من العقوبات التي تضمّ حظر النفط الروسي ستدخل حيز التنفيذ بعد 6 أشهر من تاريخ تبنّيه، ما يعني أن علينا الانتظار.. لكنني مقتنع بأنه من المبالغة القول إن العقوبات ليست فعالة".

وفي سياق تقديم المساعدات العسكرية الغربية، شدد وزير الخارجية الأوكرواني، على التزام كيييف بالقانون الدولي في استخدام الأسلحة الغربية التي تحصل عليها في مواجهة الغزو الروسي. ولكنه انتقد النقاش بشأن مصير هذه الأسلحة، في ضوء "الهجوم الروسي المستمر على أوكرانيا، وباستخدام أسلحة ثقيلة".

وأضاف: "لماذا لا يقلق أحد بشأن كيفية وصول بعض الأسلحة إلى أيدي القوات الروسية وهي تستخدم هذا السلاح الآن لمهاجمة دولة ذات سيادة وقتل المدنيين.. أظنّ أننا يجب أن نناقش هذا الأمر بالذات.. أما نحن فلا نرى أي مخاطر مرتبطة بوقوع الأسلحة التي يتم إرسالها إلى أوكرانيا من دول أخرى عبر أيدٍ ثالثة". 

الدور العربي

وفي سؤال بشأن الدور العربي للوساطة بين أوكرانيا وروسيا، قال كوليباً: "شاركتُ قبل يومين في جولة نقاشية مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي.. لقد وجّهنا رسالة بسيطة تكمن في ترحيبنا بالمزيد من التعاون مع المجلس والدول العربية بشكل عام في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك".

وفيما يخصّ الوساطة، قال إن "هناك مقاربتان إزاء حل هذا الموضوع.. المقاربة الأولى تتمثّل في المساعي إلى توقيع اتفاقية سلام شاملة، لكن هذه المقاربة مليئة بالصعوبات حيث لا أحد نجح في ذلك إلى حد الآن".

وأضاف أن "المقاربة الثانية ترتكز على حل مسائل مفصّلة نتجت عن هذا الصراع. . إحدى هذه المسائل تكمن في توفير الأمن الغذائي.. وقد تلعب الدول العربية دوراً مهماً عبر الوساطة وتسهيل المفاوضات في هذا المجال بالتحديد".

وفي السياق، رحب كولييا بـ"الشركات العربية التي يمكنها المشاركة في إعادة إعمار أوكرانيا واغتنام صفقات هنا، ما يصب في مصلحة النمو الاقتصادي للدول العربية أيضاً". 

رؤية للتعافي الاقتصادي

وقال وزير الخارجية الأوكراني إن بلاده تبنت رؤية للتعافي الاقتصادي لما بعد الحرب، لافتاً إلى الدعم الذي تتلقاه كييف من مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والبنك الدولي، من أجل بناء الاقتصاد مجدداً.

وأشار إلى أن "حكومة بلاده أطلقت نظاماً إلكترونياً لمساعدة الشركات الأوكرانية في تحسين موقعها بالأسواق العالمية وخاصة في مجال التصدير مع الأخذ بالحسبان أن أسواقنا الداخلية ليست في أفضل  حالاتها".

وأضاف: "نحاول مساعدة شركاتنا في زيادة التصدير وإيجاد الأسواق"، لافتاً إلى أن"الحرب تفرض فرصة إعادة إعمار الاقتصاد الوطني وفقاً لمتطلبات الحقبة الجديدة".

وتابع كوليبا: "نستضيف الآن عدداً من المديرين التنفيذيين لشركات دولية تزور كييف بغية استكشاف فرص الاستثمار في الاقتصاد الأوكراني.. إنهم يدركون أن بعض قطاعاتنا الاقتصادية ستتمّ إعادة بنائها من الصفر.. لذلك بإمكاننا تحقيق قفزة كبرى في مجالات كثيرة من الاقتصاد".

الغزو الروسي ليس السبب الوحيد

وبخصوص تأثير الغزو الروسي على الاقتصاد العالمي، قال كوليباً إن "العدوان الروسي لم يكن السبب الوحيد للركود الاقتصادي، بل إن جائحة كورونا مهدت بهذه الأزمة الاقتصادية، ولهذا نرى اليوم اضطرابات في سلاسل الإمداد وارتفاعات في مستوى التضخم"، مشيراً إلى أن حكومته "مهتمة بزيادة صادرات المنتجات الزراعية".

وأضاف: "يُعدّ اقتصادنا أحد أهداف الجيش الروسي.. وبما أننا لا نستطيع تصدير منتجاتنا الزراعية فذلك يعني أننا لا نقدر على جني العوائد وإدخالها في ميزانية الدولة.. عندما تضرب الصواريخ الروسية سككنا الحديدية والجسور والمصانع والمصافي، فإن ذلك يهدف إلى تدمير الاقتصاد في المقام الأول".

وأوضح أن "طالما الشعب الأوكراني يتحمّل هذه الحرب فسينجو اقتصاد دولتنا.. كما أنني واثق أننا سنتفوق لأننا نقاتل من أجل قضية عادلة بعد أن تعرّضنا للهجوم. ندافع الآن عن أرضنا وشعبنا.. سنتفوّق مهما كانت تكاليف هذا الانتصار".

وأضاف: "إنني مقتنع أيضاً بأن كل دولة عربية كانت ستفعل الشيء نفسه في حال تعرّضت لهجوم من قبل دولة أخرى".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات