يحاول المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأميركية رون ديسانتس وفريقه تجاوز البداية الفوضوية التي شهدتها حملته الانتخابية بعدما تحول البث المباشر على تويتر الذي أعلن فيه ترشحه الأربعاء، إلى مادة للسخرية بسبب أعطال فنية، في وقت كان يطمح أن يساعده على تحسين أدائه في استطلاعات الرأي ضد منافسه دونالد ترمب.
وكان من المفترض أن تكون المقابلة التي أجراها ديسانتس مع مالك تويتر إيلون ماسك في بث مباشر على المنصة، الانطلاقة الرسمية لحملته لمنافسة دونالد ترمب في الانتخابات التمهيدية لنيل تذكرة الحزب الجمهوري للترشح لخوض سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
غير أن الصوت انقطع لفترات طويلة خلال بث المقابلة التي استمرت ساعة، فيما لم يتمكن الآلاف من المستخدمين من الانضمام لمتابعتها أو أجبروا على الخروج.
وفشل ديسانتيس في تقديم نفسه خلال الدردشة مع ماسك كمنافس بإمكانه التفوق على ترمب لنيل ترشح الحزب الجمهوري ومواجهة الرئيس الديمقراطي جو بايدن في 2024، بعدما بدت رسالته مشوشة بسلسلة من الأخطاء التقنية، بحسب ما أفادت "نيويورك تايمز".
وتحولت المقابلة إلى مادة للسخرية، إذ وصفها خصومه السياسيون وسائل إعلام أميركية بـ"الكارثة"، فيما حاول ديسانتس استدراك البداية المتعثرة في مقابلتين، الأولى مع قناة فوكس نيوز والثانية على البرنامج الإذاعي “The Mark Levin Show” مع المذيع المحافظ مارك ليفين.
"حماس" لترشح ديسانتيس
وحاول ديسانتس تصوير البداية المتعثرة على تويتر كدليل على "الحماس" الجماهيري لترشحه للرئاسة، إذ قال في مقابلته مع فوكس نيوز: "لقد كان جمهوراً ضخماً. إنه أكبر جمهور لبث مباشر على الإطلاق. وتسبب ذلك في تعطيل البث المباشر على تويتر".
وأضاف: "نحن جد سعداء بهذا لحماس".
واجتذب البث المباشر في وقت ما أكثر من 600 ألف مستمع. وانخفض العدد إلى أقل من 300 ألف في نهايتها.
وأقر ماسك بحدوث "مشكلات فنية بسبب الحجم الهائل" للحدث، لكنه أردف قائلاً إنه "من الرائع حقاً أن يستمع الناس مباشرة إلى المرشحين للرئاسة".
وقال برايان جريفين المتحدث باسم حملة ديسانتيس على تويتر إن الحماس بشأنه "أدى فعلياً إلى تعطل الإنترنت".
ولم يتردد ترمب في السخرية من ديسانتيس على منصته للتواصل الاجتماعي (تروث سوشال) بسبب البداية المتعثرة لحملته، معتبراً أنها كانت "كارثية". وكتب ترمب "الزر الأحمر الخاص بي أكبر وأفضل وأقوى ويعمل... أما زرك فلا يعمل".
من جهتها، سارعت حملة الرئيس جو بايدن بنشر تغريدة تحوي رابطاً لصفحة جمع التبرعات في موقعها الإلكتروني وقالت ساخرة "هذا الرابط يعمل".
تفادي مهاجمة ترمب
ويعدّ حاكم ولاية فلوريدا المنافس الرئيسي لدونالد ترمب للحصول على بطاقة الترشح عن الحزب الجمهوري. ويفترض أن ينافس الفائز في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في نوفمبر 2024 المرشح الذي سيختاره الحزب الديموقراطي وسيكون على الأرجح جو بايدن.
وأظهرت المقابلات الثلاث التي أجراها ديسانتيس الأربعاء، أنه غير مستعد بعد لتوجيه هجمات مباشرة لترمب، إذ لم يذكر اسم ترمب بشكل مباشر في أي من المقابلات الثلاث، بحسب "نيويورك تايمز".
وجاءت انتقاداته لترمب بشكل غير مباشر، إذ قال في مقابلته مع "فوكس نيوز" إن إدارة بايدن تنجح في الإفلات من المساءلة عن أزمة المهاجرين على الحدود مع المكسيك بسبب عدم وجود جدار يحمي حدود الولايات المتحدة، وتعهد ببناء "جدار حدودي كامل" مع المكسيك، في انتقاد غير مباشر لترمب الذي فشل في الوفاء بوعوده خلال ولايته الرئاسية الأولى ببناء الجدار.
كما انتقد ديسانتيس المسؤولين الفدراليين الذين عينهم ترمب، وضمنهم جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي لامه على المساهمة في ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة.
وتعهد ديسانتيس كذلك بإقالة كريستوفر راي، الذي عينه ترمب مديراً لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في اليوم الأول من ولايته، في حال انتخابه رئيساً.
موقف ديسانتيس من الصين
وكشف ديسانتيس خلال مقابلاته الأربعاء ملامح سياسته لمواجه الصين. وفيما يركز ترمب في حملته الانتخابية على البعد التجاري في الصراع بين الولايات المتحدة والصين، قال ديسانتيس إنه يطمح لمواجهة نفوذ الصين الدولي على نطاق أوسع وكبح طموحاتها العسكرية.
ودعا ديسانتيس خلال مقابلته مع "فوكس نيوز" إلى إصدار "نسخة القرن الحادي والعشرين من عقيدة مونرو" لمواجهة نفوذ الصين في أميركا اللاتينية، في إشارة إلى تطوير سياسة مشابهة لتلك التي أقرها الرئيس الأميركي جيمس مونرو (1817-1825) لمعارضة للاستعمار الأوروبي لبلدان أميركا اللاتينية.
كما اعتبر أن الولايات المتحدة بحاجة إلى بناء شراكات أقوى مع الهند وأستراليا وحلفاء آخرين لمواجهة التوسع الصيني في المحيط الهادئ. ودعا إلى إعادة توطين الصناعات الحيوية وضمنهما صناعة الرقائق، قائلاً إن الولايات المتحدة شديدة التداخل اقتصادياً بالصين.
وتشير تصريحات ديسانتيس إلى رغبته في تبني سياسة أكثر تشدداً ضد الصين من تلك التي اعتمدها ترمب خلال ولايته الأولى، بحسب "نيويورك تايمز"، التي اعتبرت أن ترمب كان يتجنب النظر في التوسع العسكري الصيني لرغبته في إحراز صفقة تجارية مع الصين.
وقال ديسانتيس إنه يريد مواجهة الصين "على جميع الجبهات".
عين على استطلاعات الرأي
وانتخب الضابط السابق في البحرية الأميركية بشق الأنفس عام 2018، ليكون حاكماً لولاية فلوريدا، بعدما تلقّى دعم ترمب الذي كان رئيساً آنذاك، لكنه منذاك نأى بنفسه عن الرئيس السابق، وزاد من شعبيته من خلال مواقفه المحافظة على صعيد التربية أو سياسة الهجرة.
وخلال الأسابيع التي سبقت إعلان ترشحه للرئاسة، قام ديسانتيس بجولة في البلاد شملت ولايات مثل أيوا ونيوهامبشير. وتفاخر بسجله كحاكم لولاية فلوريدا، بما في ذلك صراعه مع الحكومة الاتحادية بشأن سياسات مواجهة جائحة كوفيد.
وكان ديسانتيس قد وقع أيضاً على إجراءات قيدت بشدة الإجهاض في الولاية وسهلت على السكان حمل أسلحة خفية، ضمن تحركات أخرى.
ومن المرجح أن تكون حجة ديسانتيس الأساسية للترشح، خلال خطاباته، هي أنه الجمهوري الوحيد الذي يمكنه هزيمة بايدن الذي تغلب على ترمب في انتخابات 2020.
واكتسب ديسانتيس شعبية عبر إطلاقه مواقف محافظة متشددة بشأن التعليم والهجرة. وقد حوّل ولايته إلى مختبر لأفكار المحافظين باسم المعركة ضد ما يعتبره "تفكيراً سليماً مزعوماً".
غير أن طريقه إلى البيت الأبيض مليء بالعقبات. إذ يتقدم عليه ترمب، وبفارق كبير، حسب عدد من استطلاعات الرأي.
وفيما تتناول وسائل الإعلام استطلاعات الرأي بحذر في الوقت الحالي نظراً لأن الاقتراع ما زال بعيدا. إلا أن ترمب سارع إلى نشر نتائجها على شبكته الاجتماعية الثلاثاء، منذ بدء الحديث عن نية ديسانتيس إعلان ترشحه.
اقرأ أيضاً: