
أثارت زيارة منسق السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى إيران، في محاولة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، غضباً في إسرائيل، إذ أفادت وسائل إعلام محلية أن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد اتهم بوريل بـ"تجاهل" المخاوف المتعلقة بسلامة المواطنين الإسرائيليين.
وقال مصدر لصحيفة "جيروزاليم بوست" إن لبيد تبادل رسائل بريد إلكتروني مع بوريل، اتهمه فيها بـ"تجاهل سلامة الشعب الإسرائيلي ورفاهيته ومخاوف وكالة الطاقة الذرية بشأن نشاط إيران المتزايد في تخصيب اليورانيوم".
ولفت المصدر إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي حذّر منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي من أن إيران "كانت تتلاعب لكسب الوقت وتتظاهر بالتفاوض مع الغرب، بينما تحرز تقدماً في برنامجها النووي".
ونبّه المصدر أن بوريل "تواصل مع لبيد قبل رحلة إيران، وأخبره أنه يريد إنقاذ الاتفاق النووي لأنه يرى إمكانات كبيرة لإحيائه".
وجاءت رحلة بوريل بعد إعلان أنقرة اعتقال 10 إيرانيين يشتبه بتخطيطهم لاختطاف ومهاجمة دبلوماسيين وسياح إسرائيليين في إسطنبول، فيما قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن "تركيا تجري اتصالات وثيقة مع إسرائيل بشأن هذه التهديدات ضد رعاياها".
واختتم بوريل، السبت، زيارته إلى طهران معلناً في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان استئناف محادثات الاتفاق النووي خلال أيام، في أعقاب اجتماع وصفه الجانبان بـ"الإيجابي".
خلافات داخلية
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، الأحد، إن السياسة المتبعة فيما يتعلق بالمحادثات النووية الإيرانية تحددها الحكومة وليس قوات الأمن، بعدما نشرت صحيفة تقريراً عن أن جنرالات بارزين يفضلون توصل طهران إلى اتفاق مع القوى العالمية.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكثر الجرائد مبيعاً في إسرائيل، الجمعة، أن قادة المخابرات العسكرية والتخطيط الاستراتيجي يعتقدون أن إحياء الاتفاق النووي سيكسب إسرائيل وقتاً للاستعداد لأي هجوم إيراني، وأنه سيحرمها سُبل صنع أسلحة نووية.
وقال جانتس على تويتر إنه على الرغم من أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لها رأي في السياسة المتبعة حيال إيران، إلا أن "الحكومة هي التي تتخذ القرارات".
وتابع قائلاً: "سنواصل إجراء حوار مستفيض وصريح لكن خلف أبواب مغلقة فقط. أي طريقة أخرى تضر بأمن دولة إسرائيل". وبدا أن توبيخ جانتس موجه أيضاً لجهاز الموساد الذي قالت الصحيفة إنه يعارض أي اتفاق نووي إيراني جديد.
"حلّ دبلوماسي"
مطلع الشهر الجاري، قالت إسرائيل التي تعارض الاتفاق إنها "تفضّل حلاً دبلوماسياً للملف النووي الإيراني"، ولكنها حذّرت من أنها "قد تتحرك بشكل مستقل لاستبعاد أي احتمال لتطوير إيران سلاحاً نووياً، إذا فشل المجتمع الدولي في فعل ذلك".
وفي هذا الصدد، ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أن طهران استخدمت وثائق مسروقة لخداع الوكالة الذرية، من أجل التهرّب من التحقيقات التي تجريها بشأن المنشآت النووية الإيرانية.
واستشهد بينيت بوثائق من الأرشيف النووي الإيراني، هرّبتها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية (موساد) إلى إسرائيل في عام 2018، وتُظهر أن إيران "استخدمت معلومات من الوثائق المسروقة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بين عامَي 2004 و2005، لطمأنة الوكالة بأنها لا تنفّذ أنشطة نووية سرية".
وبدأت في أبريل العام الماضي 2021، مفاوضات "غير مباشرة" بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا، بهدف إحياء الاتفاق النووي، ولكن المحادثات بلغت طريقاً مسدوداً في مارس الماضي، على خلفية مطالبة طهران برفع اسم "الحرس الثوري" من قائمة الإرهاب الأميركية، وهو ما ترفضه واشنطن.
أتاح اتفاق 2015 المعروف رسمياً باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" تخفيف العقوبات المفروضة على إيران، مقابل فرض قيود على برنامجها لضمان عدم تمكنها من تطوير سلاح نووي، في حين تنفي طهران مساعيها نحو ذلك.
لكن الولايات المتحدة انسحبت عام 2018 من الاتفاق في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية شديدة دفعت إيران إلى التراجع عن التزاماتها.