تغلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على منافسته اليمينية مارين لوبان بفارق مريح في الانتخابات التي أجريت الأحد، وذلك حسبما أظهرت توقعات مبكرة لـ4 مراكز لاستطلاع الرأي.
وحصل ماكرون بذلك على فترة رئاسية ثانية، وتجنب ما كان يمكن أن يكون زلزالاً سياسياً.
وأظهرت التوقعات المبكرة حصول ماكرون على ما بين 57.6 و58.2% من الأصوات. وقبل التصويت، أشارت استطلاعات الرأي إلى أن ماكرون سيفوز بنسبة 56%.
وقال ماكرون في خطاب الفوز إن فترة ولايته المقبلة التي تبلغ 5 سنوات ستكون مختلفة، وتعهد بأنه "لن يترك أحداً على جانب الطريق".
وأضاف الرئيس الفرنسي الذي كان يتحدث وسط أنصاره قرب برج إيفل: "لأن كل واحد منا يهتم بما هو أكثر من مجرد نفسه.. هذا ما يجعل الشعب الفرنسي قوة فريدة أحبها بشدة، وأنا فخور جداً بأن أخدمها مرة أخرى".
وأشار أن مخاوف أولئك الذين امتنعوا عن التصويت أو صوتوا لمصلحته لعرقلة زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان أو اختاروا لوبان، بحاجة إلى معالجة، وتابع: "لم أعد مرشح معسكر بل رئيساً للجميع".
وأقرت لوبان بهزيمتها في الانتخابات الرئاسية، وقالت لمناصريها بعد أن أشارت توقعات مبكرة إلى أنها خسرت الانتخابات، إنها ستواصل الكفاح السياسي ضد الرئيس إيمانويل ماكرون، في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية في يونيو.
وأضافت: "أظهر الفرنسيون مساء اليوم رغبة في ثقل موازن قوي ضد إيمانويل ماكرون، رغبة في معارضة ستواصل الدفاع عنهم وحمايتهم"، معتبرة أن ما حصدته من أصوات في الانتخابات يشكل "انتصاراً مدوياً".
تهنئة أوروبية
وهنأ رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ماكرون، وقال في تغريدة عبر تويتر "في هذه الأوقات المضطربة، نحتاج إلى أوروبا قوية وفرنسا ملتزمة تماماً باتحاد أوروبي أكثر سيادة واستراتيجية.. يمكننا الاعتماد على فرنسا 5 سنوات أخرى".
كما أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين عن "ارتياحها" لـ"مواصلة التعاون الممتاز" مع فرنسا بعد إعادة انتخاب ماكرون، وقالت عبر تويتر: "معاً، سنعمل على دفع فرنسا وأوروبا إلى الأمام".
ووصفت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إعادة انتخاب ماكرون بـ"الممتازة"، وأعربت في تغريدة على تويتر عن تطلعها إلى مواصلة العمل معه في إطار الرئاسة الفرنسية الحالية للاتحاد الأوروبي، وما بعدها لمواجهة التحديات التي تواجه أوروبا، مؤكدة أن اتحاد أوروبي قوي يحتاج إلى فرنسا قوية.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، إن إعادة انتخاب ماكرون يعد بمنزلة إرسال الفرنسيين إشارة "التزام قوي تجاه أوروبا"، مضيفاً: "يسعدني أننا سنواصل تعاوننا الجيد".
واعتبر رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي أن فوز ماكرون هو "خبر رائع لكل أوروبا"، وقال دراجي في بيان رسمي إن "انتصار إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية هو خبر رائع لكل أوروبا".
وتقدم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بالتهنئة لماكرون، وأعرب عن سروره بمواصلة العمل معه، وكتب على تويتر أن "فرنسا من أقرب حلفائنا وأهمها". مؤكداً تطلعه إلى مواصلة العمل مع ماكرون "بشأن القضايا التي تهم بلدينا والعالم".
بايدن يهنئ
هنأ الرئيس الأميركي جو بايدن ماكرون على إعادة انتخابه، واصفاً فرنسا بأنها "شريك رئيسي في مواجهة التحديات العالمية".
وكتب بايدن على تويتر: "أتطلع إلى استمرار تعاوننا الوثيق، بما في ذلك دعم أوكرانيا والدفاع عن الديمقراطية ومواجهة تغير المناخ".
كما هنأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد، ماكرون على إعادة انتخابه، قائلاً إن واشنطن تتوقع استمرار التعاون الوثيق مع باريس.
وكتب بلينكن على تويتر: "نتطلع إلى مواصلة تعاوننا الوثيق مع فرنسا بشأن التحديات العالمية، وتعزيز تحالفنا وصداقتنا الطويلة والدائمة".
برقيات تهنئة
بعث الملك سلمان بن عبدالعزيز، برقية تهنئة، لماكرون أشاد فيها بتميز العلاقات التي تربط المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، والتي يسعى الجميع لتعزيزها وتنميتها في المجالات كافة.
كما هنأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الرئيس الفرنسي بمناسبة إعادة انتخابه، وأعرب عن أطيب التمنيات بالتوفيق والمزيد من التقدم والرقي.
وبعث رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان برقية تهنئة إلى ماكرون، وأعرب عن صادق تهانيه وتمنياته له بدوام التوفيق والسداد، وللشعب الفرنسي التقدم والازدهار، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الإماراتية.
وأكد رئيس الإمارات "الحرص على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات لما فيه خير ومصلحة الشعبين الصديقين".
كما بعث نائب رئيس الإمارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان برقيتي تهنئة مماثلتين إلى الرئيس الفرنسي.
وتوجه ولي عهد أبوظبي بالتهنئة إلى ماكرون عبر تويتر، وأعرب عن تطلعه لترسيخ الشراكة بين فرنسا والإمارات.
وقال في تغريدة: "خالص التهاني إلى صديقي إيمانويل ماكرون بمناسبة إعادة انتخابه رئيساً لفرنسا، وأصدق الأمنيات من دولة الإمارات لفرنسا وشعبها الصديق بدوام التقدم والازدهار، نتطلع معاً إلى ترسيخ شراكتنا الاستراتيجية وتعزيز فرص جديدة للتعاون المشترك".
وتقدم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالتهنئة لنظيره الفرنسي، وأعرب عن تمنياته له بـ"استكمال مسيرته وقيادة بلادة إلى مزيد من التقدم والازدهار".
وأكد السيسي، عبر حسابه على فيسبوك، أن "العلاقات المصرية الفرنسية كانت وما زالت علاقات تاريخية وثيقة ومتنامية ونتطلع إلى مواصلة المشاورات والتنسيق المتبادل حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
كما هنّأ رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ماكرون بإعادة انتخابه، قائلاً إنه "يتطلّع إلى مواصلة العمل" معه.
وكتب ترودو على تويتر، مرفقاً نصّه بصورة تجمعه بماكرون: "تهانينا إيمانويل ماكرون. أتطلّع لمواصلة العمل معاً على القضايا الأكثر أهمية للناس في كندا وفرنسا، من الدفاع عن الديمقراطية إلى مكافحة تغير المناخ إلى خلق وظائف جيدة ونمو اقتصادي للطبقة الوسطى".
وهنأ وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد الرئيس الفرنسي، وقال في تغريدة على تويتر: "ماكرون زعيم مهم.. وصديق وفي لإسرائيل. سنواصل العمل سوية لتعزيز التعاون بين دولتينا".
لا "فترة سماح"
لكن ليس من المتوقع أن تكون أمام ماكرون فترة سماح، حتى ولو قصيرة، بعد أن صوّت له كثيرون، وخصوصاً من اليسار فقط على مضض لمنع اليمين المتطرف من الفوز.
وربما تندلع مرة أخرى وبسرعة كبيرة الاحتجاجات التي شابت جزءاً من فترته الرئاسية الأولى، بينما يحاول المضي قدماً في الإصلاحات المؤيدة للشركات.
وقال وزير الصحة أوليفييه فيرون لقناة "بي.إف.إم" التلفزيونية: "لن نفسد الانتصار... لكن حزب (لوبان) سجل أعلى نتيجة له على الإطلاق".
وأضاف: "سيكون هناك استمرار لسياسة الحكومة لأن الرئيس انتُخب لفترة جديدة. لكننا سمعنا أيضاً رسالة الشعب الفرنسي"، متعهداً بالتغيير.
وسيكون التحدي الرئيسي الأول هو الانتخابات البرلمانية في يونيو، التي وصفها جان لوك ميلينشون اليساري المتشدد بأنها الجولة الثالثة من الانتخابات الرئاسية، بينما قالت لوبان إنها تسعى لإيجاد كتلة قوية موحدة في البرلمان.
وعلق رئيس حزب "استرداد فرنسا" والمرشح الرئاسي اليميني الخاسر إيريك زامور على نتائج الانتخابات بالقول إنه "لا يمكن تحقيق النصر في الانتخابات الرئاسية دون تحالفات بين جميع أقسام اليمين، والثنائي ماكرون لوبان أصبح مملاً ويكرر نفسه"، مؤكداً أنه "يراهن على الانتخابات التشريعية ليصبح أقوى".
وقال فيليب لاجرو (63 عاماً) المدير الفني لمسرح في باريس إنه صوت لمصلحة ماكرون بعد التصويت لميلينشون في الجولة الأولى.
وأضاف أنه سيصوت لمصلحة ميلينشون مرة أخرى في يونيو. وتابع القول: "ميلينشون رئيس للوزراء. سيكون ذلك ممتعاً. سيكون ماكرون مستاء، لكن هذا هو بيت القصيد".
وقالت سيما شاه كبيرة الخبراء الاستراتيجيين لدى برينسيبال جلوبال إنفستورز "ستتنفس الأسواق المالية الصعداء الجماعي بعد فوز ماكرون في الانتخابات".
وقال أليساندرو باليني (42 عاماً)، الذي أدلى بصوته لماكرون، لوكالة "رويترز" خلال التجمع: "أنا مرتاح جداً... بدا الأمر قريباً جداً والشعبوية كانت على أبوابنا. لكن المهمة لن تكون سهلة... ما يقرب من نصف الأصوات ذهبت إلى المتطرفين".
وانطلقت صيحات الفرح عندما ظهرت النتائج على شاشة عملاقة أسفل برج إيفل، حيث لوح أنصار ماكرون بعلمي فرنسا والاتحاد الأوروبي. واحتضن الناس بعضهم بعضاً ورقصوا وهتفوا "ماكرون".
وفي المقابل أظهرت لقطات في وسائل التواصل الاجتماعي قيام شرطة مكافحة الشغب الفرنسية بمهاجمة وإطلاق الغاز المسيل للدموع على متظاهرين كانوا يحتجون وسط باريس على إعادة انتخاب ماكرون.
وأظهرت صور على تويتر محاولة الشرطة تفريق حشد معظمه من الشبان، الذين تجمعوا في حي شاتليت بوسط باريس للاحتجاج على فوز ماكرون على لوبان في جولة الإعادة.