الولايات المتحدة والصين تسعيان لضبط منسوب التوتر إزاء تايوان

time reading iconدقائق القراءة - 6
مركبات عسكرية تايوانية تشارك في عرض اليوم الوطني أمام القصر الرئاسي في تايبيه يوم 10 أكتوبر 2021 - AFP
مركبات عسكرية تايوانية تشارك في عرض اليوم الوطني أمام القصر الرئاسي في تايبيه يوم 10 أكتوبر 2021 - AFP
واشنطن- أ ف ب

مع احتدام التوترات حول تايوان، تحاول كل من الصين والولايات المتحدة رسم ثوابتهما، ما يثير تساؤلاً عما إذا كانت القوتان النوويتان تعرفان حدود الضغط الذي يمكن ممارسته.

من ضمن الخلافات بين أكبر اقتصادين في العالم، كثيراً ما تُعد تايوان المسألة الوحيدة التي يمكن أن تفجر نزاعاً. فبكين تعتبر هذه الديمقراطية التي تتمتع بحكم ذاتي وحليفة الولايات المتحدة، إحدى مناطقها وينبغي إعادة توحيدها مع البر الرئيسي.

سُجلت، هذا الشهر، طلعات قياسية لطائرات صينية خرقت منطقة الدفاع الجوي لتايوان التي حذر وزير دفاعها من أن بكين ستكون قادرة على القيام بغزو شامل في 2025.

في تلك الأثناء دخل حلفاء الولايات المتحدة على الخط، مع دعم اليابان القوي لتايوان، بما في ذلك محاولتها الانضمام إلى اتفاقية تجارية إقليمية، ودخول أستراليا في شراكة ثلاثية جديدة أطلق عليها أوكوس، مع الولايات المتحدة وبريطانيا يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها رد على تنامي نفوذ الصين.

الحسابات الاستراتيجية

وتقول الأستاذة لدى جامعة ستانفورد ومعهد أميركان إنتربرايز أوريانا سكايلار ماسترو إن طلعات الطائرات الصينية لم تكن تتعلق بالتحضير لغزو في المدى القريب، بقدر ما هي توجيه رسالة فحسب.

وتوضح بأن الرسالة هي "لإبلاغ تايوان بأن لا أحد يستطيع مساعدتهم" مضيفة بأن "خطوات مثل أوكوس أو تصريحات اليابان بشأن تايوان، لن تغير أي منها حساباتهم الاستراتيجية".

حولت الولايات المتحدة في 1979 اعترافها الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين، لكنها ملزمة من الكونغرس بيع أسلحة لتايوان لتمكينها من الدفاع عن نفسها. وهذه الترتيبات أسهمت إلى حد كبير في إرساء السلام حتى وإن كان تزعج بكين.

وتكشفت مخاطر سوء التقدير عندما أعلن الجنرال الأميركي الكبير مارك ميلي في شهادة أمام أعضاء الكونغرس بأنه اتصل بنظيره الصيني ليوضح له بأن الرئيس السابق دونالد ترمب لم يكن يعتزم شن هجوم في الأشهر الأخيرة المضطربة من ولايته.

احتساب المخاطر

ناقش جيك ساليفان، مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس جو بايدن، مسألة تايوان خلال لقاء مطول، قبل أسبوع، في زيوريخ مع الدبلوماسي الصيني البارز يانغ جيشي.

وخلال مقابلة في وقت لاحق مع شبكة بي بي سي، سئل عما إذا كانت الولايات المتحدة على استعداد للقيام بتحرك عسكري للدفاع عن تايوان، فأجاب "دعوني أقل إننا سنتخذ خطوات الآن لمنع وصول ذلك اليوم".

وفي إطار تلك الخطوات، حسبما أكد مسؤول في البنتاجون لوكالة "فرانس برس"، تقوم قوات العمليات الخاصة الأميركية بتدريب جنود تايوانيين.

غير أن إدارة بايدن تقاوم حتى الآن مقترحاً وهو السماح لسفارة تايبيه بحكم الأمر الواقع، تسمية نفسها "مكتب التمثيل التايواني" والخروج عن عقود من النهج الدبلوماسي الحساس.

وترى ماسترو إن من شأن ذلك أن يكون له تأثير ضئيل بل أن يأتي بنتائج عكسية، نظراً لأن كثيرين في بكين مقتنعون رغم نفي واشنطن، بأن الولايات المتحدة تؤيد الاستقلال التام لتايوان.

وتقول "أعتقد أن المسألة تستحق المخاطرة ببيع أسلحة مثلاً. فهذا يساعد تايوان في الصمود لفترة أطول قليلاً". وتضيف بأن "أموراً مثل تغيير أسماء تهدف للإظهار بأن الولايات المتحدة مستعدة للقتال، ولكن في النهاية فإن ذلك يزيد فحسب من عزم الصين".

ويقول المحلل السياسي لدى جامعة سان يان-سين الوطنية بتايوان كيو يوجين، إن الجهود الأميركية التي بدأت مع ترمب سعت أن تظهر لبكين بأن تزايد سطوتها "سيأتي بنتائج عكسية على أهداف الصين وعلى الاستقرار في مضيق تايوان".

ضبط الرسالة

وأثار الرئيس الصيني شي جينبيغ المشاعر القومية في مواجهة ما يعتبره كثيرون تراجعاً للولايات المتحدة. غير أن بعض الخبراء يرون أن شي يضبط إيقاع رسالته حول تايوان.

في كلمة، السبت، بمناسبة الذكرى الـ 110 للثورة التي أدت إلى تأسيس جمهورية الصين، والتي لا تزال التسمية الرسمية لتايوان، قال شي إن "إعادة التوحيد الوطني بالوسائل السلمية تخدم مصالح الأمة الصينية كلها بما في ذلك أشقاؤنا في تايوان".

واعتبر كريغ سينغلتون، الزميل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات التي تدافع عموماً عن السياسات القوية، إن رسالة شي كانت "عملية ومُحتسبة على غير عادة" وإن على واشنطن أن تنتبه لذلك. وقال "ليس من المنطقي الاستمرار في تغذية رغبة تايوان في امتلاك منظومات أسلحة كبيرة ومكلفة، والتي من شبه المؤكد أن الجيش الصيني سيدمرها خلال الساعات القليلة الأولى في أي نزاع".

بدلاً من ذلك، على الولايات المتحدة الاستعداد لمواجهة ترهيب متزايد صيني لتايوان و"للتنافس في حملة حرب طويلة في منطقة رمادية".

وكتب الباحث في الشؤون الصينية بمعهد كوينسي للحكم المسؤول، مايكل سواين، في مقال مؤخراً أن بكين دأبت على الاستجابة "للتطورات السياسية، وليس العسكرية" في تايوان، ما يعني أن واشنطن وبكين بحاجة إلى تكثيف الحوار بشأن تحقيق توازن بين "الردع والطمأنينة السياسية". أضاف "يحتاج كلا الجانبين إلى الإدراك بأنهما يسهمان في كارثة واضحة نشهدها الآن".