دعا اجتماع لدول الجوار الليبي، الجمعة، إلى دعم السلام وتحقيق المصالحة المشتركة بين الفرقاء الليبيين، وسط تحذيرات للأمم المتحدة من أن عدم إجراء الانتخابات في ليبيا يهدد بتجدد "خطر تقسيم" البلاد.
جاء ذلك في إطار أعمال اللجنة رفيعة المستوى المنبثقة عن الاتحاد الإفريقي بشأن ليبيا المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وقال عضو المجلس الرئيس الليبي عبد الله اللافي في تصريحات صحافية عقب الاجتماع إنَّ المجتمعين اتفقوا على دعم تحقيق السلام ومشروع المصالحة الوطنية بين الفرقاء في ليبيا، مشيراً إلى ما وصفه بـ"دور وجهود الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في دعم العملية السياسية في ليبيا".
وبحسب وكالة الأنباء الليبية (وال)، قدَّم اللافي إحاطة للدول الأعضاء عن "الجهود التي قام بها المجلس الرئاسي لإنجاح المصالحة الوطنية".
وأكد اللافي "ضرورة استمرار الدعم الدولي والإفريقي للشعب الليبي في إنجاز هذا المشروع الوطني بقيادة وملكية ليبية لاستعادة الثقة بين الليبيين لتهيئة الظروف بما يمكن الشعب الليبي من تحقيق تطلعاته نحو التغيير عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة".
"إحباط"
وخلال الاجتماع، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري على "تزايد الاحباط لدى الأشقاء الليبيين نتيجة تقاعس حكومة الوحدة منتهية الولاية عن الوفاء بإجراء الانتخابات".
كما شدد شكري على رفض مصر "أي إملاءات خارجية بما يتجاوز المؤسسات الليبية، ودعمها للمسار الدستوري القائم"، وذلك بحسب ما ذكره المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد.
وفي كلمة ألقاها خلال الاجتماع باسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، جدَّد رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، تأكيد الجزائر، للمساهمة في إنجاح مسار المصالحة الوطنية الليبية، بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي، "بهدف إيجاد أرضية توافقية تعزز الوحدة الوطنية الداخلية وتعيد لليبيا مكانتها الطبيعية على الساحة الدولية"، وذلك بحسب ما نقله موقع رئاسة الوزراء الجزائرية.
"احترام سيادة ليبيا"
وأوضح أيمن بن عبد الرحمن، في هذا السياق، أنَّ "الجزائر لن تدّخر أي جهد في إطار مجموعة دول جوار ليبيا، وبالتعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية المعنية، بغية تمكين الأشقاء في ليبيا من تجسيد أولويات هذه المرحلة المهمة، حفاظاً على أمن واستقرار دول الجوار التي تتأثر بشكل مباشر وأكثر من غيرها بالأوضاع في ليبيا".
وجدَّد رئيس الوزراء الجزائري دعوة الأطراف الخارجية "لاحترام سيادة ليبيا ووحدة أراضيها واستقلالية قرارها".
وأكد أنَّ "الحل الدائم والشامل والنهائي للأزمة الليبية لن يتأتى إلا عبر مسار يكرس مبدأ الملكية الوطنية ويحفظ وحدة ليبيا وسيادتها على كامل ترابها، ويتولى فيه الأشقاء الليبيون زمام الريادة، بما يحفظ لليبيين جميعهم حقهم الأصيل، وغير القابل للنقاش، في ثروات بلادهم وفي تسييرها واستغلالها بما يضمن لهم التنمية والازدهار المنشودين".
"مخاطر التقسيم"
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في كلمته أنَّ الأمم المتحدة ليس لديها أجندة أوهدف بشأن ليبيا إلّا ضمان حق الشعب الليبي في العيش بسلام، والتصويت في انتخابات نزيهة ومشاركة ثمار رخاء بلدهم.
وأضاف أنَّ المطلوب بشكل عاجل الآن هو الإرادة السياسية لكسر الجمود السياسي طويل الأمد، ولتحقيق التقدم على عدة أصعدة، مشدداً على "الحاجة لتحقيق تقدم على مسار الانتخابات".
وأشار إلى أنه "قبل أكثر من عام بقليل، في ديسمبر 2021، كانت ليبيا قريبة للغاية من إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تاريخية، ولكن الخلافات القانونية وغيرها من تحديات دفعت إلى إلغائها"، معتبراً أنَّ عدم إجراء الانتخابات "أدّى إلى تدهور الأمن الاقتصادي وزعزعة الاستقرار السياسي، وهدد بتجدد الصراع وخطر التقسيم".
وأكد أنه "لا بديل عن الانتخابات التي تبقى المسار الوحيد ذا المصداقية للحكم الشرعي المدعوم بالوحدة".
الانتخابات والمصالحة
وكانت مصادر دبلوماسية كشفت لـ"الشرق" أن الاجتماع يناقش 5 نقاط أساسية، على رأسها تنظيم الانتخابات في موعدها، والمصالحة المشتركة بين الأطراف الليبية، وخروج "المرتزقة" والقوات الأجنبية، إضافة إلى حظر توريد الأسلحة، ومساعدة ليبيا في بناء مؤسسات قوية ومهنية تقوم بمهامها.
وضمَّ الاجتماع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسي فكي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، وعضو المجلس الرئاسي الليبي عبدالله اللافي، ورئيس المجلس الانتقالي التشادي محمد ديبي ووزراء خارجية كل من مصر وتونس والجزائر وموريتانيا وممثل الحكومة الإثيوبية.
ويأتي اجتماع اللجنة قبيل انعقاد القمة الإفريقية السادسة والثلاثين السبت والأحد في أديس أبابا وسط توقعات بحضور الملف الليبي بشكل كبير في أجنداتها.
ويتفاقم الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس انبثقت من اتفاق سياسي قبل نحو عامين (أقالها البرلمان) يرأسها عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلّا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا عيَّنها البرلمان في فبراير الماضي 2022، وتتخذ من سرت (وسط) مقراً مؤقتاً.
وبعد وقف إطلاق النار في ليبيا في عام 2020، وافقت الأطراف المتحاربة على إجراء انتخابات في 24 ديسمبر 2021، وشكّلت حكومة وحدة وطنية جديدة، كان من المفترض أن تعيد توحيد المؤسسات الوطنية المنقسمة، لكن العملية الانتخابية انهارت وسط خلافات بشأن القواعد.