
بعد سنوات من طرد تنظيم "داعش" منه، تحوّل حي "الحجر الأسود" المدمر والمهجور في ضاحية دمشق، إلى استوديو في الهواء الطلق لتصوير فيلم صيني ينتجه نجم الألعاب القتالية جاكي شان.
وفيلم "Home Operation" "عملية الوطن" الذي تجري وقائعه في دولة وهمية اسمها "بومان"، مستوحى من عملية إجلاء جماعي نظمتها الصين في العام 2015 لمئات المواطنين الصينيين والأجانب من اليمن، فأخرجتهم على متن سفن تابعة للبحرية الصينية، في عملية وصفتها بكين بأنها "لحظة فخر للبحرية".
ووجد المشرفون على الفيلم الذي تساهم شركة إماراتية أيضاً في إنتاجه، أن اليمن مكان غير آمن للتصوير، فارتأوا تصوير بعض مشاهده في سوريا، التي تحولت مناطق واسعة فيها إلى مواقع لتصوير مشاهد الدمار والحرب.
وضجّ حي "الحجر الأسود" شبه الخالي من السكان، الأسبوع الماضي بفريق العمل الصيني وممثلين ثانويين سوريين، ارتدى بعضهم الزي اليمني.
وخلال حفل افتتاح التصوير، رفعت لافتة حمراء كتب عليها بالعربية "أول فيلم صيني يبدأ تصويره في سوريا"، كما حضر الافتتاح سفير جمهورية الصين لدى دمشق.
ووسط أبنية مهدّمة، انهمك أعضاء الفريق في نصب أجهزتهم ونشر الدبابات في مواقعها تمهيداً لانطلاق التصوير.
وعلى الرغم من أن جاكي شان، المنتج الرئيسي للعمل، فإنه لن يحضر إلى سوريا للمشاركة في تصوير الفيلم، الذي يقدّم على أنه يسلّط الضوء على دور السلطات الصينية في عملية الإجلاء الكبيرة من اليمن.
وقال مخرج الفيلم ينشي سونج للصحافيين إن الفيلم "ينطلق من وجهة نظر الدبلوماسيين من الحزب الشيوعي (الحاكم في الصين) الذين تحدوا وابل الرصاص في بلد تمزقه الحرب، واستطاعوا نقل جميع المواطنين الصينيين سالمين على متن سفينة حربية".
من "معقل لداعش" إلى "جاذب للمنتجين"
في عام 2015، سيطر تنظيم داعش على أجزاء من حي الحجر الأسود ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين المحاذي له في جنوب دمشق.
وفي مايو 2018، وعلى أثر عملية عسكرية واسعة وإجلاء مئات المقاتلين، تمكن الجيش السوري من استعادة جميع أحياء العاصمة الجنوبية، حيث كان يوجد أعضاء التنظيم، واستعادت القوات الحكومية بذلك كامل دمشق ومحيطها للمرة الأولى منذ عام 2012.
وأدت المعارك والقصف إلى تسوية مساحات واسعة من الحي بالأرض، وبات عبارة عن تكتل أبنية منهارة أو متصدعة لا حياة فيها، وعادت قلّة من سكان الحي إليه، بينما لا يزال القسم الأكبر منه غير مأهول.
وقال المخرج المنفّذ في سوريا رواد شاهين لوكالة فرانس برس: "تحوّلت مناطق الحرب في سوريا إلى استوديو سينمائي يجذب المنتجين لتصوير أفلامهم".
وأضاف: "بناء أماكن مشابهة مكلف جداً، هنا يوجد استوديو جاهز ومناسب لأي شخص يرغب بتصوير أي مشهد مرتبط بالحرب".
ولن يقتصر تصوير الفيلم الصيني على حي "الحجر الأسود" بل سيشمل مناطق أخرى شهدت معارك مدمرة، بينها مدينتا داريا ودوما قرب دمشق، ومدينة حمص في وسط البلاد.
ومن المفترض أن يستمر التصوير في سوريا لمدة 45 يوماً، وفق المنتج المنفذ للفيلم زياد علي، على أن ينتقل إلى مواقع أخرى خارج سوريا.
وقال علي لفرانس برس: "هذا المكان يشبه الموقع الحقيقي الذي جرت فيه أحداث هذا العمل الحقيقية لأنه مأخوذ عن قصة حقيقية".