لتأمين نصف مساحة الكوكب.. الأمم المتحدة تناقش "حماية أعالي البحار"

time reading iconدقائق القراءة - 5
رجل يمر قرب مبنى الأمم المتحدة في ولاية نيويورك الأميركية - REUTERS
رجل يمر قرب مبنى الأمم المتحدة في ولاية نيويورك الأميركية - REUTERS
نيويورك -أ ف ب

بعد 4 جولات غير مثمرة، تستأنف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مفاوضاتها، الاثنين، على أمل التوصّل إلى اتفاقية لحماية أعالي البحار، هذا الكنز الهشّ والحيوي الذي يغطّي أكثر من نصف مساحة الكوكب.

وبعد انقطاع لسنتين بسبب كوفيد-19، كان من المفترض أن تكون الجولة الرابعة التي عقدت في مارس الأخيرة، لكن بالرغم من التقدّم المحرز، لم يكن الوقت كافياً كي يتّفق المفاوضون على النسخة الأخيرة من النصّ.

وهم يجتمعون مجدداً في اجتماع يمتدّ حتى 26 أغسطس في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك.

تفاؤل حذر

ويتساءل البعض عما إذا ما كان حقاً هو الاجتماع الأخير لهم، حيث من الصعب التكّهن بمآل الأمور، بحسب مراقبين.

التفاؤل الحذر هو سيد الموقف بين المتفاوضين، على ما قال لوكالة فرانس برس مصدر في "ائتلاف الطموح الكبير" الذي يضمّ حوالي 50 بلداً بقيادة الاتحاد الأوروبي.

وكشف المصدر عن "ضرورة التوفيق بين فكرتين كبيرتين، من جهةٍ الحاجة إلى حماية البيئة وضبط الأنشطة ومن جهة أخرى مبدأ قوامه الحرّية السائدة في أعالي البحار".

وتبدأ منطقة أعالي البحار من النقطة التي تنتهي فيها المناطق الاقتصادية الخالصة للدول، على بعد 200 ميل بحري (370 كيلومتراً) من الساحل كحدّ أقصى.

وهي جزء لا يخضع لأي ولاية قضائية وطنية من الدول. وتشكل منطقة أعالي البحار أكثر من 60% من المحيطات وحوالي نصف الكوكب ولم تكن أيّ أهمية كبرى تولى لها لفترة طويلة، مع تركّز الانتباه خصوصاً على المناطق الساحلية وبعض الأنواع المعروفة.

ولم يكن سوى 1% لا غير من هذه المنطقة محمياً. وقد أثبتت الدراسات العلمية أهمية حماية النظم الإيكولوجية المحيطية بالكامل، فهي تنتج نصف الأكسجين الذي نستنشقه وتحد من الاحترار المناخي من خلال تخزين جزء كبير من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الأنشطة الصناعية.

غير أن الخدمات التي توفّرها للبشرية باتت عرضة للخطر نتيجة الاحترار وتحمّض المياه والتلوّث بأنواعه والصيد الجائر.

"بوصلة"

من الضروري إذاً التمكّن من وضع اللمسات الأخيرة على هذه المعاهدة حول "حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية واستغلاله على نحو مستدام"، ومن تقديم نسخة طموحة من الاتفاقية، بحسب ما تطالب به دول "ائتلاف الطموح العالي" مدعومة من منظمات غير حكومية.

وقال الباحث في معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية في باريس جوليان روشيت إن "هذه المعاهدة تكتسي أهمية قصوى لأنها ستقوم مقام إطار تنظيمي وبوصلة ومبادئ وقواعد للأسرة الدولية برمّتها بشأن إدارة هذا الحيّز المشترك".

غير أن المشروع الأخير من النصّ المطروح على طاولة المفاوضات ما زال يتضمّن عدّة مسائل عالقة وخيارات متعدّدة حول ركائز المعاهدة، مثل شروط إنشاء المناطق البحرية المحمية.

وينبغي لمؤتمر الأطراف المقبل (وهي الهيئة التي تضمّ الدول الموقّعة على المعاهدة) أن "تُمنح الصلاحيات اللازمة لإنشاء هذه المناطق البحرية من دون الرجوع إلى هيئات أخرى"، بحسب جيمس هانسون من "جرينبيس"، في حين لا يزال ينبغي حلّ بعض المسائل الخاصة بالتعاون مع المنظمات البحرية الإقليمية المتعددة، لا سيّما تلك التي تدير شؤون الصيد.

إيرادات لا تفوّت

وتؤثر الصلاحيات المنوطة بمؤتمر الأطراف على المناقشات بشأن إلزامية إجراء دراسات أثر الأنشطة في أعالي البحار على البيئة، بحسب ما كشف جوليان روشيت.

ولفت "من سيرفض أو يقبل النشاط بالاستناد إلى الدراسة؟ هل هو مؤتمر الأطراف أم الدولة الساعية إلى تطوير هذا النشاط؟".

ومن المسائل الحسّاسة الأخرى، توزيع العائدات التي قد تتأتّى من استغلال الموارد الجينية في أعالي البحار التي تأمل الشركات الصيدلانية والكيميائية وتلك المطوّرة للمستحضرات التجميلية الاستفادة منها.

وتبقى الأبحاث المنفّذة في أعالي البحار والمكلفة جداً حكراً على البلدان الأكثر ثراء راهناً، غير أن البلدان النامية لا تريد بدورها أن تفوّت الإيرادات التي قد تدرّها الموارد البحرية التي ليست ملكاً لأحد.

وفي ظلّ هذه العراقيل، "لا بدّ من جسّ النبض لمعرفة ما إذا كانت التحالفات بقيت على حالها"، بحسب جوليان روشيت الذي يصنّف في خانة المتحمّسين الاتحاد الأوروبي وأستراليا ونيوزيلندا والدول النامية، في مقابل كتلة أخرى على رأسها روسيا وبعض البلدان التي لديها تحفّظات في مسائل الصيد، مثل آيسلندا واليابان.

تصنيفات