
قضت محكمة استئناف فيدرالية في العاصمة الأميركية واشنطن، الخميس، بأن إدارة الرئيس جو بايدن يمكنها استخدام آلية أقرها الرئيس السابق دونالد ترمب، والتي تسمح للمسؤولين بطرد المهاجرين بسرعة، ودون فرصة حصولهم على حق اللجوء.
وستسمح هذه الخطوة لإدارة بايدن بفرض برنامج "Title 42" المثير للجدل أثناء التقاضي، لترحيل آلاف المهاجرين الهايتيين الذين وصلوا إلى بلدة ديل ريو بولاية تكساس على الحدود مع المكسيك (جنوب)، وفق موقع "أكسيوس".
ويأتي هذا الحكم القضائي في وقت تزداد الانتقادات الموجهة إلى بايدن، واتهامه بأنه يتبنى سياسات ترمب نفسها، رغم أنه تعهد خلال حملته الانتخابية بإسقاطها.
نقاط تشابه
صحيفة "نيويورك تايمز" ، ذكرت في تقرير أن بايدن، ورغم حرصه على تخطي عهد ترمب، لدرجة أنه يُفضل أن يُطلق عليه اسم "الرجل السابق" بدلاً من ذكر اسمه، وجد نفسه في مواجهة مقارنات مع سلفه الجمهوري.
واستشهد خبراء السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، وبعض حلفاء بايدن، في مقارنتهم بمواقف الرجلين في قضايا مثل الهجرة، ومعاملة الحلفاء الأجانب، والانسحاب المفاجئ من أفغانستان.
ودفع هذا الوضع البيت الأبيض إلى التأكيد على نقاط الاختلاف بين بايدن وسلفه، مثل التركيز على المناخ، ووضع حد لإعلان السياسات عبر تويتر (على غرار ما كان يفعله ترمب)، وذلك لمنع أي شعور بأن بايدن يتبنّى سياسات ترمب التي انتهجها خلال سنوات حكمه الأربع.
وخلال مؤتمر صحافي الخميس، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، عند سؤالها عن المقارنات الأخيرة: "أعتقد أننا في وضع مختلف نوعاً ما. الناس سيتعرضون لضغوط شديدة، ليقولوا إن بايدن اتخذ نفس أسلوب الرئيس السابق، واستخدمه كنموذج خاص به".
أوجه المقارنة
ورغم الاختلاف بين بايدن وترمب من حيث اللهجة والطباع، إلا أن الأول، وفقاً لـ"نيويورك تايمز"، يجد أنه ليس من السهل دائماً رسم خط واضح يفصل بينه وبين سلفه، عندما يتعلق الأمر بالسياسة، لافتةً إلى مقارنة وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، بين بايدن وترمب أثناء إعرابه عن غضبه إزاء كيفية تحايل الولايات المتحدة على فرنسا لعقد صفقة مع أستراليا، بشأن بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية، حيث قال لودريان آنذاك: "هذا القرار القاسي والأحادي وغير المتوقع، يُذكرني كثيراً بما كان يفعله السيد ترمب".
ومن المشاكل التي يواجهها بايدن، هي عدم قدرته على إلغاء سياسات وُضعت على مدار 4 سنوات، على غرار سياسة الهجرة.
واستشهد رئيس "الجمعية الأميركية الوطنية للنهوض بالملونين"، ديريك جونسون بالرئيس السابق دونالد ترمب، أثناء انتقاد قرار بايدن بإعادة مئات المهاجرين الهايتيين، الذين يحاولون دخول الولايات المتحدة.
وقال جونسون: "إذا تغافلنا الآن على غرار ما كان يحدث تحت حكم ترمب، فماذا يمكن أن نفعل"، محذراً إدارة بايدن من أن الجمعية "ليس لديها أصدقاء دائمون، وإنما مصالح دائمة فقط".
استمرارية القرارات
وفي مقال نُشر هذا الأسبوع بمجلة "فورين أفيرز"، اعتبر ريتشارد هاس رئيس "مجلس العلاقات الخارجية الأميركية"، وهي مؤسسة غير ربحية، أن هناك استمرارية بين السياسة الخارجية للرئيس الحالي والسياسة الخارجية للرئيس السابق.
وانتقد هاس إدارة بايدن بسبب اتباعها نهج "أميركاً أولاً" في مكافحة جائحة فيروس كورونا. وقال إن "صادرات الولايات المتحدة من اللقاحات كانت محدودة ومتأخرة، حتى مع تجاوز العرض المحلي للطلب، ولم يكن هناك سوى جهد متواضع لزيادة القدرة التصنيعية، للسماح بزيادة الصادرات".
ودافع مسؤول في الإدارة الأميركية عن بايدن قائلاً، إن "الولايات المتحدة تبرعت بعد بناء مخزونها المحلي، بـ1.1 مليار جرعة إلى الخارج، وتبرعت بثلاث لقاحات للدول الأخرى مقابل كل جرعة يتلقاها مواطن أميركي".
والأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، لشبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية الأسبوع الماضي، إن "بايدن كان ولا يزال ينتقد سلوك سلفه ترمب تجاه إيران، ولكن في الوقت ذاته، تُنفذ إدارته العقوبات التي فرضها ترمب على إيران بعناية".
التعامل مع الصين
ووفق "نيويورك تايمز"، فإن أي نقاط تشابه بين أجندات بايدن وترمب، تُمثل بدرجة أقل موقف الرئيسين، وبدرجة أكبر المصالح الأميركية المستمرة في الخارج، والتحول إلى آسيا الذي بدأ خلال عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وقال ريتشارد فونتين، رئيس "مركز الأمن الأميركي الجديد"، للصحيفة: "أثناء الانتخابات، يكون للطرفين مصلحة سياسية في تضخيم خلافاتهما. ولكن في الواقع، يتبنى كلا الطرفين موقفاً أكثر تشدداً تجاه الصين، ويتحركان بعيداً عن الاتفاقيات التجارية، مثل الشراكة العابرة للمحيط الهادئ".
وأضاف فونتين: "هذا ليس لأن ترمب وحده يفهم الفكرة، هذا جزء من الإجماع الجديد في جميع الأحزاب في واشنطن، هذا هو الحال سواء فاز ترمب أو بايدن، أو كلينتون أو كروز".
وأشارت الصحيفة إلى أن عناد بايدن المشابه لعناد ترمب، نابع من شخصية "لا تتراجع أبداً"، وأن العقود التي أمضاها بايدن في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أعطته وجهات نظر متشددة بشأن بعض القضايا الخارجية، التي تولى مسؤوليتها طوال سنوات.
وأشار تقرير "نيويورك تايمز" إلى الشهادة التي أدلى بها قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال كينيث ماكينزي، أمام مجلس الشيوخ الثلاثاء الماضي، والتي قال فيها إنه أوصى بإبقاء 2500 جندي في أفغانستان. ولكن بايدن رفض نصيحة جنرالاته، ولم يعترف مطلقاً بأي خطأ بشأن "الانسحاب الفوضوي" من أفغانستان.