تقرير: هكذا تُرغم الشيشانيات على الاعتذار.. تعتيماً على العنف الأسري

time reading iconدقائق القراءة - 5
ضحية للعنف الأسري (صورة توضيحية) - Getty
ضحية للعنف الأسري (صورة توضيحية) - Getty
دبي-الشرق

قال تقرير لصحيفة "غارديان" البريطانية، الخميس، إن الشيشان شهدت في السنوات الأخيرة تزايداً لممارسات انتزاع الاعترافات المتلفزة، وإجبار النساء على الاعتذار "تحت الإكراه" والتراجع عن أقوالهن، من أجل التعتيم على قضايا العنف ضد المرأة.

وأفاد التقرير بأن الاعترافات القسرية "أصبحت شائعة في الشيشان في ظل حكومة الرئيس الشيشاني رمضان قديروف"، الذي وصل إلى الحكم عام 2007، مشيراً إلى أن اللجوء لهذه الوسيلة يستخدم "لترهيب الشعب ونشر الدعاية التي توحي بأن الشيشان مدينة فاضلة، حيث لا توجد انتهاكات لحقوق الإنسان"، وفقاً للتقرير.

عنف وملاحقات

واستشهدت الصحيفة بقصة امرأة تدعى حليمة تاراموفا، تبلغ من العمر 22 عاماً، وهي ابنة رجل أعمال شيشاني بارز.

وقالت "غارديان" إن تاراموفا فرّت من منزلها، وقالت إنها تعرّضت للعنف بعد أن خالفت رغبات عائلتها. وطلبت المساعدة من مجموعة من نشطاء حقوق المرأة الذين سمحوا لها بالبقاء في شقة يملكها أحد أعضائها في جمهورية داغستان المجاورة.

وفي مقطع فيديو تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي في 6 يونيو، ناشدت السلطات الشيشانية ألا تأتي للبحث عنها. وقالت: "أنا حليمة أيوبوفنا تاراموفا، تركت المنزل طواعية للفرار من الضرب المنتظم والتهديدات. من فضلكم لا تضعوني على قائمة المطلوبين الفيدراليين، ولا تفصحوا عن أي معلومات حول مكاني، لأن هذه الإجراءات ستشكل تهديداً لحياتي".

وذكرت الصحيفة أنه بعد أيام، داهم أكثر من 20 رجلاً يعملون في الشرطة الروسية وقوات الأمن الشيشانية الشقة التي كانت تقيم فيها، بحسب سفيتلانا أنوخينا، الصحافية والناشطة التي كانت حاضرة حينها.

وقالت ناشطتان، بما في ذلك أنوخينة، إنهما تعرّضتا للضرب والاحتجاز ، وأُعيدت تاراموفا إلى الشيشان.

تغيير الأقوال "تحت الإكراه"

بعد أربعة أيام بث التلفزيون الرسمي مقطعاً تظهر فيه تاراموفا وهي تبتسم، بينما كانت تنظر باستمرار إلى شخص ما أو شيء ما خلف الكاميرا.

وقالت تاراموفا إنها "بخير"، وإن عائلتها تعتني بها جيداً، وإنه لم يكن هناك أي إساءة، ولمّحت إلى أنها "ربما تكون قد تم تخديرها عندما انتقلت إلى داغستان"، مشيرة إلى أنها لا تتذكر الكثير عن رحلتها تلك.

واعتبر التقرير أنه للوهلة الأولى "قد يبدو هذا التغيير في موقف تارارماوفا غريباً، ولكنه لا يشكل مفاجأة لمن يعيشون في المنطقة".

وتقول تانيا لوكشينا، المديرة المساعدة لأوروبا وآسيا الوسطى في منظمة "هيومن رايتس ووتش": "لا شك في أن تاراموفا كانت هناك تحت الإكراه".

وأضافت: "أولئك الذين يتقدمون بشكاوى إلى السلطات الرسمية أو يتحدثون عن الانتهاكات، يُجبرون بشكل روتيني على التراجع عن أقوالهم والاعتذار أمام الكاميرا. هذا أحد الأساليب التي تستخدمها السلطات الشيشانية لقمع المعارضة".

"أداة راسخة"

وقالت فانيسا كوغان، مديرة مشروع "مبادرة العدالة" وهو مبادرة حقوقية، إن "الاعترافات القسرية هي أداة راسخة يستخدمها النظام لتقديمها على أنها مدينة فاضلة".

وبحسب تقرير "غارديان"، أصبحت عمليات التراجع العلنية شائعة جداً على مر السنين. وأورد التقرير تصريحات لشيشانيات قلن إنهن تعرّضن لأسلوب الاعترافات القسرية، وأشرن إلى أنه يستخدم كجزء من "رد الفعل العنيف ضد حقوق المرأة".

وتعتقد كوغان أن الاعترافات القسرية المستخدمة في مثل هذه الظروف "تحقق الأثر المقصود منها في إسكات النساء ومنعهن من الخروج عن الخط".

 نماذج للعنف

وسلّط التقرير الضوء على مواقف للعنف الأسري انتهت نهايات مأساوية. وقالت إنه في يونيو من العام الماضي، توفيت امراة تدعى مدينة أومايفا (23 عاماً) في ظروف مريبة بعدما  اشتكت من قبل لأفراد أسرتها من ضرب زوجها لها بشكل متكرر.

واشتكت والدة أومايفا إلى السلطات وبدأت قصتها تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

وغضبت القيادة الشيشانية من التقارير المرتبطة بالموضوع، لدرجة أنهم صوروا لقاءً بين العائلتين. وظهر (الرئيس) قديروف على التلفزيون الحكومي وهو يوبّخ أقارب أومايفا، قبل أن تظهر والدتها وهي تعتذر إلى حماتها وزوجها، قائلة إنه "ليس لها الحق في توجيه أي اتهامات بارتكاب مخالفات".