استكملت ألمانيا وإيطاليا، الأربعاء، عملية سحب قواتها من أفغانستان التي بدأتها في مايو الماضي، لتسدل الستار على تواجدها الذي دام نحو 20 عاماً في هذا البلد، إلى جانب قوات أميركية ودولية أخرى.
ويأتي إعلان انسحاب القوات الألمانية التي تعد الثانية في عددها بعد قوات الولايات المتحدة، في وقت تهدف واشنطن إلى إنجاز سحب جنودها بحلول 11 سبتمبر.
وأفادت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب-كارنباور في بيان أنه "بعد نحو 20 عاما على الانتشار، غادر آخر جنود الجيش الألماني أفغانستان هذا المساء (الثلاثاء). هم الآن في طريقهم إلى بلادهم".
ورأت الوزيرة الألمانية أن الخطوة تمثل "نهاية فصل تاريخي، شهد انتشاراً مكثفاً شكل تحدّياً للجيش الألماني"، مشددة على أن قوات بلادها "أثبتت جدارتها في القتال".
وشكرت كرامب على تويتر 150 ألف رجل وامرأة، خدموا في أفغانستان منذ 2001، مؤكدة أن عليهم أن يشعروا بالفخر للدور الذي قاموا به، كما استذكرت العناصر الذين لقوا حتفهم وجرحوا أثناء الخدمة في أفغانستان قائلة "لن ننساكم".
وكان الجيش الألماني أشار إلى مصرع 59 جندياً بين صفوفه منذ 2001 خلال خدمتهم في أفغانستان، فيما تم نقل آخر الجنود المغادرين بـ4 طائرات عسكرية، أقلعت من معسكر مرمل في مزار شريف، اثنتان منها ألمانيتان من طراز "ايه-400-ام" والأخريان أميركيتان من طراز "سي-17".
انسحاب إيطالي
وفي السياق ذاته، أعلنت إيطاليا إحدى أكثر القوى الغربية تواجداً في أفغانستان الأربعاء بأنها استكملت عملية سحب آخر جنودها في إطار الانسحاب السريع لقوات حلف شمال الأطلسي "ناتو".
وقال وزير الدفاع الإيطالي لورنزو جويريني في بيان: "انتهت مهمة البعثة الإيطالية في أفغانستان مساء أمس (الثلاثاء) رسمياً".
وأضاف جويريني: "لكن التزام المجتمع الدولي، بدءاً بإيطاليا، تجاه أفغانستان لا يتوقف عند هذا الحد، سيستمر في أشكال أخرى من تعزيز التعاون إلى التنمية، ودعم المؤسسات الجمهورية الأفغانية".
وغادرت آخر وحدة إيطالية قوامها بضع عشرات من الجنود هرات غربي أفغانستان، ووصلت إلى مطار بيزا غربي إيطاليا.
وكان قد جرح 723 جندياً إيطالياً، ولقي 53 مصرعهم من أصل 50 ألفاً، تم نشرهم خلال العقدين الماضيين في أفغانستان، بحسب الوزارة.
الدعم الحازم
وتُعد إيطاليا وألمانيا إلى جانب الولايات المتحدة وتركيا وبريطانيا من الدول الأكثر مشاركة في مهمة "الدعم الحازم"، إذ نشرت هذه الدول ما مجموعه 6 آلاف من أصل 9592 عسكرياً من 36 دولة أعضاء في "ناتو" أو شركاء له في إطار هذه المهمة.
وقبل بدء الانسحاب الألماني كان عدد القوات الألمانية في أفغانستان 1100 جندي، يعملون في إطار مهمة حلف شمال الأطلسي، للتدريب والدعم، كما سبق أن سحبت دول تساهم بجنود أقل في المهمة مثل الدنمارك وإستونيا وإسبانيا قواتها.
وكانت مهمة "الدعم الحازم" تهدف لتدريب القوات الأفغانية لتمكينها من ضمان أمن بلادها، بعد رحيل القوات الأجنبية.
وكان الحلف الأطلسي أعلن في 29 أبريل، بعد 20 عاماً من وجوده، بدء انسحاب قواته، ما أثار شكوكاً بشأن مصير افغانستان الذي لايزال رهينة أعمال العنف.
وبدأت عمليات انسحاب القوات في اتخاذ خطوات أسرع من أي وقت مضى، بعدما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن قراره سحب قوات بلاده بحلول 11سبتمبر، بعد انتشارها على مدى 20 عاماً في أفغانستان.
انسحاب أميركي
ويهدف بايدن إلى سحب الجنود الأميركيين من أفغانستان، تزامناً مع ذكرى مرور 20 عاماً على الهجمات الدامية التي نفّذها تنظيم القاعدة في الولايات المتحدة عام 2001.
وأثارت وتيرة سحب الجنود تكهّنات، بأنه يهدف إلى إعادة كامل القوات، قبل يوم الاستقلال, الذي يحتفل به الأميركيون في الرابع من يوليو.
واكتفى الناطق باسم حلف شمال الأطلسي "ناتو" في رده على سؤال لوكالة "فرانس برس" بشأن الجدول الزمني لسحب الجنود بالقول، إن "سحب القوات يمضي بشكل منظّم ومنسّق".
وأضاف: "فيما نخفض حضورنا العسكري، نواصل دعم أفغانستان عبر ضمان التدريب والدعم المالي للقوات الأمنية، والمؤسسات الأفغانية، والمحافظة على حضور دبلوماسي في كابول وتمويل عمل المطار الدولي". من جهة أخرى رفضت وزارة الدفاع الأميركية بدورها التعليق على الإعلان الألماني.
"طالبان تتمكن"
ويتدهور الوضع الأمني في أفغانستان منذ أسابيع، وتتصاعد عمليات القتال منذ مطلع مايو، عندما بدأ الجيش الأميركي المرحلة الأخيرة من سحب جنوده، إذ أعلنت حركة طالبان بأنها سيطرت مؤخراً على أكثر من 100 من أصل 400 منطقة في أنحاء البلاد.
ولم يستبعد قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر، الثلاثاء، شن ضربات جوية ضد طالبان في حال واصلت هجومها.
ويخشى بعض المراقبين من احتمال أن تسيطر طالبان مجدداً على العاصمة كابول، فور مغادرة القوات الغربية، وأعربوا عن مخاوف حيال آلاف الأفغان الذين عملوا إلى جانب القوات الدولية.
وسبق أن أعلنت واشنطن أنها تنوي إجلاء الأفغان الذين عملوا كمترجمين لقواتها، وسط قلق حيال مصير آلاف المترجمين الفوريين والسائقين والمقاولين، الذين قد يواجهون أعمالا انتقامية، بسبب مساعدتهم القوات الأميركية.
وينتظر نحو 18 ألف أفغاني لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم الاستقرار في الولايات المتحدة، لأن معالجة هذه الملفات تستغرق سنوات عادة.
تقليص الإجراءات
وينص مشروع قانون أقره مجلس النواب الأميركي الثلاثاء، بدعم من أعضائه الجمهوريين والديموقراطيين، على إلغاء شرط اجتياز فحص طبي للمرشحين للحصول على وضع خاص للمهاجرين، ما سيسمح بتقليص مدة الإجراءات إلى شهر واحد لكل مرشح، ويفترض أن يقر مجلس الشيوخ أيضاً النص، حتى يتمكن بايدن من توقيعه وإصداره.
وكان التدخل العسكري الدولي في أفغانستان انطلق في السابع من أكتوبر 2001، بعد أقل من شهر من هجمات 11 سبتمبر التي أودت بحياة نحو 3 آلاف شخص في الولايات المتحدة.
وكان نظام طالبان حينها يأوي أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الذي أسسه ونفّذ الهجمات، وأطاحت القوات التي قادتها واشنطن بنظام طالبان في غضون أسابيع.