
يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يتمتع بسلطة شبه مطلقة في أنقرة، لولاية أخرى كرئيس للبلاد في الانتخابات التي يرجح أن تجرى في الصيف، ولكن مع مواجهة البلاد أزمة اقتصادية، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى أن هذا السباق قد يهدد حكمه الذي دام 20 عاماً، وهو الأطول في تاريخ تركيا.
ويبدو السباق الرئاسي في تركيا مليئاً بـ"الأحقاد" حتى قبل تحديد موعد إجراء الانتخابات، إذ تمت إعادة صياغة القواعد الانتخابية لمنح أردوغان وحزبه ميزة على غيرهم، ويقول المعارضون إنه يعتمد على القضاء لاستبعاد المنافسين الأقوياء، وإن فكرة ترشحه مرة أخرى نفسها تمثل انتهاكاً للدستور.
1- ما المشكلة الرئيسية؟
يواجه أردوغان الذي سيبلغ من العمر 69 عاماً في 26 فبراير، اقتراعاً على قيادته بشكل متزايد بعد تحويله تركيا فعلياً إلى دولة ذات نظام رئاسي يتمتع بصلاحيات كاسحة في عام 2018.
ونادراً ما تنسق أحزاب المعارضة التركية في ما بينهما للوصول إلى استراتيجية معينة، ولكن هذه المرة يواجه الرئيس التركي تحدياً خطيراً من كتلة المعارضة المكونة من 6 أحزاب، والتي تضم حلفاء سابقين ساعدوا في بناء إمبراطوريته السياسية.
وتأتي الانتخابات في الوقت الذي تكافح فيه البلاد أسوأ أزمة في تكلفة المعيشة منذ عقدين، وعلى الرغم من أن أردوغان لا يزال هو السياسي الأكثر شعبية في تركيا، إلا أن حزب "العدالة والتنمية" الذي ينتمي إليه فقد الدعم بين الفقراء، الذين كانوا عادةً من بين أشد مؤيديه.
ويتعهد زعماء كتلة المعارضة بإدارة البلاد من خلال التوافق، فيما يهاجم أردوغان خطتهم ويتهمها بأنها ستؤدي لعودة المشاحنات داخل الحكومات الائتلافية التي أدت إلى عقود من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي قبل صعوده إلى السلطة.
2- ما سبب ارتفاع الأسعار؟
بلغ معدل التضخم في تركيا نحو 64% في ديسمبر، مقارنةً بأعلى نسبة وصل لها منذ 24 عاماً عند 85.5% في أكتوبر، ولا يزال يمثل ثاني أعلى معدل بين الاقتصادات الناشئة بعد الأرجنتين التي مزقتها الأزمة الاقتصادية.
وصحيح أن الاضطرابات التي تسبب فيها وباء كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا أدت إلى زيادة معدلات التضخم في العديد من الدول، ولكن آراء أردوغان الاقتصادية غير التقليدية أدت إلى تفاقم المشكلة في تركيا.
وعلى الرغم من رفع العديد من البنوك المركزية أسعار الفائدة من أجل مكافحة التضخم، إلا أن الرئيس التركي يتخذ موقفاً غير تقليدي، إذ يرى أن القيام بذلك سيكون له تأثير معاكس، وتحت ضغط منه، خفض البنك المركزي التركي بالفعل أسعار الفائدة.
3- متى سيتم إجراء الانتخابات؟
من المفترض إجراؤها في 18 يونيو، ولكن أردوغان، الذي يتمتع بسلطة الدعوة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أي وقت، أشار مراراً وتكراراً إلى أنه قد يتم إجراؤها في مايو، ملمحاً إلى أنها قد تكون في 14 مايو، وسيأتي هذا التاريخ مباشرةً بعد أن تسمح الحكومة، وفقاً لخططها، لأكثر من مليوني شخص بالتقاعد المبكر، وستوظف مئات الآلاف من الأشخاص الآخرين في القطاع العام.
4- مَن الأشخاص الذين يمثلون تحدياً لأردوغان؟
على الرغم من أن تحالف أحزاب المعارضة الستة لم يعلن عن مرشحه للرئاسة بعد، فإن كمال كيليجدار أوغلو، زعيم أكبر أحزابه، وضع نفسه في المقدمة، وصحيح أنه لا يتمتع بشعبية مثل رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو، لكن الأخير أُدين في ديسمبر، بإهانة مسؤولي الانتخابات، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين و7 أشهر، وإذا تم تأكيد الحكم في الاستئناف، فسيتم منعه من ممارسة العمل السياسي.
ويتهم المعارضون أردوغان بالتأثير في القضاء لمنع منافسين مثل إمام أوغلو من الترشح، وهو الادعاء الذي نفته الحكومة.
5- ما التوقعات الخاصة بالبرلمان؟
تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب أردوغان وشريكه الأصغر، حزب الحركة القومية، قد يواجهان صعوبة في الحفاظ على الأغلبية البرلمانية التي فازا بها في الانتخابات الأخيرة في 2018، ولكن التوقعات الخاصة بهم قد تتحسن إذا لم يضطروا إلى التنافس ضد حزب الشعوب الديمقراطي، الذي ينادي من أجل حقوق الأقلية الكردية في تركيا، ويمثل ثالث أكبر كتلة في البرلمان.
6- ما المشكلة التي قد تواجه ترشح أردوغان؟
يقول المعارضون إن الرئيس التركي لا يستطيع الترشح مرة أخرى لأن الدستور ينص على أنه يمكن للرؤساء تولي مسؤولية البلاد لفترتين متتاليتين كل منهما 5 سنوات فقط ما لم يدعُ البرلمان إلى انتخابات مبكرة خلال الولاية الثانية، فيما يقول المسؤولون في حكومة أردوغان إنه لا يزال في ولايته الأولى، إذ إنه تم انتخابه من قبل الشعب لأول مرة في عام 2018، بعد عام من الاستفتاء الذي حوَل نظام الحكم في البلاد إلى النظام الرئاسي.
كان أردوغان انتخب رئيساً من قبل البرلمان، في عام 2014، بعد أن شغل منصب رئيس الوزراء على مدى السنوات الـ 11 السابقة، إلا أن الكلمة الأخيرة بشأن مدى أهلية المرشحين للرئاسة ستكون للمجلس الأعلى للانتخابات والذي من غير المرجح أن يعارض طلب أردوغان للترشح.
7- ما التغيرات التي طرأت على قواعد الانتخابات؟
حصلت حكومة أردوغان على موافقة البرلمان على التعديلات، التي ستدخل حيز التنفيذ في 6 أبريل، ما سيؤدي لتقليص نسبة الأصوات الإجمالية التي يجب أن يفوز بها أي حزب لدخول البرلمان إلى 7% من 10%.
كما تجعل القواعد الجديدة من الصعب على الأحزاب الصغيرة الفوز بمقاعد بمفردها، ما يجبرها على الترشح على مقاعد يسيطر عليها حلفاء أكبر.
اقرأ أيضاً: