أكد الكاتب عبد الرزاق جرنه الفائز بجائزة "نوبل الآداب" لعام 2021 أنه سيواصل تناول قضايا الهجرة في مؤلفاته، واصفاً سياسات الحكومات الأوروبية تجاه المهاجرين بـ"غير الإنسانية".
وتُوّج الروائي البريطاني المولود في تنزانيا والبالغ من العمر 72 عاماً، الخميس، بأسمى الجوائز الأدبية، تقديراً لرواياته حول حقبة الاستعمار والفترة التالية لها في الشرق الإفريقي، ومعاناة اللاجئين العالقين بين عالمين.
وقال جرنه خلال مؤتمر صحافي أقيم في لندن، غداة إعلان فوزه بالجائزة: "أكتب عن هذا الوضع لأنني أريد الكتابة عن التفاعلات الإنسانية وما يمر به الناس عند إعادة تشكيل حياتهم من جديد".
ولم يكن الكاتب يتوقع الفوز بالجائزة، وقال: "تكتبون أفضل ما لديكم وتأملون أن تجري الأمور على خير ما يرام".
وشدّد عبد الرزاق جرنه، الذي في رصيده 10 روايات وقصص صغيرة أخرى، على أنه سيواصل التحدث بكل صراحة عن المسائل التي أرست أسس أعماله ونظرته إلى العالم. وأوضح: "إنها طريقتي في رفع الصوت. أنا لا أؤدي دوراً بل أقول ما أفكر فيه بغض النظر عن نيل نوبل للآداب".
"أنا من زنجبار"
ويعدّ جرنه خامس كاتب مولود في إفريقيا ينال "نوبل للآداب"، وسبقه إليها الكاتب النيجيري وولي سوينكا عام 1986، والمصري نجيب محفوظ عام 1988، والجنوب إفريقية نادين جورديمير عام 1991، ومواطنها جي إم كوتزي عام 2003.
وجرنه حصل على الجنسية البريطانية، بعدما فرّ من زنجبار عام 1967. وتعدّ السواحلية لغته الأم، ولكنه تعلّم أيضاً الإنجليزية في زنجبار، الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي والتي كانت تحت حماية بريطانية قبل ضمها إلى تنزانيا المجاورة.
ولا يزال جرنه يحتفظ بروابط قوية بمسقط رأسه تغذّي مؤلفاته الصادرة بالإنجليزية. وقال: "أنا من زنجبار. ما من التباس في الأمر بالنسبة إليّ. أما عملي وحياتي، فقد بنيتُهما هنا (في بريطانيا)، لكن هذا ليس كل ما يشكل حياتكم الخيالية أو حياتكم المتخيلة".
رؤية إنسانية للسياسة
بعد نحو 50 عاماً في بريطانيا، يرى عبد الرزاق جرنه أن العنصرية انخفضت في البلد، ولكن مؤسساته لا تزال "سلطوية".
وضرب مثلاً الفضيحة المعروفة بـ "ويندراش"، المتحورة حول طريقة معاملة آلاف المهاجرين الذين أتوا بسبل قانونية من الكاريبي إلى بريطانيا بين عامَي 1948 و1971، ولكنهم حُرموا من حقوقهم بسبب افتقارهم للوثائق اللازمة. وقال: "إننا نشهد استمرار القباحة عينها".
وندّد الكاتب بـ"الخطأ" الذي ارتكبته بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، والذي ينمّ بنظره عن "بعض من النوستالجيا والتوهم"، كما انتقد سياسات بلدان أوروبية أخرى مثل ألمانيا التي "لم تواجه ماضيها الاستعماري"، على حدّ تعبيره.
ويروي كتابه الأخير "آفتر لايفز" قصة صبي صغير خُطف من أهله على أيدي القوات الاستعمارية الألمانية، يعود إلى بلدته للعثور على والديه المفقودين وشقيقته.
كما ندّد جرنه أيضاً بالموقف المتشدد للحكومات الأوروبية في ما يخص الهجرة الوافدة من إفريقيا والشرق الأوسط، واصفاً إياه بـ"القاسي وغير المنطقي".
وقال: "ينمّ الرد المذعور حول (سؤال) من هم هؤلاء الوافدون؟ عن نقص في الإنسانية ونقص في التعاطف"، مشيراً إلى أنه "ما من أساس أخلاقي أو منطقي لذلك، فهؤلاء لا يصلون فارغي الأيدي، بل يصلون مفعمين بروح الشباب والطاقة والقدرات".
واعتبر أن "مجرد التفكير بأنهم هنا لسلب شيء من رفاهنا هو أمر غير إنساني".