"كتيبة آزوف" الأوكرانية تسعى لتلميع صورتها بعد معركة ماريوبل

time reading iconدقائق القراءة - 9
مقاتلون من "كتيبة آزوف" خلال تدريبات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا - wsj.com
مقاتلون من "كتيبة آزوف" خلال تدريبات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا - wsj.com
دبي- الشرق

تسعى "كتيبة آزوف" الأوكرانية إلى إعادة تجميع قواتها وتلميع صورتها، كما تأمل بالاستفادة من مساعدات غربية، بعد أسر مئات من مقاتليها إثر معركة ضارية مع الجيش الروسي في مدينة ماريوبل، كما أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال".

وأشارت إلى انتشار 3 فصائل من القوات الخاصة في "كتيبة آزوف"، في غابة خارج المدينة التي تقع جنوب شرقي أوكرانيا، للتدريب على تكتيكات الرماية ونصب كمائن، التي تخطّط لاستخدامها ضد القوات الروسية، من أجل استعادة الأراضي المفقودة وإخراج الروس من أوكرانيا.

وقال فياتشيسلاف روديونوف (29 عاماً)، وهو عازف فلوت في "أوركسترا كييف السيمفونية"، يقود الآن وحدة تضمّ حوالى 20 من مقاتلي "كتيبة آزوف": "لا تصدّقوا الدعاية الروسية... يدعوننا نازيين، والنازيون الحقيقيون هم الجيش الروسي".

ثمة إشادات واسعة بالمقاومة التي أبدتها "كتيبة آزوف" في ماريوبل، وساهمت في تعزيز صورتها، وإن واصلت إثارة جدل.

وهناك قلّة تنكر أن ثمة إشكالية بشأن منشأ الكتيبة. فأول قائد لها، أندريه بيلتسكي، انضمّ إليها في عام 2014، بعدما قاد جماعات سياسية تبنّت علناً أفكار النازيين الجدد ونظرية تفوّق العرق الأبيض. ترك بيلتسكي "كتيبة آزوف"، في أكتوبر 2016، وتزعّم "الفيلق الوطني"، وهو حزب يميني جديد متحالف مع الكتيبة التي لا يزال بيلتسكي منخرطاً بنشاط في عملياتها، محافظاً على اتصال منتظم مع أعضائها ومشاركاً في تدريبهم. لكنه ينفي أن يكون قومياً.

تأسيس الكتيبة

أُسّست "كتيبة آزوف" بوصفها تشكيلاً لمتطوعين، في ماريوبل عام 2014، فيما كان الجيش الأوكراني في وضع صعب. جمعت الكتيبة مقاتلين نجحوا في صدّ هجوم على المدينة الساحلية، شنّه انفصاليون مدعومون من موسكو، وجذبت أفراداً متباينين، بينهم مؤرخون هواة ونازيون جدد ومشجعون لكرة القدم، بإشراف مدربين من الجيش الجورجي.

في صيف وخريف ذاك العام، صدّ هؤلاء المقاتلون مزيداً من هجمات الانفصاليين، وبدأوا في تشكيل سمعتهم بوصفهم قوة هائلة، بحسب "وول ستريت جورنال".

ونقلت الصحيفة عن أولكسندر كوفجون، وهو مستشار سياسي ذكر أنه أُرسل إلى ماريوبل في عام 2014، بواسطة حاكم دونيتسك سيرجي تاروتا، الذي ساهم في تمويل "كتيبة آزوف" في مراحلها الأولى، قوله: "كان هؤلاء المقاتلون الأكثر استعداداً للمعركة، والأكثر حماساً والذين أثبتوا بالفعل قدرتهم على تحرير ماريوبل".

وأشار إلى أن استطلاعاً أعدّه بين أعضائها في عام 2014، عندما كانت الكتيبة تضمّ 345 فرداً، أظهر أن 40% منهم تلقوا تعليماً عالياً، كما أن لدى 18% شهادات في التاريخ، فيما أن اثنين من أعضائها يحملان درجة الدكتوراه.

وقال وزير الداخلية الأوكراني آنذاك، أرسين آفاكوف، إن تأسيس "كتيبة آزوف" استهدف محاربة السردية الروسية بشأن قمع الأوكرانيين الناطقين بالروسية في البلاد.

وأضاف أن اتهامهم بأنهم "وحدات نازية كان جزءاً من دعاية روسية، وأنهم يتحدثون الأوكرانية فقط وأنهم جميعاً متطرفون، وهذا ليس صحيحاً"، وتابع: "معظم المقاتلين في (كتيبة) آزوف يتحدثون الروسية، كما أتحدث إليكم الآن بالروسية".

"مشاغبو كرة قدم"

انضمّ قوميون يجهرون بأفكارهم، إلى "كتيبة آزوف" منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير، لكن هؤلاء أعلنوا معارضتهم الفاشية ورفضهم أيّ آراء متطرفة.

ويفضّل كثيرون من مقاتلي الكتيبة وصف أنفسهم بأنهم "مشاغبو كرة قدم"، في إشارة إلى مشجعين مشاغبين وعنيفين أحياناً في كرة القدم، علماً أن كثيرين منهم يضعون على زيّهم الرسمي رقعاً تتضمّن شعارات فريقهم المفضل في اللعبة.

المقاتلون الذين انضمّوا إلى الكتيبة بعد الغزو، يأتون من كل مناحي الحياة، وبينهم مدرّسو بيانو وموسيقيون محترفون، كما أن أحدهم يمتلك متجراً في كييف يبيع طعاماً نباتياً للحيوانات الأليفة، إضافة إلى كثيرين من المحامين.

ويقول كثيرون منهم إنهم اختاروا "كتيبة آزوف" على حساب وحدات عسكرية أخرى، ليس بسبب ميولها القومية، بل لأنها أتاحت انخراطاً سريعاً في ساحة المعركة، وبسبب سمعتها كقوة قتالية من النخبة، وفق "وول ستريت جورنال".

ويفتقر المقاتلون إلى معدات، إذ أن معظم المتطوّعين أُجبروا على شراء أسلحتهم وخوذاتهم وستراتهم وأحذيتهم، كما قال دميترو كوخارتشوك، قائد الكتيبة الثانية للقوات الخاصة في كييف.

موقف سلبي في الكونجرس

وساهمت السمعة السيئة لـ"كتيبة آزوف"، بوصفها مجموعة يمينية متطرفة، في هذا النقص بالمعدات. ففي عام 2018، حظّر الكونجرس تلقي الكتيبة أسلحة أو تدريبات أميركية. في العام التالي، وجّه 40 نائباً ديمقراطياً رسالة إلى وزير الخارجية الأميركي آنذاك، مايك بومبيو، طالبت بإدراج حركات يمينية متطرفة دولية، بما في ذلك "كتيبة آزوف"، رسمياً على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، إلى جانب تنظيمَي "داعش" و"القاعدة".

الرسالة الذي صاغها النائب السابق ماكس روز، تصنّف "كتيبة آزوف" على أنها من "الجماعات المتطرفة العنيفة البيضاء في العالم"، مضيفة أنها "تجنّد مواطنين أميركيين وتجعلهم متطرفين وتدرّبهم لسنوات، وفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي" (FBI)، لكن الكتيبة نفت هذا الزعم.

وأشار النواب إلى حوادث مزعومة، استشهدت بها الأمم المتحدة، لتعذيب محتجزين لدى "كتيبة آزوف". كما أعربت الأمم المتحدة عن مخاوف أخيراً، بشأن "مزاعم موثوقة" عن تعذيب مارسته القوات الأوكرانية خلال الغزو الروسي، يشمل "كتيبة آزوف".

لكن النائب الأميركي جيسون كرو، الذي كان من الموقّعين على رسالة 2018، ذكر أنه "ليس على علم بأيّ معلومات تُظهر صلة مباشرة (لمقاتلي كتيبة آزوف) بالتطرف الآن". وأشار إلى أن "الجماعات يمكن أن تتغيّر وتتطوّر، وقد تكون الحرب بدّلت المنظمة".

"ليست لدينا أسلحة ثقيلة"

ربما ساهمت معركة ماريوبل، حيث صمد مئات من مقاتلي "كتيبة آزوف" لأسابيع في مصنع "آزوف ستال"، في تغيير تلك الصورة. وأشاد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بحوالى ألفي مقاتل أوكراني أسرهم الروس في أبريل، كثيرون منهم من "كتيبة آزوف"، معتبراً أنهم أبطال.

ولكن ليس واضحاً هل أن ذلك سيؤثر في الكونجرس الأميركي، أو قراره بالمساعدة في تأمين تجهيزات للكتيبة، التي تمتلك الآن 3 صواريخ أميركية الصنع من طراز "جافلين".

وقال كوخارتشوك إن لدى مقاتليه أيضاً صواريخ من طراز NLAW قصيرة المدى مضادة للدبابات، وقذائف صاروخية، مستدركاً أنهم بحاجة ماسّة إلى أنظمة صواريخ مدفعية عالية الحركة، ودبابات ومدفعية. وأضاف: "ليست لدينا أسلحة ثقيلة".

لكن ديمتري روداكوف (32 عاماً)، الذي يمتلك متجراً على الإنترنت لبيع الملابس، وهو الآن قائد وحدة في "كتيبة آزوف"، لا يزال متفائلاً، قائلاً: "سندعوكم قريباً إلى شبه جزيرة القرم" الأوكرانية التي ضمّتها روسيا في عام 2014.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات