كرّم "مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة" خلال افتتاحه، الأحد، الممثلة والمنتجة اللبنانية تقلا شمعون بحضور عدد كبير من نجوم الفن والمثقفين، تزامناً مع يوم المرأة العالمي في 8 مارس.
ومُنحت بطلة مسلسلي "عروس بيروت" و"الزيارة" المجسّم الذهبي التكريمي "تانيت بيروت" عن مسيرتها الفنية اللبنانية والعربية الحافلة بأعمال "تشهد لاحترافيتها وموهبتها وجديّتها ومناصرتها لقضايا الإنسان والمرأة" كما قال رئيس المهرجان سام لحود في كلمته.
وألقت شمعون كلمة مؤثرة تحدثت فيها عن حياتها الخاصة وكيفية دخولها معترك الفن، ونضالها الشخصي والعائلي، إضافة إلى مساندة زوجها المنتج والمخرج طوني فرج الله لها.
"تكريم لبيروت النابضة"
وقالت شمعون الفائزة بجائزة "موريكس دور" كأفضل ممثلة عن دورها في فيلم "مورين" في عام 2019 لـ"الشرق": "سعيدة بتكريمي من مهرجان يحمل رسالة قيّمة من أجل المرأة، ويسلط الضوء على مشاكلها ومعاناتها وعلى تجارب رائدة تؤكد أن المرأة قادرة أن تكون في القيادة".
وأضافت: "هذا التكريم عزيز عليّ بعد سنوات من الانقطاع عن المهرجانات الضخمة في بيروت، هو تكريم لبيروت التي تنبض اليوم بالحياة رغم كل الظروف والأزمات، وأحيّي كل فريق عمل "مجتمع بيروت السينمائي" على جهودهم لجمعنا اليوم كفنانين ومثقفين وإعلاميين، وإنجاح هذا المهرجان الدولي".
وبمناسبة يوم المرأة العالمي، قالت شمعون أستاذة الدراما التي تشاركت مع زوجها في تأسيس أكاديمية للتمثيل الاحترافي ومسرح في بيروت: "أعتبر نفسي مناضلة لأنني خرجت من بيت محافظ وأبي رجل دين، وكافحت لأصبح ممثلة، ولم أساوم على عملي، ولم أستغل أنوثتي لأجل الشهرة، بل أثبتت وجودي من خلال فكري وثقافتي وعلمي وجديتي".
ووجهت شمعون نداء للمرأة العربية عبر "الشرق"، قائلة: "فتحت لك اليوم منصات كثيرة وشاشات متنوعة فحافظي على هويّتك، وانتبهي كيف ستظهرين".
وكان المهرجان الذي تنظّمه مؤسسة "مجتمع بيروت السينمائي" كرّم في الدورات السابقة الممثلة المصرية إلهام شاهين، ومؤسِّسة "سينما لبنان" ومسرحي "مونو وبيريت" إيميه بولس، والممثلة اللبنانية وفاء طربيه.
"متنفّس"
وقالت الممثلة اللبنانية جوليا قصار بطلة فيلم "غضب" للمخرجة ماريا إيفانوفا سورا الذي يعرض ضمن المهرجان: "هذه التظاهرة تتحدّى المستحيل اليوم في ظل الظروف السياسية والصحية والإقفال الحاصل على مدى 3 سنوات، وتعطي كل فنان فينا متنفساً وأوكسجين ولفحة تفاؤل، إذ نأخذ من الضعف قوّة".
ولفتت الى أهمية المهرجان لكونه يضم عدداً كبيراً من النساء في صناعة وقيادة السينما، وليس فقط كممثلات، وأنه يساهم بنشر إيجابي عن المرأة اللبنانية في السينما".
واعتبرت الممثلة المسرحية أن تكريم تقلا شمعون هو "تكريم لكل الفنانين المحترفين في لبنان، وهي قامة كبيرة تستحق التكريم، لكونها أعطت بجدية وموهبة للتلفزيون والمسرح والسينما".
71 فيلماً من 40 دولة
تبدأ عروض المهرجان الاثنين، في صالات سينما مجمّع "ABC" في ضبيّة (شمال بيروت)، ويستمرّ حتى 11 مارس.
ويشارك في المهرجان 71 فيلماً من 40 دولة تتنافس على جوائز ضمن خمس فئات، الأولى للأفلام الروائية الطويلة التي تضم في لجنة تحكيمها كل من وندى دوماني وماري روز شاهين ولارا سابا.
والثانية للأفلام الوثائقية الروائية، وتضم كل من بروين حبيب ونيل كورال وكوليت خلف. فيما تتولى كارمن بصيبص وليال راجحة وناهد صلاح لجنة تحكيم الأفلام الروائية القصيرة، وفرنوش صمدي وكلودين قمر وسينتيا صوما لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية والتحريك القصيرة.
أما لجنة تحكيم الأفلام القصيرة المخصصة للرقص، فتضم كلاً من ألين لحود وريمي عقل وإيزابيل زيغوندي.
التعبير الجريء والابتكار
ولاحظت الشاعرة والاعلامية البحرينية بروين حيبب من خلال متابعتها للأفلام المشاركة في المهرجان أن "المرأة اليوم تتقدّم بسرعة باتجاه التعبير الجريء والحقيقي وباتجاه الابتكار، وتقوم بسجال بصري وتكسر أساليب السينما المباشرة".
وأضافت أن "هناك ندية بالأفكار التي تطرحها الأفلام لصوت المرأة الواقعي بعيداً عن الدموع والشكوى والقمع، إذ نرى المرأة صاحبة قرار وبصمة".
وتتناول الأفلام المعروضة قضايا حقوق الإنسان والعلاج النفسي وسرد قصص حقيقية وشخصية، وغيرها من المواضيع التي تعلي سقف الجرأة والتعبير الحرّ.
ومن بين هذه الأفلام "بنات عبدالرحمن" للمخرج الأردني زيد بو حمدان الذي قال لـ"الشرق": "فخور أن يعرض الفيلم في مهرجان متخصص بالمرأة، ومتحمس جداً للقاء الجمهور اللبناني، وكيفية قراءته للفيلم لأنه جمهور ذواق وخبير في السينما".
نساء من أجل القيادة
وبشأن اختيار شعار المهرجان "نساء من أجل القيادة"، قال رئيس المهرجان سام لحود إن السينما لها دور مهم لدعم جهود المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية والخاصة، التي تعمل على موضوع تمكين المرأة.
وأضاف: "رأينا أنه حان الوقت لتكون المرأة فاعلة بالمجتمع وتكون قيادية في البرلمانات والبلدات ومجالس الوزراء، لنصنع مجتمعات أقل فساداً وأكثر إنتاجية، وهو ما تطرحه أفلامنا كوسيلة للتوعية وتسليط الضوء على نماذج نسائية قوية وناجحة".
وتابع قائلاً: "القيمة الفنية الممتازة تأتي في رأس هرم الأولويات وأن تمثّل صوت المرأة وقضاياها، وأن تكون طريقة العلاج والتناول علمية وفنية وموضوعية بعيدة قدر المستطاع عن تقديم نماذج مريضة، إضافة إلى إيلاء التنوع أهمية ليشمل البرنامج أفلاماً روائية وتجريبية ووثائقية وواقعية وخيالية وأفلاماً راقصة وموسيقية أيضاً".
واعتبرت الممثلة اللبنانية كارمن بصيبص عضو لجنة التحكيم أن الأفلام المطروحة في المهرجان تعلي صوت المرأة، وتقول لها إنه "لا يوجد أي عائق لتصلي إلى ما تطمحين إليه، وتدعوها لعدم الخوف من المجهول وأن تجرّب حتى تحقق أحلامها"، ورأت أن "السينما والدراما وسائل مهمة في التأثير الإيجابي في تغيير نظرة المجتمع للمرأة وتسهم في تمكينها".