مقتطفات من أدب آني إرنو بـ"كتاب في مجلة"

time reading iconدقائق القراءة - 6
غلاف كتاب "خزائن لم تعد فارغة" - الشرق
غلاف كتاب "خزائن لم تعد فارغة" - الشرق
القاهرة-ميّ هشام

"الخزائن الفارغة" عنوان رواية آني إرنو الأولى الذي وقع عليه اختيار مجلة "الثقافة الجديدة" التي تصدر عن هيئة قصور الثقافة بالقاهرة، لتقديم لمحة عن عالم الأديبة الفرنسية ليصدر مع المجلة ضمن عدد شهر نوفمبر.

اعتمد فريق المجلة على مجموعة من المترجمين العرب لإنتاج الكتاب خلال أسبوع لا أكثر، ليخرج للنور كأوّل مطبوعة عربية عن إرنو بعد فوزها بجائزة نوبل.

مدخل

عبر المقدّمة تروي المجلة كواليس الكتاب المعدّ على عجل، احتفاءً بفوز إرنو بنوبل الأدب، ليصدر مع العدد الأوّل كهدية، تصلح تماماً  لأن تكون مدخلاً لعالمها، إذ يتضمّن أعمالاً من مسيرتها الأدبية.

واستحوذت يوميات إرنو الأقدم على الكتاب الذي يتضمّن قسماً من يومياتها عام 1988، تولّى المترجمون نقل مقاطع منها للعربية. في ذلك الحين، كانت إرنو سيدة أربعينية مازالت تمارس الحياة بخفّة فتاة عشرينية، تفصح عن مشاعر لا تعترف بها امرأة بسهولة.

دور إرنو كمثقّفة يسارية هو ما أراد القائمون على الكتاب إبرازه، عبر استعراض رسالتها للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتزامن مع بدء تفشّي جائحة كورونا في 2020، المعنونة "ولتعلم سيدي الرئيس".

في تلك الرسالة تنتصر إرنو لـ"لمهمّشين الذين لا يُعيرهم ماكرون اهتماماً"، بوصفهم الضمانة لسير الحياة في شكلها المادي، وسط تلك الظروف.

كتاب في أسبوع

تشرح إسراء النمر نائبة رئيس تحرير المجلة والقائمة على إعداد وتقديم "خزائن لم تعُد فارغة"، كواليس إعداد الكتاب الذي سبق الإعلان عن اسم الفائز بنوبل، مؤكّدة أن نيّة إنتاج كتاب عن الحائز على نوبل كانت موجودة.

غير أن اسم إرنو، كان مفاجأة سارّة، فالأديبة معروفة، وقد نُقلت أعمالها إلى العربية من قبل، بخلاف ما حدث العام الماضي. وبحسب النمر "ساهمت تلك الميزة في سرعة تحديد زوايا الكتاب، واختيار النصوص التي ستجري ترجمتها وتضمينها بالكتاب".

وأضافت: "حرصنا على اختيار نصوص تعبّر عن إرنو ككاتبة، وتسمح لمن يحاول معرفتها أن يحصل على فكرة عامة عن أدبها، غير أن ذلك لا يعني ألا نقدّم جديداً عبر الكتاب أيضاً، فلم يكُن غائباً عنّا أن نضمن نصوص ومقالات لها توفّر زاوية جديدة لمن قرأها من قبل".

التنسيق السريع، وشجاعة الحذف، وفقاً للنمر، "كانا عنصرين في غاية الأهمّية لإنجاز الكتاب وخروجه على هذا النحو"، مؤكّدة أن النصوص التي وصلتها بوصفها حلقة الوصل في الإعداد والتنسيق "كانت وفيرة، غير أن ما جرى الاستقرار عليه أخيراً هو ما حواه الكتاب".

وتابعت: "استبعدنا مواد بالفعل لم تكُن متماشية مع الرؤية التي حدّدناها منذ البداية، كما أن خلفيتنا الصحافية عزّزت عنصر السرعة، فباشرنا العمل بمجرّد إعلان اسم إرنو، وننوي أن يصبح إنتاج كتاب عقب إعلان جائزة نوبل للأداب، عرفاً كلّ عام".

كتيبة

من الرؤية إلى التنفيذ، يعتمد الكتاب على كتيبة من المترجمين من مصر والجزائر، 9 بالتحديد، هم إسلام رمضان، رحيل بالي، رفيدة جمال ثابت، لميس سعيدي، مجدي عبدالمجيد خاطر، ومحمد عبد السميع، ومحمد محمد عثمان، ونسرين شكري، ويسرا عمر الفاروق.

تلك الكتيبة وفق النمر من الأسماء الشابّة بمعظمها، بعضهم ليس معروفاً في أوساط الترجمة، لكنهم لا يفتقرون للكفاءة، كما يُظهر الكتاب، ما يعكس إيمان فريق تحرير "الثقافة الجديدة" بفعل الترجمة وضرورته في الحركة الثقافية.

وفيما كانت الراحلة أمينة رشيد، أستاذة الأدب الفرنسي، أوّل من نقل أدب إرنو لمصر، تلاها لاحقاً عدد من الأسماء التي ترجمت أدب الكاتبة الفرنسية، أو ساهمت في تحليله عبر أطروحات أكاديمية، مثل دينا قابيل، ونورا أمين، وهدى حسين، وغيرهم.

وفي فصل "البورتريه القوي للصمود الباذخ"، يتعرّف القرّاء على إرنو عبر 5 نصوص متنوّعة، أوّلها نصّ "الخيط الممتدّ الذي يربطني بسيمون دي بوفوار"، وتصف فيه ذلك الخيط الرفيع بينها وبين المفكّرة الفرنسية النسوية الأشهر، أين تلتقيان، ومساحات التأثّر بها، ومحطّات الاختلاف في نتاجهما الأدبي.

"القراءة: ذكريات وملاحظات"، نصّ آخر، بإمضاء الشاعرة والمترجمة الجزائرية لميس سعدي، نشر عبر قائمة ألمانية معنونة "لماذا نقرأ؟"، ضمّت نصوص 24 كاتباً من حول العالم، فيه تشتبك إرنو مع قصّة وجود واغتراب وتمرّد، مع وصية أخيرة تنتصر لميزات القراءة التقليدية، فضلاً عن المرونة في التفاعل مع وسائل المعرفة الجديدة.

الوجه والمرايا

 رواية "السنوات"، منجز إرنو الأهم والأكثر شهرة، هو موضوع الفصل الثاني للكتاب، الذي يتضمّن فصلاً من الرواية، تعطي نموذجاً مثالياً لأسلوب إرنو، الصريح العاري من الزخرف، والشجاع البارع في اكتشاف الجذور والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية، كما تورد حيثيات لجنة نوبل.

يُصاحب النصّ حواراً لإرنو، بمثابة دليل تفسير لهذا المقتطف الروائي، والذات المنتجة لهذا الأدب، معنون "آني إرنو: أنطلق من نفسي وأستعيدها بالكتابة".

ويأتي الفصل الثالث والأخير، ترجمات لمقالات وافتتاحيات، وحتى جولات في وسائل إخبارية عالمية، كُتبت عن إرنو سابقاً، وفي أعقاب فوزها بنوبل.

والخبر الجيد بحسب النمر، أن "خزائن لم تعُد فارغة" ستُعاد طباعته مرّة أخرى، ليصدر في معرض القاهرة الدولي للكتاب.

اقرأ أيضاً: