
أثناءَ عرض الخارجية الأميركية لتقرير حقوق الإنسان لعام 2020، كان لافتاً تجاوز منسق المقابلات الصحافية سؤال مراسلة "الشرق" في واشنطن هبة نصر، حول أسباب الفرق الواضح في رقم عدد ضحايا انتهاكات حقوق الانسان في إيران بين تقريري العامين 2019 و2020.
مراسلة "الشرق" وجهت سؤالاً للخارجية الأميركية استفسرت فيه عن سببِ حذف انتهاكات إيران لحقوق الإنسان، من تقريرها للعام الماضي، مشيرة إلى الفرق بين تقرير عام 2020 وتقرير عام 2019، إذ تضمن التقرير ما قبل الأخير، إحصاء يفيد بمقتل 1500 شخص خلال المظاهرات التي شهدتها إيران في العام ذاته (2019)، لكن هذا الإحصاء تقلص إلى 304 قتيلاً فقط في تقرير 2020.
تَجَنُبُ الخارجيةِ الأميركية الإجابةَ عن سؤالِ مراسلةِ "الشرق"، لفت الانتباهَ في الأوساط الأميركية، وجاء التفاعل عبر مواقع التواصلِ الاجتماعي من قبل متابعين للملف.
مستشار الخارجية الأميركية السابق للملف الإيراني غابريال نورنها، قال إن الخارجية حذفت جزءًا من تقرير حقوق الإنسان للعام الماضي (2019) يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في إيران.
واستغرب نورنها رفض الوزارة الردَ على سؤال مراسلة "الشرق"، مرفقاً تغريدته على تويتر، بالفقرة المحذوفة التي تتضمن انتهاكات إيران.
وكانت وزارة الخارجية قالت في تقرير 2019 إنه "رداً على الاحتجاجات الواسعة التي بدأت في 15 نوفمبر بعد زيادة أسعار الوقود، قطعت الحكومة تقريباً جميع اتصالات الإنترنت الدولية والمحلية معظم الأسبوع، بينما استخدمت قوات الأمن القوة المميتة لإنهاء الاحتجاجات، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من 1500 شخص واعتقال 8600، بحسب تقارير وسائل الإعلام الدولية".
وأضافت: "لم يكن هناك ما يشير إلى أن الكيانات الحكومية، تواصل تحقيقات مستقلة أو محايدة في عمليات القتل بحق المتظاهرين".
تقديرات جديدة
وفي تقريرها لعام 2020، قللت الخارجية الأميركية عدد الضحايا إلى 304 أشخاص، مستندة بدلاً من ذلك إلى تقديرات لمنظمة العفو الدولية .
وقالت في هذا التقرير: "لم تتخذ الحكومة فعلياً أي خطوات للتحقيق مع المسؤولين الذين ارتكبوا هذه الانتهاكات أو مقاضاتهم أو معاقبتهم ، أو مساءلتهم بأي شكل من الأشكال"، مشيرة إلى أن العديد من تلك الانتهاكات ارتُكبت في إطار سياسة الحكومة.
وأكدت أن تلك الانتهاكات "شملت مقتل ما لا يقل عن 304 أشخاص خلال قمع احتجاجات واسعة النطاق في نوفمبر 2019، إلى جانب انتهاكات وحالات وفاة عدة مشبوهة في الحجز من السنوات السابقة. وظل الإفلات من العقاب متفشياً في جميع مستويات الحكومة، وقوات الأمن".
وأضافت الخارجية الأميركية: "صدر تقرير لمنظمة العفو الدولية في عام 2020 قدم توثيقاً لـ304 حالة وفاة. نحن والأمم المتحدة وآخرون نعترف بأن الرقم قد يكون أعلى بكثير". وتابعت: "نواصل متابعة تقارير المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والأمم المتحدة في هذه الأحداث".
"حق مشروع"
الخارجية الأميركية عبّرت عن دعمها لحق الشعب الإيراني في "التجمع السلمي والتعبير عن نفسه بلا خوف من العنف غير القانوني، والاعتقال التعسفي من قبل قوات الأمن".
وفي 23 ديسمبر ، ذكرت وكالة "رويترز" أن المرشد الإيراني علي خامنئي، أمر قوات الأمن بفعل "كل ما يلزم" لإنهاء أيام من الاحتجاجات ضد ارتفاع أسعار الوقود في 15 نوفمبر.
قوات الأمن الإيرانية، قتلت حينها ما يقرب من 1500 شخص في جميع أنحاء البلاد رداً على المظاهرات، وفقاً لما نقلته "رويترز" عن أربعة مسؤولين لم تكشف عن هويتهم.
"تعامل أمني قاتل"
وفي تقرير صدر في 16 ديسمبر الماضي، تحدثت "منظمة العفو الدولية" عما لا يقل عن 304 أشخاص قتلوا على أيدي قوات الأمن في المظاهرات.
وبحسب ما ورد في تقرير "منظمة العفو"، "استخدمت السلطات الأسلحة النارية وخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والقناصة ضد المتظاهرين السلميين إلى حد كبير".
وفي إحدى الحوادث في مدينة ماهشهر، ورد أن قوات "الحرس الثوري" الإيراني أطلقت النار، وقتلت ما يصل إلى 100 متظاهر لجأوا إلى الأهوار، بعد أن فرقت السلطات بالعنف الاحتجاج الأولي في بلدة مجاورة، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية، بناء على روايات الشهود.
لا تحقيقات نزيهة
حتى 26 ديسمبر 2020، لم يكن هناك ما يشير إلى أن المسؤولين الإيرانيين كانوا يجرون تحقيقات نزيهة في تلك الوفيات، أو على نطاق أوسع، في استخدام مسؤولي إنفاذ القانون للقوة المفرطة لقمع الاحتجاجات، وفقاً لتقرير "منظمة العفو"، الذي نقل تأكيدات مسؤولين حكوميين بأن أعداد الضحايا في وسائل الإعلام الدولية وتقارير المنظمات غير الحكومية عبارة عن "أنباء كاذبة".