تعويل لبناني إسرائيلي على وساطة واشنطن.. ومفاجأة بشأن "كاريش"

time reading iconدقائق القراءة - 9
سفينة التنقيب "ستينا دريل ماكس" المملوكة من شركة "إنرجيان" والتي تقوم أيضاً بالتنقيب في حقل كاريش. 6 يونيو 2022 - REUTERS
سفينة التنقيب "ستينا دريل ماكس" المملوكة من شركة "إنرجيان" والتي تقوم أيضاً بالتنقيب في حقل كاريش. 6 يونيو 2022 - REUTERS
بيروت/ القدس -الشرقأ ف برويترز

قالت السلطات اللبنانية الاثنين، إنها ستدعو الوسيط الأميركي آموس هوشستين إلى بيروت لمواصلة التفاوض بشأن الحدود البحرية المتنازع عليها مع إسرائيل "تفادياً لأي تصعيد".

وتقاطع الموقف اللبناني مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، أن الخلاف مع لبنان بشأن احتياطيات الغاز الطبيعي البحرية "مسألة مدنية ستُحل دبلوماسياً بوساطة أميركية".

في الأثناء، كشف الرئيس السابق للوفد التقني العسكري اللبناني المفاوض بشأن الحدود البحرية الجنوبية العميد الركن ​بسام ياسين لـ"الشرق"، كشف أن السفينة الإسرائيلية "لم تأت للتنقيب، لأن عمليات التنقيب انتهت في عام 2019 (..)"، لافتاً إلى أن "مهمتها اليوم تتجلى في ضخ النفط والغاز المستخرج إلى الشاطئ الفلسطيني، ليتم تصديره من هناك (..)".

كلام ياسين، أكدته وزارة الطاقة الإسرائيلية، التي أعلنت الاثنين، إنه "تمّ الانتهاء من الحفر الفعلي في الحقل قبل أشهر عدة، وأن عملية الاستخراج ستكون التالية"، معتبرة أن وصول السفينة "خطوة في هذا الاتجاه".

وكانت السفينة التي تديرها شركة "إنرجيان" اليونانية، وصلت الأحد، إلى حقل كاريش النفطي المتنازع عليه بين البلدين، والذي تقول إسرائيل إنه جزء من المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها، فيما يقول لبنان إنه يقع داخل المياه المتنازع عليها.

دعوة هوشستين

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، في بيان، إنه "بعد التشاور مع الرئيس ميشال عون تقرر دعوة هوكستين للحضور إلى بيروت، لبحث مسألة استكمال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن، وذلك لمنع أي تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار التي تعيشها المنطقة".

وأضاف ميقاتي: "تقرر إجراء سلسلة اتصالات دبلوماسية مع الدول الكبرى والأمم المتحدة، لشرح موقف لبنان (...) واعتبار أن أي أعمال استكشاف أو تنقيب أو استخراج تقوم بها إسرائيل في المناطق المتنازع عليها، تشكل استفزازاً وعملاً عدوانياً".

كما قال وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، إن "لبنان لا يريد الحرب مع إسرائيل"، مؤكداً بدء التواصل مع الوسيط الأميركي بشأن ترسيم الحدود.

وأضاف عقب لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري الاثنين، أن "وصول السفينة اليونانية إلى حقل كاريش يمثل تحدياً قوياً، لأن الحدود البحرية لم ترسّم بعد، ومن غير المعروف ما إذا ما كانت السفينة تعمل في الجانب اللبناني أو في الطرف الآخر".

وتوقفت المفاوضات التي انطلقت بين الطرفين العام 2020 بوساطة أميركية في مايو من العام الماضي، جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.

وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات على مساحة بحرية تقدر بنحو 860 كيلومتراً مربعاً، بناء على خريطة أرسلها لبنان في 2011 إلى الأمم المتحدة، لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن الخريطة استندت إلى "تقديرات خاطئة"، وطالب بالبحث في مساحة تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً وتشمل أجزاء من حقل "كاريش" الذي يقع عند الخط الحدودي البحري رقم 29.

"التنقيب انتهى"

الرئيس السابق للوفد التقني العسكري اللبناني المفاوض بشأن الحدود البحرية الجنوبية العميد الركن ​بسام ياسين، قال لـ"الشرق" (بيروت - مها حطيط) إن "هناك لغطاً وسوء فهم ومحاولة تضليل" بشأن السفينة الإسرائيلية، لافتاً إلى أن كل السجال والكلام بشأن مكانها "لا يعني شيئاً". وأضاف: "بالأمس، كانت الباخرة على مسافة كيلومترين اثنين من الخط 29، لكنها في الوقت ذاته ترسو فوق حقل كاريش".

وزاد: "خلافاً لكل ما يشاع، لم تأت السفينة المذكورة للتنقيب عن النفط، لأن التنقيب انتهى في عام 2019، لكنها جاءت لتقوم بوصل الآبار التي سبق أن اكتشفت وتم تنقيبها، بالمنصة الموجودة على سطحها، والتي تستطيع فصل الغاز والنفط، وضخهما إلى الشاطىء الفلسطيني ليتم تحميلهما في الحاملات وشحنهما للتصدير".

 

وقال: "أعود وأكرر هنا، أن مكان السفينة لا يعني شيء إطلاقاً. المشكلة تكمن في الحقل ذاته، وبأنه حقل مشترك، وبالتالي، فإن الاستخراج منه هو الاعتداء وليس مكان وجود السفينة".

ورداً على سؤال لـ"الشرق"، حول ما يمكن للبنان أن يقوم به في هذه الحال، خصوصاً أن حدوده المودعة في الأمم تنتهي عند الخط البحري رقم 23 وليس الخط 29، قال ياسين: "هناك رسالة أرسلت إلى الأمم المتحدة في 22 ديسمبر 2021، تؤكد أن حقل كاريش هو حقل مشترك ومتنازع عليه وتدعو الشركات إلى عدم العمل فيه".

وإذ أشار إلى أن الرسالة المذكورة "إيجابية، لفت إلى أن "ما ينقصها هو أن يتم إيداع الإحداثيات التابعة للخط 29 لدى الامم المتحدة".

وأضاف: "ليس أمام لبنان من سبيل، سوى تعديل المرسوم 6443 (الذي ينص على أن حدود منطقته الاقتصادية تنتهي عند الخط 29)، اليوم قبل الغد، وإيداع إحداثياته لدى المنظمة الدولية، كون هذا الخط هو الخط القانوني الوحيد الذي يمكن أن يدافع عنه لبنان بقوة في المفاوضات". 

وقال: "عندما يودع لبنان الإحداثيات المذكورة لدى الأمم المتحدة، يُصبح بإمكانه أن ينذر شركة إنرجيان بضرورة التوقف عن الأعمال فوراً ومغادرة المنطقة، وإذا لم تستجب فإن كل الخيارات مفتوحة بما فيها الخيار العسكري للدفاع عن حقوق لبنان".

وفي ما يتعلق بالفترة الزمنية المتوقعة لاستخراج النفط والغاز، كشف ياسين إنه "خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر، تصبح الباخرة قادرة على ضخ أول نقطة نفط وغاز".

وعن تقديره لقيمة النفط والغاز الموجودة في المنطقة موضع النزاع، قال العميد ياسين لـ"الشرق": "تقول الأرقام بأن قيمة الموجودات تتراوح بين 20 و 30 مليار دولار، لكن هناك لغطاً كبيراً بشأنها، لأن هناك  أكثر من بئر محفورة".

وكشف العميد ياسين أن "هناك سفينة أخرى تعمل شمال حقل كاريش، داخل الخط 29، لفتنا النظر إليها منذ قرابة شهر واسمها ستينا دريل ماكس".

"مضيعة للوقت"

الخبيرة اللبنانية في شؤون النفط والغاز، لوري هايتيان، قالت لـ"الشرق"، إن "دعوة هوشستين إلى بيروت ليست سوى حركة لا معنى لها"، لافتة إلى أنها (الدعوة) "لن توقف العمل في حقل كاريش".

وشددت على أن ما يوقف العمل في ذلك الحقل ويحرّك طاولة المفاوضات هو "صدور موقف رسمي لبناني عبر توقيع الرئيس اللبناني مرسوماً يقضي بتعديل الحدود البحرية، بما يضمن المساحة الإضافية التي يطالب بها لبنان".

وأشارت إلى أن "هناك تضارباً وتخبطاً وضياعاً كلياً في المواقف الرسمية اللبنانية بشأن الموضوع منذ عام 2011"، لافتة إلى ذلك "يعطي إسرائيل الحجة للاستمرار في الأعمال داخل حقل كاريش، فيما يدفع اللبنانيون الثمن".

"حزب الله": مستعدون للتحرك

وفي سياق متصل، قال نائب الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني نعيم قاسم، الاثنين، إن الحزب مستعد لاتخاذ إجراءات "بما في ذلك القوة" ضد عمليات التنقيب الإسرائيلية عن الغاز في المناطق البحرية المتنازع عليها، بمجرد أن تعلن الحكومة اللبنانية انتهاك إسرائيل لحدود لبنان البحرية.

وأضاف قاسم في مقابلة مع وكالة "رويترز": "عندما تقول الدولة اللبنانية بأن الإسرائيلي يعتدي على مياهنا ويعتدي على نفطنا، نحن حاضرون أن نقوم بمساهمتنا في الضغط والردع واستخدام الوسائل المناسبة بما فيها القوة من أجل منع إسرائيل من أن تعتدي على مياهنا ونفطنا".

ودعا قاسم الدولة إلى أن يكون لديها "حرارة أكثر وضغط أكثر" في مسألة ترسيم الحدود البحرية "إذا كان هناك انسداد في المفاوضات (غير المباشرة بوساطة أميركية ينبغي) أن يعلنوا أن المفاوضات انسدت أو انتهت، لكن أن نبقى نترجى الأميركيين وأن نبقى بانتظار أن يمنوا علينا بزيارة أو زيارتين ويقدموا اقتراحات غير واقعية ولا تنسجم مع حقوق لبنان، فهذا إضاعة للوقت".

وتابع "ندعو الدولة اللبنانية لحسم أمرها بأسرع وقت ممكن.. وبما أننا جزء من هذه الدولة سنعمل من خلال وجودنا وحضورنا أن ندفع باتجاه الإسراع لاتخاذ المواقف المناسبة".

موقف إسرائيل

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، الاثنين، إن الخلاف مع لبنان بشأن احتياطيات الغاز الطبيعي البحرية "مسألة مدنية ستُحل دبلوماسياً بوساطة أميركية".

وأضاف في تصريحات لكتلته البرلمانية نقلها التلفزيون: "كل ما يتعلق بالنزاع سيتم حله في إطار المفاوضات بيننا وبين لبنان بوساطة الولايات المتحدة".

وقالت وزارة الطاقة الإسرائيلية إنه تمّ الانتهاء من الحفر الفعلي قبل أشهر عدة في الحقل وأن عملية الاستخراج ستكون التالية، معتبرة أن وصول السفينة "خطوة في هذا الاتجاه".

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن ناطقة باسم الوزارة قولها إن "ما يعملون عليه اليوم هو ربط الحقل عبر أنابيب بالمنصة التي وصلت الأحد، على أن تنقل أنابيب أخرى الغاز من المنصة إلى السواحل الإسرائيلية"، متوقعة بدء تدفق الغاز من "كاريش" في سبتمبر المقبل.

وشدّد مسؤول إسرائيلي، رفض الكشف عن هويته، على أن "كاريش هو خزان للغاز الطبيعي داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لإسرائيل المعترف بها من الأمم المتحدة"، واصفاً اتهامات لبنان بـ"الأكاذيب".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات