بريكست.. مفاوضات مستمرة ومخاوف من أزمة اقتصادية "أسوأ من كورونا"

time reading iconدقائق القراءة - 8
كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه يصل إلى لندن للمشاركة في محادثات بريكست - 29 نوفمبر 2020 - REUTERS
كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه يصل إلى لندن للمشاركة في محادثات بريكست - 29 نوفمبر 2020 - REUTERS
لندن -وكالات

قالت الحكومة البريطانية إن مفاوضاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي لم تسفر بعد عن اتفاق بشأن ملف صيد الأسماك، معتبرة أن إبرام صفقة بين الجانبين بعد الخروج من الاتحاد مرهون بتحلّي التكتل بالمنطق، فيما قال كبير المفاوضين الأوروبيين ميشيل بارنييه، الأحد، إن "المحادثات لإيجاد اتفاق مع بريطانيا لا تزال مستمرة".

وقال ميشيل بارنييه للصحافيين، خلال جوله في حي وستمنستر في العاصمة البريطانية بلندن، إن المفاوضات لا تزال مستمرة، حسبما نقلت وكالة رويترز.

وحذرت وكالة بلومبرغ الأميركية من تداعيات عدم توصل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن علاقاتهما التجارية، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، والمقرر نهاية العام الجاري. 

من جانبه قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب لشبكة "سكاي نيوز"، الأحد، "أعتقد بأننا في وضع معقول، وهناك صفقة يجب إنجازها". وعندما سُئل عن الموعد النهائي للمحادثات، فأجاب بأن الجانبين في "الأسبوع الأخير أو نحو ذلك" من مفاوضاتهما، معتبراً أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق "إذا كان الاتحاد الأوروبي منطقياً، كما كانت المملكة المتحدة".

"اختلاف كبير"

وأشار دومينيك راب إلى "اختلاف كبير" بشأن ملف صيد الأسماك، مشدداً على وجوب أن يتفهم الاتحاد "نقطة مبدئية"، مشيراً إلى أن فكرة سيطرة المملكة المتحدة على 18% فقط من مياه الصيد في سواحلها "لا يمكن أن تكون صائبة". وتابع أن هناك مزيداً من "الاحترام" لموقف المملكة المتحدة، وزاد: "يجب أن نكون قادرين على التحكّم بمياهنا".

وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أشار راب إلى أن الأسبوع المقبل سيكون "مهماً جداً" في هذا الصدد، مضيفاً أن المفاوضات تركّز على "ملفين أساسيين أخيرين".

جاءت تصريحات راب بعد يوم على استئناف بريطانيا والاتحاد الأوروبي مفاوضاتهما المباشرة. وإذا فشل الطرفان في إبرام اتفاق، تُطبق قواعد منظمة التجارة العالمية، ما يفرض تلقائياً رسوماً جمركية على حركة البضائع بين لندن وأوروبا.

خلافات قائمة

والتقى المفاوضان، الأوروبي ميشال بارنييه والبريطاني ديفيد فروست، في لندن، السبت. وكان بارنييه كتب في تغريدة على تويتر، الجمعة، أن "الخلافات الكبرى ذاتها في وجهات النظر، لا تزال قائمة".

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر أوروبي أن بارنييه قال لاحقاً لممثلي الدول الأعضاء في الاتحاد: "لسنا بعيدين من لحظة: إما هذا وإما لا شيء"، علماً أن المحادثات لا تزال متعثرة بشأن حقوق صيد الأسماك وقواعد التجارة النزيهة.

في المقابل، كتب فروست على تويتر: "من واجبي أن أبذل أقصى جهدي، للتأكد من أن الشروط مواتية  للتوصّل إلى اتفاق. الوقت متأخر، ولكن ما زال التوصّل إلى اتفاق ممكناً، وسأواصل التفاوض إلى أن يتضح أن الأمر ليس كذلك".

وأشارت فرانس برس إلى أن المخاوف تتركّز أيضاً على مسألة الحدود بين جمهورية أيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، وأيرلندا الشمالية، التابعة للمملكة المتحدة، إذ إن الرسوم الجمركية ستشكّل خطراً على السلام الذي أرساه اتفاق "الجمعة العظيمة" في عام 1999، بعد 3 عقود على نزاع دامٍ بين الكاثوليك المؤيّدين للوحدة مع أيرلندا والبروتستانت المتمسكين بالبقاء في المملكة المتحدة. 

"اضطرابات تجارية"

ورجّحت وكالة بلومبرغ تقلّص إجمالي الناتج المحلي للمملكة المتحدة، بعد خروجها من الاتحاد، بصرف النظر عن نتيجة المفاوضات بشأن التبادل التجاري. واستدركت أن التوصّل إلى اتفاق في هذا الصدد، سيسهم في تجنّب "اضطرابات تجارية كبرى" في الأول من يناير 2021.

ونقلت الوكالة عن اقتصاديين أن خروجاً من الاتحاد الأوروبي دون التوصل لاتفاق قد يلحق بالاقتصاد البريطاني ضرراً دائماً أكبر من ذاك الذي سبّبه فيروس كورونا المستجد.

وأشارت بلومبرغ إلى أن الفيروس وضع بريطانيا على مسار لتسجيل أضخم ركود اقتصادي منذ أزمة "الصقيع العظيم" في عام 1709. وأضافت أن تقديرات أعدّها "مكتب مسؤولية الموازنة" في لندن، وأصدرها الأربعاء الماضي، أفادت بأن إجمالي الناتج المحلي سيكون أقلّ بنسبة 3.1%، ممّا كان متوقعاً في مارس الماضي، بحلول الربع الأول من عام 2025. ويعتبر المكتب، وهو هيئة رقابة مالية، أن خسارة الإنتاج ستكون دائمة.

وفي تحليل منفصل، أشار المكتب إلى أن الانتقال إلى اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي سيخفّض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 4%، على المدى البعيد. كما أن سيناريو فشل لندن والتكتل في إبرام اتفاق، يعني خسارة 1.5% أخرى. ولفت دان هانسون، وهو محلل في بلومبرغ، إلى أن التكلفة الإجمالية بالنسبة إلى الاقتصاد البريطاني، ستتجاوز 7% من إجمالي الناتج المحلي.

ورجّح "مكتب مسؤولية الموازنة" أن تبلغ البطالة العام المقبل 7.5%، أو 2.6 مليون شخص، إذا أُبرم اتفاق تجاري، و8.3% من دون اتفاق.

أبرز القطاعات المتضررة

وأفادت بلومبرغ بأن الخدمات المالية وقطاعات التصنيع المعتمدة على التصدير، مثل السيارات والأغذية والمنسوجات، ستكون من بين الأكثر تضرراً، إذا فشلت المحادثات التجارية.

وأشارت إلى أن هناك مخاوف من أن وقتاً ومالاً يُنفقان في كبح فيروس كورونا، جعلا شركات كثيرة غير قادرة على التعامل مع تكاليف محتملة لـ "بريكست" بلا اتفاق تجاري، ومع اضطرابات مستقبلية.

وأضافت أن مسحاً أعدّه المصرف المركزي الإنجليزي الشهر الماضي، وطال مسؤولين ماليين بارزين، أظهر أن أقلّ من 4% منهم مستعدون تماماً لنهاية المرحلة الانتقالية للخروج من الاتحاد.

وذكرت الوكالة أن شركات بريطانية كانت تحجم عن الإنفاق، قبل كورونا، إذ كانت تنتظر مزيداً من الوضوح بشأن علاقات المملكة المتحدة بالاتحاد الأوروبي بعد "بريكست". وأضافت أن الفيروس فاقم هذه الصعوبات، لا سيّما بشأن الاستثمارات.

ورجّحت بلومبرغ أن تثير فترة التنظيم التي ستلي "بريكست"، أياً تكن نتيجة المحادثات، صعوبات بالنسبة إلى الشركات، بشأن أفضل السبل للاستثمار مستقبلاً. وأضافت أن التحوّل إلى شروط منظمة التجارة العالمية يجازف بإبقاء الإنفاق منخفضاً لفترة أطول، ما يمسّ إنتاجية ضعيفة أصلاً.