وزير خارجية الاتحاد الأوروبي: لا بديل عن وساطة الصين لإنهاء الحرب في أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بروكسل - 6 مايو 2021 - Bloomberg
وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بروكسل - 6 مايو 2021 - Bloomberg
دبي - الشرق

اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أنه "لا خيار" سوى أن تكون الصين وسيطاً مع روسيا، كي توقف غزوها لأوكرانيا، مشيراً إلى أن امتناع الأوروبيين عن تسليح كييف كان سيشكّل "خطأً تاريخياً" و"رياءً هائلاً".

وشدد المنسق الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي على أن تدخل الاتحاد وحلف شمال الأطلسي "الناتو" عسكرياً في أوكرانيا سيشعل "حرباً عالمية ثالثة". لكنه وصف العالم بأنه "غابة"، لافتاً إلى وجوب أن تدرك أوروبا أن انتهاج سياسة "غصن الزيتون والوعظ بحقوق الإنسان" ليس كافياً.

سُئل بوريل خلال مقابلة مع صحيفة "إلموندو" الإسبانية، عما إذا كان إرسال أسلحة لأوكرانيا "نوعاً من التهوّر"، فأجاب: "قلنا منذ فترة طويلة أننا سنفعل كل ما في وسعنا لمساعدة الأوكرانيين.. كان واضحاً منذ البداية أننا لن نرسل قواتنا للقتال، وكانوا يدركون ذلك تماماً. لم يطلبوا ذلك، لكنهم قالوا لنا: نعلم أننا سنقاتل بمفردنا إذا هاجموا (الروس)، ولكن على الأقلّ أعطونا أسلحة وذخيرة".

واعتبر بوريل أن "الامتناع عن تأمين العناصر الأساسية كي يقاتل (الأوكرانيون)، كان سيشكّل رياءً هائلاً"، مضيفاً: "هناك مخاطرة.. ولكنها تكمن أيضاً في الامتناع عن فعل ذلك أيضاً، وكان يمكن أن يكون ذلك خطأً تاريخياً".

"مخالب الدبّ" الروسي

وقارن جوزيب بوريل تسليح الجيش الأوكراني بمنع المصرف المركزي الروسي من استخدام احتياطاته المودعة في مصارف تجارية، أو مصارف مركزية أخرى، وتابع: "أُصرّ دوماً على أننا لسنا قوة عسكرية، على الأقلّ ليس بعد، لأننا وُلدنا تحديداً لنمنع استخدام القوة وسيلة لحلّ النزاعات".

واستدرك أن ثمة أدوات "قسرية" غير عسكرية، بل ذات طابع "مدني وتتمتع بقوة قسرية ضخمة". وأضاف: "ندرك أن روسيا أودعت في مصارفنا نصف الكنز الذي تراكم لديها منذ حرب القرم (في عام 2014)، وسنجمّده، مثل ثروات الأوليجارشيين. وتشير هاتان الخطوتان إلى تغيير في موقف أوروبا إزاء مشكلات العالم".

وقال بوريل: "حتى الآن، كانت أوروبا تنتهج في العالم (سياسة) غصن الزيتون، وتروّج لحقوق الإنسان وسيادة القانون، معتقدة أن التجارة ستكون أداة تولّد طبقات وسطى حريصة على الحقوق السياسية، وأنها ستدفع في اتجاه إقامة أنظمة مماثلة لأنظمتنا. ما حدث ليس قصة ألف ليلة وليلة هذه. روسيا باتت نظاماً استبدادياً بشكل متزايد، وهي محطة وقود ضخمة ذات قدرة نووية، أعادت بناء إمكاناتها العسكرية، بواسطة مواردها الطبيعية".

وأشار وزير خارجية الاتحاد الأوروبي إلى أن روسيا باتت لاعباً في العالم، خلال حكم الرئيس فلاديمير بوتين، لافتاً إلى تدخلها في القوقاز وسوريا وليبيا ومالي. وذكّر بحديث بوتين عن الإمبراطورية القيصرية لروسيا، أكثر من الاتحاد السوفييتي، أمام مؤتمر ميونيخ للأمن في عام 2007.

واعتبر أن أوروبا رأت الآن "مخالب الدبّ" الروسي، واصفاً ردّ فعل الاتحاد بأنه "جيد، مع بعض التأخير". ورأى أن التكتل "أنجز في 24 ساعة تاريخية، أكثر ممّا فعل في الأشهر السابقة"، مضيفاً: "ندخل عالماً مجهولاً".

"العالم غابة"

وزير الخارجية الأوروبي طالب بتفهّم ظروف الاتحاد وقدراته، علماً أنه يضمّ 27 دولة. وقال: "لدينا 27 جيشاً، يساوي إنفاقها أربعة أضعاف ما تنفقه روسيا ويعادل إنفاق الصين، ولكن ليس على المستويات ذاتها أو بالإرادة السياسية ذاتها لتفويضها كما تفعل الأنظمة الاستبدادية. يمكننا أن نفكّر كما نريد بشأن بوتين، لكنه رجل يمتلك أسلحة نووية، لذلك يجب فعل ما هو ضروري، ولكن دون ذعر ولا ضجيج".

ونبّه بوريل إلى أن تدخلاً عسكرياً للاتحاد الأوروبي أو الناتو في أوكرانيا، يعني إشعال "حرب عالمية ثالثة"، داعياً إلى "فرض عقوبات على الاقتصاد الروسي"، ومساعدة أوكرانيا من أجل التوصّل إلى هدنة، ثم يأتي دور الدبلوماسية التي "لا يمكن أن تكون أوروبية أو أميركية فقط، إذ ثمة دور تؤديه الدبلوماسية الصينية". وأضاف في هذا الصدد: "لا بديل (عن الصين). لا يمكننا أن نكون وسطاء، ولا الولايات المتحدة.. يجب أن تكون الصين، أثق بذلك".

وتابع: "علينا أن نتأقلم مجدداً وتنظر إلى العالم كما هو. نحن الأوروبيين بنينا الاتحاد مثل حديقة على الطراز الفرنسي، مرتّبة، جميلة، تحظى بعناية جيدة، لكن بقية العالم عبارة عن غابة. وعلينا أن نستفيق إذا أردنا ألا تهيمن الغابة على حديقتنا".

رسالة لافروف

وأقرّ بوريل بأن أوروبا قلّصت إنفاقها العسكري من نحو 4% من ناتجها المحلي الإجمالي، إلى 1.5% بعد إبرام اتفاقات تخفّض التوتر النووي، متسائلاً: "هل هذا معقول عندما تكون أوروبا في خطر؟".

لكنه اعتبر أن "الوحدة عبر الأطلسي (أي مع الولايات المتحدة) وداخل أوروبا، حقيقية ومذهلة، ولم يتوقعها بوتين". وأشار إلى أن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، وجّه رسائل منفصلة إلى الأعضاء الـ27 في الاتحاد، "في محاولة لتجاهل الاتحاد الأوروبي كممثل" عن تلك الدول، و"السعي إلى إجابات مختلفة لتقسيمنا"، لكنه تلقى "جواباً من خلال رسالة واحدة موقّعة مني". وأضاف: "كان لافروف غاضباً، قائلاً إنه وجّه رسائل إلى وزراء (الخارجية)، وردّ موظف بيروقراطي". وتابع: "هذه الوحدة ثمينة ويجب الحفاظ عليها، ومن أجل ذلك نحتاج إلى التوازن".

سُئل بوريل عن استثناء الغرب قطاع الطاقة أو المصارف الأساسية، من العقوبات المفروضة على موسكو، فأجاب: "تتطلّب السياسة الدولية جرعة ضخمة من الواقعية، لأن الأمور هي كما هي، وليست كما نرغب بأن تكون.. إذا قال لي أحدهم بوجوب وقف شراء الغاز من روسيا، فهذا جيد بالنسبة إليّ، ولكن عليه أن يبلغني كيف سندفئ منازلنا غداً ونجعل البلد بأكمله يعمل".

وأضاف: "أمام أوروبا مهمة واضحة جداً، وهي إلغاء اعتمادها في مجال الطاقة على روسيا، لكنني أستمع إلى هذه الرواية منذ 20 عاماً، وكل عام كان هذا الاعتماد يتزايد ولا يتناقص. لأننا قررنا التخلّي عن الطاقة النووية والفحم، لأن الاستهلاك يتزايد، إذ أن الغاز سهل الاستخدام، ومتعدد الاستعمالات. يجب تطوير مصادر الطاقة المتجددة، لكن ذلك سيستغرق وقتاً".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات