يثير اتفاق بين ألمانيا وحلفائها في أوروبا الشرقية لمساعدة أوكرانيا في الحرب ضد روسيا، "قلقاً" من فشله، لعدم التوقيع عليه، وإلقاء تلك الدول اللوم على بعضها البعض بسبب تأخيره.
وتسعى ألمانيا وحلفاؤها بشدة لدعم كييف، إذ سترسل بولندا دباباتها التي تعود إلى الحقبة السوفييتية إلى كييف، فيما ستقوم ألمانيا بسد الفجوات بأسلحة غربية من مخزونها الخاص، حسبما أفادت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
واعترفت ألمانيا، التي كانت هذه الخطة بالنسبة لها وسيلة لتجنب استفزاز روسيا، أنه على الرغم من المحادثات المطولة مع بولندا وسلوفينيا وسلوفاكيا واليونان وجمهورية التشيك، إلا أن الخطة "لم توقع بعد مع أي منهم".
وفي محاولة لإثبات عدم "خذلانها" أوكرانيا والحلفاء، أشارت الحكومة الألمانية إلى تأكيد كييف تسلمها "3 مدافع من أصل 15 من طراز جيبارد المضادة للطائرات، إضافة إلى 3 قاذفات صواريخ متعددة من طراز مارس 2 وثلاثة مدافع هاوتزر".
ولفتت أيضاً إلى أنها سلّمت أوكرانيا 7 مدافع أُرسلت في يونيو الماضي، كما أعطت الحكومة الضوء الأخضر لشركة "كراوس مافي ويجمان" الدفاعية المصنعة لمدافع PzH 2000 لتزويد كييف بـ 100 نظام إضافي، بقيمة إجمالية تبلغ 1.7 مليار يورو.
ويؤكد المسؤولون في برلين أيضاً أن الجيش الألماني "نشر بطاريات صواريخ باتريوت في سلوفاكيا"، وذلك بعد أن أعطت الحكومة أوكرانيا أحد أنظمة صواريخها "إس 300" أرض- جو التي تعود إلى الحقبة السوفييتية، ولكن هذه البطاريات لا تزال مملوكة لألمانيا.
معارضة غاضبة
الصحيفة البريطانية، أشارت إلى أن كافة هذه الخطوات "فشلت" في تهدئة غضب المعارضة الألمانية، التي تتهم المستشار أولاف شولتز بـ "الفشل" في الالتزام بطلب البرلمان الألماني الاتحادي (البوندستاج) في أبريل الماضي، والذي يلزم الحكومة بتوفير أسلحة ثقيلة لأوكرانيا.
ونقلت الصحيفة عن زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي فريدريك ميرز، قوله: "لقد تم خداع الشعب الألماني والبرلمان، فالتصريحات التي أدلى بها شولتز بشأن دعم أوكرانيا عسكرياً لا تخضع للتدقيق"، فيما رأى مسؤولون آخرون أن تعقيد تلك الترتيبات يعود إلى وجود "الكثير من الحكومات المختلفة".
من جانبها، قالت الناطقة باسم شولتز، الاثنين الماضي، إن الحكومة الألمانية "لن تستسلم"، مضيفة: "نحن على اتصال وثيق مع شركائنا بشأن سلسلة من صفقات النقل. المحادثات بناءة للغاية وبعضها قد تقدم إلى حد بعيد".
ورأت الصحيفة أنه على الرغم من تصريحات الناطقة، فإن ما حدث مع بولندا كان مثالاً على المخاطر المحتملة لخطة إرسال الأسلحة إلى كييف.
ولفتت إلى أن موافقة وزيري الدفاع الألماني والبولندي على صفقة مبدئية في أبريل الماضي أثناء مؤتمر دولي حول أوكرانيا عُقِد في قاعدة "رامشتاين" الجوية الألمانية، إلا أن وزير الدفاع البولندي ماريوس بلاشتشاك، قال في تصريحات لمجلة Sieci، هذا الأسبوع، إن برلين "عرضت في وقت لاحق إرسال 20 دبابة من طراز ليوبارد"، مشيراً إلى استحالة استخدامها، لأن إصلاحها سيستغرق عاماً.
وأشار بلاشتشاك إلى أن بولندا طلبت من ألمانيا زيادة عرضها إلى 44 دبابة، ما يكفي لتجهيز كتيبة صغيرة، إلا أن برلين لم تقبل مشيرة إلى عدم استطاعتها الإقدام على تلك الخطوة التي فسرها مسؤول، لم تكشف الصحيفة هويته، بأن "الجيش الألماني ليس لديه الكثير من الأسلحة للتخلي عنها".
طرق بولندية بديلة
وعلى الرغم مما وصفته الصحيفة بـ "الإخفاق الألماني"، إلا أن بولندا وجدت طرقاً بديلة لتعزيز جيشها، وتعويض الأسلحة التي أرسلتها إلى أوكرانيا.
وأعلنت وارسو في وقت سابق الشهر الجاري، شراء 116 دبابة من طراز "أبرامز" مستعملة من الولايات المتحدة، كما عقدت مؤخراً صفقة ضخمة مع كوريا الجنوبية لشراء ما يقرب من ألف دبابة وأكثر من 600 قطعة مدفعية وعشرات الطائرات المقاتلة، ومن المقرر أن تصل الشحنة الأولى من 180 دبابة "كيه2" إلى بولندا في وقت لحق العام الجاري.
وفي حالة بولندا، فإن الفشل في إبرام صفقة يهدد بأن يصبح مصدر إزعاج في العلاقات مع ألمانيا، إذ أعطت وارسو 240 دبابة من طراز "تي-72" تعود للحقبة السوفييتية، لأوكرانيا وتوقعت أن تعوضها برلين بدبابات من طراز "ليوبارد" من مخزونها الخاص.
إلا أن برلين لم تعرض سوى 20 دبابة فقط، ما دفع بولندا إلى اللجوء للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لتزويدها بمجموعة بديلة.
وقال بيوتر أراك، مدير المعهد الاقتصادي البولندي، وهو مؤسسة فكرية تمولها الدولة، إن الألمان "لا يجرون الحديث" عن السياسة تجاه أوكرانيا.
وأضاف أن البولنديين قلقون من تخفيف ألمانيا العقوبات على روسيا بمجرد أن تظهر المشكلات الاقتصادية بالفعل.