
مع اقتراب العد التنازلي لإعلان جوائز أكاديمية علوم وفنون السينما (الأوسكار)، في 27 من الشهر الجاري، تصل الحملات الدعائية إلى ذروتها، وتُحقق الرهانات أعلى أرقامها، في عام يوصف بأنه واحد من أكثر أعوام الجائزة صعوبة، إذ تحتد المنافسات على معظم الجوائز، ويكاد يستحيل التنبؤ بما ستسفر عنه اللحظات الأخيرة.
ويصوت أعضاء أكاديمية علوم وفنون السينما البالغ عددهم حوالي 10 آلاف عضو في 17 تخصصاً سينمائياً، بشكل سري، لا يسبقه اجتماعات أو مناقشات أو مساومات، ما يجعل جوائز الأوسكار مختلفة عن أي لجنة تحكيم في مهرجان أو جمعية، ويعطيها روحاً "ديموقراطية".
لكن نظام التصويت يحمل من الديموقراطية "آثارها الجانبية" أيضاً، حيث تسود أذواق الغالبية، وتُرَجح كفة الأعمال التي ترضي أكبر عدد من الناس، كما تلعب الحملات الدعائية، واللعب على المشاعر، واتجاهات الرأي العام دورها في تحديد بعض الجوائز.
فجوة مستمرة
لا تزال الفجوة واسعة بين السينما الشعبية والسينما الفنية في معظم المهرجانات، والأمر ينطبق على جوائز الأوسكار أيضاً، وإن كان بدرجة أقل، وهو ما يمكن رؤيته في الترشيحات.
على سبيل المثال، حقق "سبايدرمان.. لا سبيل إلى الوطن" أعلى إيرادات في تاريخ السينما، ولكنه خرج من الترشيحات بترشيح واحد فقط لأفضل مؤثرات بصرية، كما لم يحظ آخر أفلام جيمس بوند "لا وقت للموت" سوى بترشيحين لأفضل مؤثرات بصرية وأفضل أغنية أصلية، رغم إيراداته القياسية.
في الوقت نفسه حقق فيلم "ديون" نجاحاً جماهيرياً متوسطاً بالنسبة لضخامة إنتاجه ونوع الخيال العلمي، والأكشن، الذي ينتمي إليه، لكن يبدو أن عناصره "غير التجارية" كانت وراء ترشيحه لـ 10 جوائز أوسكار منها أفضل فيلم، وسيناريو، وتصوير، بجانب عدد من الفروع التقنية الأخرى.
أما فيلم "لا تنظر لأعلى -Don't Look Up" الذي حقق نحو 400 مليون مشاهدة، وفقاً لتقديرات منصة "نتفليكس" التي تعرضه، وحظى بمراجعات نقدية سلبية في معظمها (نسبة إعجاب 55% فقط على موقع rotten tomatoes)، تمكن من أربع ترشيحات أوسكار مهمة كأفضل فيلم، وسيناريو، ومونتاج وموسيقى.
وعلى العكس من ذلك، فقد رُشح فيلم "حارة الكوابيس -Nightmare Alley" للمخرج الحاصل على الأوسكار جوليرمو ديل تورو لأفضل فيلم وثلاث جوائز أخرى، بالرغم من أن الجمهور لم يحبه على الإطلاق، ولم يحقق إيرادات تذكر.
وأحياناً تأتي نتائج التصويت غريبة كما حدث في حالة الممثلة كريستين ستيوارات التي أدت شخصية الأميرة الراحلة ديانا في فيلم "سبنسر - Spencer"، وأشاد عشرات النقاد ووسائل الإعلام بدورها، ورشحوها للأوسكار قبل بداية الموسم بشهور، إلا أن المفاجأة كانت خلو ترشيحات اتحاد الممثلين التي تسبق ترشيحات الأوسكار، وتتطابق معها غالباً، من اسم ستيورات تماماً.
ومع اقتراب التنافس من محطته النهائية، تمثل الاختيارات التالية أهم الترشيحات للحصول على التتويج والتمثال الذهبي:
أفضل فيلم
بحسب مستواه الفني الفذ والإشادات الهائلة والجوائز العديدة التي حظي بها، بجانب عدد الترشيحات التي حصل عليها (12 ترشيحاً)، فإن فيلم "قوة الكلب - The Power Of The Dog" للمخرجة النيوزلاندية جين كامبيون هو الأقرب للفوز بأوسكار أفضل فيلم.
أفضل إخراج
تقريباً هذه الجائزة هى الوحيدة المضمونة، فحتى لو حدث ما ليس في الحسبان ولم يحصد "قوة الكلب" جائزة أفضل فيلم، فسوف يحصل بالتأكيد على جائزة أفضل إخراج لجين كامبيون.
كامبيون مرشحة لثلاث جوائز، كمنتجة ومخرجة وكاتبة سيناريو، ولو حصلت على الثلاثة معاً، فسوف تتفوق على المخرجة كلوي زاو التي رشحت العام الماضي لنفس الجوائز بالإضافة إلى جائزة أفضل مونتاج، قبل أن تحصل على اثنتين كأفضل فيلم ومخرجة.
أفضل ممثلة
الجائزة الأصعب، ولا يمكن التنبؤ بها، ثلاث من المرشحات فزن بها من قبل (نيكول كيدمان، أوليفيا كولمان، بنيلوب كروز)، مع استبعاد كريستين ستيوارت بعد خلو ترشيحات اتحاد الممثلين من اسمها.
لكن الأقرب للجائزة هي جيسيكا شاستاين عن "عيون تامي فاي - The Eyes of Tammy Faye".
أفضل ممثل
منافسة شرسة ومتعادلة بين ويل سميث عن "الملك ريتشارد - King Richard" و بيندكت كامبرباتش عن "قوة الكلب". فنياً كامبرباتش أقوى، ولكن عاطفياً دور سميث أكثر اشتغالاً مع المشاهدين!
أفضل ممثل مساعد
الأقرب للفوز بالجائزة هما كودي سميث- ماكفي عن "قوة الكلب"، وتروي كاستور عن "كودا -Coda". وكاستور هو أول ممثل أصم يفوز بجوائز "بافتا"، و"اتحاد الممثلين" و"اختيار النقاد"، وهو مرشح بقوة أيضاً.
لكن سميث- ماكفي ليس مجرد ممثل ثاني في "قوة الكلب"، بل هو قلب الفيلم، وبدونه لفقد الفيلم الكثير، ودوره أصعب بكثير. لو لم يفز، فهناك شئ خطأ في الأوسكار!
أحسن ممثلة مساعدة
آريانا ديبوز عن فيلم "قصة الحي الغربي -West Side Story" فازت بمعظم الجوائز التي تسبق الأوسكار، وجائزتها تكاد تكون محسومة، بالرغم من الدور البارع الذي أدته كريستين دانست في "قوة الكلب".
الطريف أن الدور الذي تؤديه ديبوز سبق أن لعبته ريتا مورينو في نسخة 1961 وفازت عنه بالأوسكار، وفي حال فوزها سيصبح ذلك ثالث ثنائي يفوز بالأوسكار عن لعب الشخصية نفسها: مارلون براندو ودي نيرو عن دور فيتو كورليوني في "العراب"، وهيث ليدجر وواقيم فينيكس عن دور الجوكر.
أفضل سيناريو أصلي
الأكثر قرباً للجائزة هما "بيتزا العرقسوس - Licorice Pizza" للمخرج المؤلف بول توماس أندرسون، و"بيلفاست" للمخرج المؤلف كينيث براناه.
كل منهما يستحق، ليس فقط لعمله المتميز هذا العام، ولكن لتاريخه الفني الحافل، ولكن فنياً فإن سيناريو كل من "أسوأ شخص في العالم" و"لا تنظر لأعلى" قد يكون أفضل.
أفضل سيناريو مقتبس
يتنافس على هذه الجائزة فيلمان متميزان في السيناريو هما "قوة الكلب" والفيلم الياباني "قُد سيارتي - Drive My Car" المأخوذ عن رواية هاروكي موراكامي، ومن المؤسف أن يخسر أي منهما.
أفضل فيلم غير أميركي
"قُد سيارتي" هو الأقرب، فهو مرشح للعديد من الجوائز الأخرى منها أفضل فيلم، وهو عمل ساحر ويستحق بالفعل، بالرغم من تميز "أسوأ شخص في العالم" أيضاً.
أفضل فيلم تحريك
"إنكانتو -Encanto" هو الأقرب والأجدر. وبالنسبة لفيلم "ديون" غالباً سيخرج بجوائز أفضل تصوير، ومؤثرات خاصة، وصوت، وربما جائزة المونتاج أيضاً.
أما أفضل وثائقي فغالباً ستذهب إلى فيلم "صيف موسيقى السول، Summer of Soul" الذي يروي التاريخ المجهول لأكبر حفل موسيقي أقيم في نهاية الستينيات للأميركيين الأفريقيين.