جاء غرق الطراد "موسكفا"، أكبر سفينة في الأسطول الروسي بالبحر الأسود، كأحد أبرز الأحداث التي شهدها غزو أوكرانيا، ونهاية لقطعة حربية عمرها 43 عاماً، وشكلت رمزاً للهيمنة البحرية الروسية في البحر الأسود.
ويمثل إعلان روسيا غرق سفينتها أثناء سحبها إلى الميناء بعد اندلاع حريق على متنها "سابقة غير متوقعة" منذ بدء الغزو الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، "نهاية مهينة" لسفينة كان الهدف منذ بداية خدمتا "التعبير عن مجد موسكو"، وفق وكالة أسوشييتد برس.
وقالت الوكالة الأميركية في تقرير إنه تم إطلاق السفينة، التي يُستمد اسمها من العاصمة الروسية موسكو، لأول مرة خلال الحرب الباردة، كما تم استخدامها في النزاعات في جورجيا وسوريا وأوكرانيا، فضلاً عن مشاركتها في إجراء بحث علمي في وقت السلم مع الولايات المتحدة.
ماذا حدث للسفينة؟
وزارة الدفاع الروسية قالت إن "موسكفا" غرقت بعد أن تضررت بشدة جراء تعرضها للحريق، الخميس، مضيفة أن النيران أدت لتفجير بعض الذخيرة التي كانت موجودة على متنها، ونفت أن يكون هناك هجوم من قبل أوكرانيا على السفينة التي عادةً ما يكون على متنها حوالي 500 بحار، والذين تم إجلاؤهم من على متنها أثناء الحريق.
ومن جهته قال حاكم منطقة أوديسا الأوكرانية ماكسيم مارشينكو إن بلاده قصفت السفينة في وقت متأخر الأربعاء بصاروخين من طراز "نبتون" مما تسبب في "أضرار بالغة".
ووفقاً لمسؤول دفاعي أميركي كبير، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، بسبب مناقشة تقييمات عسكرية داخلية، فإن "موسكفا" كانت على بُعد 69 ميلاً جنوب أوديسا عندما اندلع الحريق.
ما قدراتها؟
يمكن لهذه السفينة أن تحمل 16 صاروخ كروز بعيد المدى، وستؤدي خسارتها إلى تراجع قوة موسكو في البحر الأسود بشكل كبير، كما أن غرقها يمثل ضربة قوية للهيبة الروسية بعد 7 أسابيع من الحرب التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها "خطأ تاريخي"، بحسب "أسوشييتد برس".
ما تاريخ "موسكفا"؟
وتم إطلاق السفينة الحربية في البداية باسم "سلافا" من حوض بناء السفن في ميكولايف فيما كان يُعرف آنذاك بجمهورية أوكرانيا السوفيتية في يوليو 1979، ثم تم تشغيلها في أواخر ديسمبر 1982، وكان طولها يبلغ 611.5 قدماً (186 متراً)، وقد تم تصميمها لاستيعاب طاقم مكون من 476 مع 62 ضابطاً إضافياً.
وكانت "سلافا" بمثابة السفينة الرئيسية للأسطول السوفيتي في البحر الأسود، وحملت صواريخ "أرض-أرض" و"أرض-جو"، وطوربيدات، ومدافع "هاون" كما أن لديها مهبطاً للمروحيات.
وخلال الحرب الباردة، حملت السفينة أسلحة نووية، وفي عام 1989، شارك علماء أميركيون وسوفييت، تحت قيادة الزعيم السوفيتي ميخائيل جورباتشوف، في اختبار مشترك على متن السفينة في البحر الأسود لقياس انبعاث النيوترونات وأشعة جاما من رأس نووي مُثبت على صاروخ كروز.
وفي أواخر عام 1989، كان من المفترض أن تشهد "سلافا" اجتماعاً قبالة مالطا بين جورباتشوف والرئيس الأميركي حينها جورج إتش.بوش، ولكن الرياح القوية أدت إلى عقد المحادثات، بدلاً من ذلك، على متن طراد "مكسيم جوركي".
أبرز الحروب التي شاركت فيها "موسكفا"
وخضعت "سلافا" لإصلاحات في الفترة بين عامي 1990-1999، وخلال هذا الوقت، انهار الاتحاد السوفيتي، ولكن تم إصلاح السفينة وإعادة تسميتها بـ"موسكفا"، وبعدها استضافت كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني خلال زيارة عام 2003 إلى سردينيا.
وشاركت "موسكفا" في بعض العمليات في البحر الأسود خلال الحرب الروسية في جورجيا عام 2008، إذ تقول الأخيرة إنها متورطة في الهجوم على البلاد.
وفي عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، منعت "موسكفا" السفن البحرية الأوكرانية من مغادرة بحيرة "دونوزلاف"، وفي 2015-2016، تم نشر السفينة في البحر المتوسط لتقديم الدعم للرئيس السوري بشار الأسد، كما تم تكريم بحارتها لخدمتهم هناك وفي جورجيا كذلك، ثم خضعت السفينة لإصلاحات وعمليات تحديث في الفترة بين 2018 ويوليو 2020.
وبعد غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، شاركت "موسكفا" في الهجوم على جزيرة "زميني"، أو جزيرة الأفعى، التي تقع على بُعد 35 كيلومتراً من الساحل.
ولكن حساب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على موقع التواصل "إنستجرام" نشر صورة له، الأربعاء، وهو يحمل طوابع تذكارية بمناسبة غرق السفينة، والتي يظهر فيها جندي أوكراني وحيداً على الشاطئ ممسكاً ببندقية في إحدى يديه بينما تلوح اليد الأخرى لـ"موسكفا" أثناء مرورها أمامه.