لماذا انكسرت "موجة الجمهوريين الحمراء" في الانتخابات النصفية؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
زعيم الأقلية الجمهورية بمجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي يتحدث أمام أنصار الحزب وخلفة شعار "استعيدوا مجلس النواب" في تجمع ليلة انتخابات التجديد النصفي بواشنطن، 9 نوفمبر 2022. - REUTERS
زعيم الأقلية الجمهورية بمجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي يتحدث أمام أنصار الحزب وخلفة شعار "استعيدوا مجلس النواب" في تجمع ليلة انتخابات التجديد النصفي بواشنطن، 9 نوفمبر 2022. - REUTERS
واشنطن-رشا جدة

رغم نجاح الحزب الجمهوري في الاقتراب من السيطرة على مجلس النواب خلال الانتخابات النصفية بالولايات المتحدة، إلّا أن فشله في حسم السباق إلى مجلس الشيوخ - بحسب النتائج الواردة حتى الآن- أثار تساؤلات عن "الأداء الهش" لـ"الموجة الحمراء" التي بشّر بها رموز الحزب.

ومع بدء يوم الانتخابات في 8 نوفمبر توقع المرشحون الجمهوريون وأنصارهم اكتساح "موجة حمراء" جميع الولايات وحصد انتصارات تصل إلى قيادة أغلبية جمهورية في مجلسي النواب والشيوخ، حتى أن زعيم الأقلية الجمهورية بمجلس النواب كيفين مكارثي، قال في ​​وقت مبكر الأربعاء: "عندما نستيقظ غداً، سنكون في الأغلبية وستكون نانسي بيلوسي (رئيسة مجلس النواب الديمقراطية) من الأقلية".

وأظهرت النتائج الواردة حتى الآن حصول الجمهوريين على نحو 211 مقعداً في مجلس النواب المكوّن من 435 مقعداً، ويحتاج الحزب المسيطر فيه إلى 218 مقعداً لحصد الأغلبية، بينما لم يحسم الديمقراطيون سوى 197 مقعداً.

"صداع مُنتظر"

ورغم التوقعات بسيطرة جمهورية على المجلس، إلّا أن التوقعات تشير أيضاً، إلى أن الأغلبية التي سيحققونها ستصبح ضئيلة، وهو ما لن يتيح لهم السيطرة بشكل كامل على مجريات الأمور في النواب، وسيسبب "صداعاً" لزعيم الأغلبية الجمهورية المنتظر، كيفين مكارثي، الذي سيواجه منافسة ستبدأ من النزاع معه على منصب رئيس المجلس.

أما مجلس الشيوخ، فتشير التوقعات إلى سيطرة ديمقراطية، إلّا أنه لن يتم حسمها بشكل نهائي حتى إجراء انتخابات الإعادة على مقعد ولاية جورجيا في 6 ديسمبر، بعدما فشل المرشحان الديمقراطي رافائيل وارنوك والجمهوري هيرشيل والكر في الحصول على نسبة 50% من الأصوات، رغم تقدم وارنوك على منافسه الجمهوري.

وبخلاف مقعد جورجيا الذي سيحسم الشهر المقبل، ينتظر مقعدا ولايتي أريزونا ونيفادا في المجلس، انتهاء فرز الأصوات مع تقدم الديمقراطي مارك كيلي، في أريزونا بفارق كبير، والجمهوري آدم لاكسالت بنيفادا، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

وإذا تمكن الديمقراطيون من السيطرة على نيفادا وأريزونا فإنهم سيضمنون السيطرة على مجلس الشيوخ، إذ أن رصيدهم سيصبح 50 مقعداً، مقابل 50 مقعداً للجمهوريين (في حال فوزهم بولاية جورجيا)، وعندئذ يمكن لنائبة الرئيس كامالا هاريس، التي تملك الحق في التصويت في حال تساوي الأصوات بين الحزبين، أن ترجح كفة الديمقراطيين.

وفي حال تقاسم الحزبين لنيفادا وأريزونا، سيصبح للجمهوريين 50 مقعداً مقابل 49 مقعداً للديمقراطيين، وإذا احتسبنا صوت هاريس فسيتساوى الحزبان، ليتم تأجيل السيطرة على المجلس حتى إجراء انتخابات جورجيا في ديسمبر.

"مفاجأة كبيرة"

أستاذ العلوم السياسية بـ"جامعة ميزوري" بيفريل سكوير، اعتبر أن تلك النتائج "مخيبة للآمال" بالنسبة للجمهوريين، إذ أن الانتخابات النصفية غالباً ما تكون سيئة بالنسبة للحزب الذي يتولى رئاسة البيت الأبيض، وهو ما خالفته نتائج الانتخابات الحالية.

ورأى سكوير في حديثه لـ"الشرق" أن تلك النتائج "مفاجأة كبيرة" إذ أن القضايا الاقتصادية التي تشغل بال الناخب الأميركي "كان من المفترض أن تعزز المرشحين الجمهوريين، لذا فإن ما حدث كان مفاجأة كبيرة".

سكوير، أشار أيضاً إلى أن القضايا غير الاقتصادية، وخاصة الإجهاض، والمخاوف بشأن الديمقراطية، "أثبتت أنها أكثر أهمية للناخب الأميركي من قضايا التضخم وأسعار الوقود".

وعزا أستاذ العلوم السياسية فشل الجمهوريين في اكتساح الانتخابات النصفية، إلى "اختيارهم بعض المرشحين الذين لا يحظوا بالجاذبية لدى الناخبين".

الإجهاض والتقديرات الخاطئة

وحقق الديمقراطيون، عدة انتصارات صعبة في المقاطعات المتأرجحة مثل مقعد النائبة "أبيجيل سبانبيرجر" في ولاية فيرجينيا، وفاز الديمقراطيون في سباقات رئيسية مهمة، بينها مقعد ولاية بنسلفانيا في مجلس الشيوخ والذي كان يشغله عضو جمهوري، حيث فاز الديمقراطي جون فيترمان، على منافسه الجمهوري محمد أوز، المدعوم من الرئيس السابق دونالد ترمب.

يعود الفضل في ذلك إلى "إدارة الديمقراطيين الذكية و المنضبطة" للحملات الانتخابية، كما يرى الباحث السياسي ومستطلع الآراء الديمقراطي زاك مكيري.

وقال مكيري لـ"الشرق"، إن الديمقراطيين أداروا "مرشحين جيدين وذوي ثقل وتمكنوا من التغلب على بعض تحديات المناخ السياسي".

وأشار إلى أن قضية الإجهاض، كانت "مهمة للغاية وعامل فوز بالنسبة للكثير من المرشحين الديمقراطيين وعامل خسارة بالنسبة للجمهوريين". 

ورأى مكيري، أيضاً أن الجمهوريين كانوا "أكثر هوساً بقضايا مثل مهاجمة حق الإجهاض، في حملاتهم الانتخابية، بأكثر من اهتمامهم بتقديم حلول للقضايا الاقتصادية اليومية مثل التضخم".

الباحثة السياسية ومستطلعة الآراء مادلين كونواي، رأت أن جزءاً كبيراً من نجاح الديمقراطيين يعود إلى أنهم حرصوا على "جعل سباقاتهم الانتخابية تتمحور حول الاختيار بين مرشحيهم، والمرشحين الجمهوريين ذوي وجهات النظر المتطرفة بشأن الإجهاض، متجنبين تحويل الانتخابات إلى استفتاء على الاقتصاد والحزب الحاكم".

وأشارت كونواي، في هذا السياق، إلى تقديم الجمهوريين لـ"مرشحين لديهم آراء متطرفة، خاصة فيما يتعلق بالإجهاض، وهو الأمر الذي وجده الناخبون غير جيد".

"المشككون في نتائج الانتخابات"

أستاذة العلوم السياسية بجامعة ميشيجان، إيدي جولدنبرج، أشارت إلى أن إبطال المحكمة العليا في يونيو الماضي، للقرار الذي رسخ حق الإجهاض للمرأة الأميركية، أدّى إلى "زيادة مفاجئة" في أعداد المصوتين من الشباب والنساء، لا سيما في الأماكن التي توجد بها هذه القضية على ورقة الاقتراع.

وفي تصريحاتها لـ"الشرق" قالت جولدنبرج، "العديد من الأشخاص سئموا حديث (منكري الانتخابات) عن انتخابات عام 2020 الرئاسية- ممن يقولون إن الانتخابات سرقت وأن الفائز الحقيقي هو ترمب وليس جو بايدن- كما سئموا من الاستماع إلى مطالبات لا أساس لها، لذا جاءت رسالة الناخبين، بأنهم قلقون بشأن الحفاظ على الديمقراطية".

وفي نفس السياق، لفتت جولدنبرج، إلى أن إعادة رسم الدوائر "جيري ماندرينج"، في بعض الأماكن "كانت سبباً في عدم اكتساح الجمهوريين"، موضحة أن "إعادة توزيع الدوائر الانتخابية ساعد الديمقراطيين، مثلما هو الحال في ولاية ميشيجان، وفي أماكن أخرى ساعد الجمهوريين".

السبب.. ترمب

عادة ما تكون انتخابات منتصف الولاية، استفتاءً على شعبية الرئيس الحالي، وفي حالة الرئيس جو بايدن، كانت لتأتي كاستفتاء على أداءه بشأن التضخم المرتفع، والهجرة، والجريمة، لكن على ما يبدو أنها تحولت إلى "استفتاء على الرئيس القادم".

فقبل أيام من إجراء انتخابات التجديد النصفي، أعلن الرئيس السابق دونالد ترمب، أنه سيعلن عن "خبر كبير جداً" في 15 نوفمبر، وهو ما فسّره كثيرون على أنه إعلان عن ترشحه للرئاسة في 2024، وهو ما يتطابق مع تقارير إعلامية أفادت بأنه يبحث الإعلان عن ترشحه بعد إعلان النتائح.

في نفس الوقت، كشف تحليل أجرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمدونات والبودكاست عن "تغيّر في المشاعر بين المؤثرين والمرشحين في الحزب الجمهوري مع تغير السردية المحيطة بانتخابات 2022"، بعدما بدأت النتائج في الظهور، وبات واضحاً أن الجمهوريين خسروا في العديد من سباقات مجلسي النواب والشيوخ، والتي كانت تعتبر في البداية "رهانات آمنة".

ومع توالي تلك النتائج، بدأت منشورات الحزب الجمهوري على وسائل التواصل الاجتماعي تتغير، حيث ألقى البعض باللوم على ترمب، بسبب ضعف أداء المرشحين الذين أيّدهم. 

هذه السردية، تبناها المحلل الاستراتيجي الجمهوري جيم دورنان، الذي يعتقد أن الإخفاق الجمهوري، كان سببه "الناخبون الذين كانوا يرسلون رسالة مفادها أن الحزب الجمهوري بحاجة إلى التخلص من ترمب".

وأشار دورنان، في تصريحات لـ"الشرق"، إلى أن "ترمب أقحم نفسه في انتخابات التجديد النصفي وأيّد مرشحين ضعفاء للغاية، وأرهق الناخبين بأفعاله".

واتفقت جولدينبرج، مع هذا الرأي، قائلة: "بعض مرشحي الجمهوريين كانوا ضعفاء، ولا سيما بعض الذين دعمهم ترمب".

وتبنت الباحثة السياسية مادلين كونواي، نفس وجهة النظر، إذ رأت أن تقديم الحزب لـ"عدد كبير جداً من المرشحين المتطرفين، المدعومين من ترمب، أثر كثيراً على النتيجة النهائية وساعد الديمقراطيين على تحدي التاريخ السياسي".

لمعرفة آخر أخبار الانتخابات النصفية الأميركية اضغط هنا

اقرأ أيضاً:

تصنيفات