رئيس الصين يستعدّ لكشف عقيدة جديدة تجعله زعيماً مدى الحياة

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الصيني شي جين بينج (وسط)، ورئيس الحكومة لي كيكيانج (يسار) خلال احتفال في بكين - 30 سبتمبر 2021 - AFP
الرئيس الصيني شي جين بينج (وسط)، ورئيس الحكومة لي كيكيانج (يسار) خلال احتفال في بكين - 30 سبتمبر 2021 - AFP
بكين-وكالات

بدأت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني اجتماعاً الاثنين، سيشهد إصدار قرار بشأن تاريخ البلاد، هو الأول منذ 4 عقود ويُرجّح أن يعزّز قبضة الرئيس شي جين بينج على الحكم.

والتأم 400 عضو باللجنة المركزية للحزب، في بكين لجلسة تستمر 4 أيام وتُعقد بشكل مغلق، على غرار كل اجتماعات القيادة الصينية، المعروفة بسريّتها، كما أفادت وكالة "فرانس برس".

وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية "شينخوا"، أن شي جين بينج، استهلّ الاجتماع بتقرير عمل و"توضيحات لمسوّدة قرار بشأن الإنجازات الرئيسة والتجارب التاريخية للحزب على مدى 100 سنة".

وسيمهّد القرار للمؤتمر العشرين للحزب، المرتقب العام المقبل والذي يُرجّح أن يمنح شي ولاية ثالثة زعيماً للصين. 

واستبقت وسائل الإعلام الرسمية الاجتماع، مشيدة بقيادة شي، إذ وصفته "شينخوا" بأنه "رجل الأفكار والمشاعر العميقة الذي ورث إرثاً لكنه تجرّأ على الإبداع، وصاحب رؤيا استشرافية وملتزم بالعمل من دون كلل".

أما صحيفة "الشعب" الناطقة باسم الحزب الشيوعي، فذكرت أن اجتماعاً عقده المكتب السياسي للحزب الشهر الماضي، أعلن تجديداً ضخماً للأمّة الصينية بوصفه "حتمية تاريخية" في حقبة شي.

إصلاحات دينج

وشهد عهد شي جين بينج، الذي يُعتبر الزعيم الأكثر نفوذاً في البلاد، منذ مؤسّس جمهورية الصين الشعبية، ماو تسي تونج، والزعيم الراحل دينج شياو بينج، حملة واسعة على الفساد، وسياسات متشددة إزاء أقاليم، مثل شينجيانج والتيبت وهونج كونج، كما اتبع نهجاً حازماً بشكل متزايد في العلاقات الخارجية.

وأشارت "فرانس برس"، إلى أن شي جين بينغ، أوجد عقيدة في القيادة تستند إلى سحق أي أصوات قد توجّه انتقادات والقضاء على الخصوم، فيما أدخل نظرياته السياسية المعروفة بـ"فكر شي جين بينج"، في المناهج الدراسية.

كذلك دعا أخيراً إلى "الرخاء المشترك"، للحدّ من التفاوت في الثروة وتشديد الرقابة على عمالقة عالم المال والأعمال بالصين، في حملة بدّدت نحو تريليون دولار من قيمة الأسهم الصينية بالعالم في يوليو الماضي.

وقال كريس جونسون، من "مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية"، لمدوّنة "سينوسيزم" الصوتية إن القرار الجديد سيشكّل فرصة بالنسبة إلى شي لـ"إعادة ترتيب بعض أجزاء التاريخ التي لا تروقه"، بما في ذلك المبالغة في الإصلاحات الاقتصادية في تسعينات القرن العشرين.

ورأى أن القرار سيعني أن شي "سيفعل عملياً بدينج ما فعله الأخير بماو، وهو انتقاد المبالغات في سياسات دينج للإصلاح والانفتاح".

"أخطاء" ماو

ويشير جونسون بذلك إلى أن قرار اللجنة المركزية سيكون الثالث في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني. وساعد الأول، الذي أُقرّ في عام 1945، ماو في ترسيخ هيمنته على الحزب قبل 4 سنوات من تسلّمه السلطة.

وكانت الوثيقة حينها بعنوان "قرار بشأن بعض الأسئلة في تاريخ حزبنا"، وأعلنت أن لدى ماو وحده "خطاً سياسياً صحيحاً" لقيادة الحزب الشيوعي الصيني، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

أما الثاني، الذي أُقرّ في عام 1981 خلال عهد دينج، فتبنّى إصلاحات اقتصادية وأقرّ بـ"أخطاء" ارتكبها ماو، بما في ذلك "القفزة الكبرى إلى الأمام" و"الثورة الثقافية".

وفي اجتماع مشابه، عُقد في عام 2016، اعتبر الحزب شي زعيماً "أساسياً"، وهذا مصطلح مخصّص سابقاً لدينج وماو وجيانج زيمين، ويمنحهم حق النقض (فيتو) بحكم الأمر الواقع على القرارات الرئيسية، بحسب "بلومبرغ".

حكم مدى الحياة

القرار المرتقب للجنة المركزية، يأتي قبل سنة من مؤتمر للحزب الشيوعي، يعقده مرتين كل عقد ويُرجّح أن يشهد تمديد حكم شي جين بينج لولاية ثالثة، وهو ما يعتبر سابقة قد تمّهد لبقائه في الحكم مدى الحياة.

وبعد إلغاء الحدّ الأقصى المفروض على عدد الولايات، في تعديل دستوري أُقرّ في عام 2018، لم يُعيّن شي جين بينج خلفاً واضحاً له.

ونقلت "فرانس برس" عن أليس إيكمان، من "معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية"، قولها: "بدأ شي جين بينج بإعادة صوغ تاريخ الحزب في الكتب المدرسية والجامعية والصحافة... ليقلّل بشكل كبير من إخفاقات الثورة الثقافية ويمجّد ما فعله بوصفه أميناً عاماً للحزب".

وأضافت أن القرار الجديد "هو بوضوح جزء من جهود شي جين بينج لتمديد وجوده على رأس الحزب".

واعتبرت "بلومبرغ" أن القرار بشأن التاريخ سيمكّن شي من تنفيذ مزيد من الإصلاحات الاقتصادية، ومواجهة الولايات المتحدة بشأن الحرب التجارية والتحقيقات حول منشأ فيروس كورونا المستجد، وتايوان.

"إجماع النخبة الحزبية"

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن القرارات التاريخية لماو، ودينج، جاءت خلال منعطفات حاسمة في مسار الصين، ومكّنتهما من السيطرة على السياسة الحزبية حتى وفاتهما.

وأضافت أن إصدار شي جين بينج قراراً تاريخياً خاصاً لن يجعله مساوياً لسلفَيه فحسب، بل قد يشير إلى تغييرات كبرى تشهدها الصين.

واعتبرت الوكالة أن نجاح شي جين بينج، في دفع الحزب لدعم رأيه بشأن تاريخ الصين، ومستقبلها، يشكّل أبرز مؤشر حتى الآن إلى أن لديه قاعدة تتيح له أن يحكم البلاد مدى الحياة، بعد نحو عقد على تطهيرها من أعدائه والسعي إلى تعزيز الكبرياء الوطني.

ونقلت الوكالة عن وو جوجوانج، أستاذ التاريخ بجامعة فيكتوريا بكندا، قوله إن "عملية صوغ وثيقة الحزب الشيوعي الصيني هي عملية بناء إجماع داخل النخبة الحزبية"، مذكّراً بأن دينج استطلع آراء أكثر من 4 آلاف من كوادر الحزب بشأن قراره. وأوردت وسائل إعلام رسمية أن شي جين بينج يعرض الآن قراره على شخصيات أساسية خارج الحزب.

وأضاف وو أن الزعيم يتحكّم دوماً بالسردية النهائية، وتابع: "يهيمن شي جين بينج بالتأكيد على عملية تشكيل هذا القرار التاريخي الثالث. إنه يفرض وجهات نظره ليصبح الإطار الذي من خلاله تتوصّل نخب الحزب إلى إجماعها".

وزاد وو، الذي عمل في ثمانينات القرن العشرين مع رئيس الوزراء الصيني الإصلاحي، تشاو زيانج، الذي عُزل لاحقاً نتيجة آرائه الليبرالية: "يبدو مزج ماو ودينج معاً غير منطقي، ولكن هذه هي الحيلة السياسية في سياسات الحزب الشيوعي الصيني. شي جين بينج يبدّل كثيراً من سياسات دينج، لكنه بالتأكيد يتبع ماو ودينج بطريقة واحدة هي الدفاع عن احتكار الحزب الشيوعي الصيني للسلطة في البلاد".

اقرأ أيضاً: