تحذير أوروبي من انهيار محادثات فيينا بعد تعليقها بسبب مطالب روسيا

time reading iconدقائق القراءة - 8
كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري يغادر مقر المحادثات بفيينا بعد لقائه مع المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا، إنريكي مورا - 11 مارس 2022 - AFP
كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري يغادر مقر المحادثات بفيينا بعد لقائه مع المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا، إنريكي مورا - 11 مارس 2022 - AFP
دبي-الشرقوكالات

حذّر دبلوماسيون أوربيون، الجمعة، من أن تعليق مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، بسبب طلب روسي في اللحظة الأخيرة قد يعني أن المحادثات أصبحت "رهينة لمسار حرب أوكرانيا"، في وقت أعلنت فيه الأطراف الغربية بالمفاوضات رفضها للطلب الروسي.

فيما حضّت الولايات المتحدة، كلا من إيران وروسيا على اتخاذ "قرارات" ضرورية للتوصل سريعاً إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني، معتبرة أن الكرة باتت في ملعبهما لتجاوز المأزق.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، الجمعة: "نعتقد أنه يمكن" إنقاذ اتفاق 2015 حول النووي الإيراني "إذا اتخذت هذه القرارات في أمكنة مثل طهران وموسكو".

وطالب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، السبت، بشكل غير متوقع بضمانات شاملة بأن التجارة الروسية مع إيران لن تتأثر بالعقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا، وهو مطلب تقول القوى الغربية إنه غير مقبول، وتصر واشنطن على رفضه.

وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على تويتر الجمعة: "هناك حاجة إلى وقفة في محادثات فيينا بسبب عوامل خارجية. النص النهائي جاهز بشكل أساسي وعلى الطاولة".

وعلّق المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، الجمعة، على وقف المفاوضات بالقول إنه "قد يشكل زخماً لحل أي مشكلة متبقية والعودة النهائية للاتفاق"، وأضاف أن إيران "لن تدع أي عامل خارجي يؤثر على رغبتها في إنجاح المفاوضات".

وأعلن الجمعة، وقف المحادثات التي استمرت 11 شهراً للعودة إلى الاتفاق الذي رفعت بموجبه العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، في وقت كانت المحادثات قد وصلت فيه إلى مراحلها النهائية.

"الاتفاق قد ينهار"

وحذّرت المبعوثة البريطانية إلى المحادثات، ستيفاني القاق، من أن "العوامل الخارجية" يجب أن تُحل خلال الأيام القليلة القادمة وإلا فإن الاتفاق "قد ينهار".

وأعربت القاق، عن "خيبة أملها" لوقف المحادثات، وقالت إن "اتفاقاً شاملاً وعادلاً على الطاولة وفي انتظار الخاتمة"، وأضافت أن إيران والولايات المتحدة عملتا بقوة على حل المشكلات النهائية وأن الثلاثي الأوروبي "مستعد لإنهاء هذه الصفقة الآن".

ووفقاً لـ"رويترز"، قد يؤدي انهيار المحادثات إلى اقتراب طهران من تطوير أسلحة نووية، وهو احتمال قد يشعل فتيل حرب جديدة في الشرق الأوسط. وتنفي طهران أن تكون سعت في أي وقت لتطوير قنابل ذرية.

كما أن الفشل في التوصل إلى اتفاق قد يؤدي أيضاً إلى دفع الغرب إلى فرض عقوبات قاسية إضافية على إيران وزيادة أسعار النفط العالمية غير المستقرة بالفعل بسبب الصراع في أوكرانيا.

لا تفاوض مع روسيا

كما حذر دبلوماسي من الثلاثي الأوروبي، المشارك في المحادثات والذي يضم بريطانيا وفرنسا وألمانيا، من أنه لن تكون هناك مفاوضات حول إعفاء على نطاق واسع لروسيا في ما يتعلق بالضمانات التجارية التي تطلبها مع إيران، مضيفاً أنه سيتعين على القوى العالمية النظر في خيارات أخرى إذا واصلت موسكو عرقلة العملية.

وقال الدبلوماسي الذي يتهم روسيا باستغلال المحادثات النووية الإيرانية، إن هناك "حاجة ملحة للغاية" للتوصل لاتفاقية لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، نظراً لوجود عوامل خارجية أخرى يمكن أن تمثل تهديداً له.

وأشار الدبلوماسي إلى أن القضايا الأساسية في المفاوضات بين القوى الكبرى وإيران كانت قد اختتمت عندما أعلنت روسيا مطالبها الأسبوع الماضي عبر بيان لوزير خارجيتها سيرجي لافروف.

وقال الدبلوماسي الذي ينتمي إلى مجموعة "إي 3" للدول الأوروبية الثلاث التي تشارك في المفاوضات، إن "فشل هذا الاتفاق (...) سيكون مضراً إلى حد كبير، وسيكون من غير المسؤول لروسيا أن تقدم على ذلك".

وأكد أن المحادثات توقفت بسبب "عرقلة" روسيا وحتى تتمكن الأطراف من إجراء محادثات في عواصمها.

وأضاف الدبلوماسي: "لدينا جميعاً مصلحة في التوصل إلى اتفاق"، مؤكداً أن لدى الصين "دوراً مهماً لتلعبه" في هذه اللحظة. 

نقطة اللاعودة

صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، حذّرت في تقرير من أن التعليق المفتوح غير محدد المدة قد يكون "وقفاً لاعودة منه"، بما يهدد أي أمل بإمكانية إحياء الاتفاق.

ونقلت الصحيفة، عن عضو المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إسفانديار باتمانجيليادج، قوله إن تعليق المفاوضات "بالقطع أمر خطير"، محذراً من أن فقدان الزخم في هذه المرحلة الأخيرة من المحادثات، قد يغير من ديناميات التفاوض بشكل قد يجعل استئنافها "أمراً مستحيلاً".

كما نقلت "واشنطن بوست" عن دبلوماسيين قولهم إن اندلاع حرب أوكرانيا غيّر من الخلفية الجيوسياسية للمفاوضات، وحذروا من أنه من الممكن الآن أن يكون مصير المحادثات "رهين" مسار الحرب.

وقال دبلوماسي غربي رفيع للصحيفة إنه يتوقع أن تمارس إيران "ضغطاً هادئاً" على موسكو للتخفيف من مطالبها، لكن طهران أوضحت أنها تشعر بأنها لا يمكنها المخاطرة بخلاف علني مع روسيا، بإدارة ظهرها للمخاوف الروسية.

عقبة في اللحظة الأخيرة

وقبل أسبوع، كانت الاستعدادات تجري في فيينا لعقد اجتماع في نهاية الأسبوع لإبرام اتفاق يعيد إيران إلى الامتثال للقيود على أنشطتها النووية التي تتقدم بسرعة، ويعيد الولايات المتحدة إلى الاتفاق الذي انسحبت منه في 2018 وأعادت فرض العقوبات على طهران، بحسب ما ذكرت "رويترز".

وقال مسؤولون إنهم كانوا يأملون استئناف المحادثات في الأيام المقبلة. وأشار مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي إلى قضيتين أو ثلاث تتعلق بمسائل فنية تحتاج إلى حل بين واشنطن وطهران، لكن يمكن حلها بسرعة. وعبّر عن أمله في العودة إلى فيينا في 21 مارس.

وقال المسؤول إنه تعين وقف المحادثات مؤقتاً للحصول على رد من موسكو بعد إبلاغها أن مطالبها، التي تجاوزت التزاماتها النووية، لا يمكن تلبيتها.

وأضاف المسؤول "إنهم يفكرون في الرد، وفي غضون ذلك لا يمكننا التقدم بمعنى أننا لا نستطيع إنهاء المفاوضات. (روسيا) قالت إنها سترد في غضون أيام".

"روسيا ليست السبب"

ورفض مبعوث روسيا في المحادثات ميخائيل أوليانوف التلميحات بأن موسكو هي سبب توقف المحادثات.

وصرح للصحافيين عقب اجتماعه مع منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا بأن "إبرام الاتفاق لا يتوقف على روسيا وحدها.. هناك أطراف أخرى تحتاج إلى وقت إضافي ولديها مخاوف أخرى تتم مناقشتها".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن توقف المحادثات قد يخلق زخماً لحل أي قضايا معلقة، لكنه أصر على أن العوامل الخارجية لن تؤثر على الإرادة للمضي قدماً في اتفاق مشترك.

وقال المبعوث الصيني وانج كون، الذي بدا أنه يدعم موسكو، إن المفاوضات لا يمكن إجراؤها في ظل "فراغ سياسي"، وإنه ينبغي النظر في مطالب جميع الأطراف.

طهران تغير موقفها

وقال دبلوماسيون إن مطلب روسيا أثار غضب طهران في البداية، لكن وابلاً مفاجئاً من التصريحات العلنية لمسؤولين إيرانيين من بينهم المرشد علي خامنئي، الخميس أشار إلى تغيير في موقف طهران.

وكان المفاوضون الأوروبيون من فرنسا وبريطانيا وألمانيا قد غادروا بالفعل منذ أسبوع لاعتقادهم أنهم بذلوا أقصى ما في وسعهم وأصبح الأمر الآن متروكاً للولايات المتحدة وإيران للاتفاق على القضايا العالقة.

وقال المسؤول الأوروبي "نحن الآن عند مستوى مفاوضات هامشية".

وأوضح أنه تم الاتفاق على قضايا مثل العقوبات سترفعها الولايات المتحدة، على الرغم من أن كيفية رفعها لا تزال قيد المناقشة.

وأضاف "لا أعتقد أن الأمر سيستغرق الكثير من الوقت لوضع اللمسات الأخيرة على النص عند المجيء إلى هنا مرة أخرى، ولكن السؤال هو متى؟".

اقرأ أيضاً: