"مناطيد الصين".. برنامج يثير مخاوف والبنتاجون رصد توغلات سابقة

time reading iconدقائق القراءة - 9
أشخاص يصورون بالون تجسس صيني مشتبه به يحلق قبالة ساحل أحد شوطئ ولاية ساوث كارولينا بالولايات المتحدة- 4 فبراير 2023. - REUTERS
أشخاص يصورون بالون تجسس صيني مشتبه به يحلق قبالة ساحل أحد شوطئ ولاية ساوث كارولينا بالولايات المتحدة- 4 فبراير 2023. - REUTERS
دبي-الشرق

ركّز حادث المنطاد الصيني الذي رصدته الولايات المتحدة يُحلّق فوق أراضيها قبل إسقاطه، الاهتمام العالمي على برنامج بكين لما يسمى "المركبات الأخف من الهواء" التي باتت تستخدمها بسرعة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك لأغراض عسكرية بعد سنوات من البحث والمشاريع التجريبية، وفق صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

وأسقط الجيش الأميركي السبت، المنطاد الصيني الذي شدد على أنه "مركبة للتجسس"، نافياً التصريحات الصينية بشأن كونه منطاداً مدنياً يستعمل في أبحاث الأرصاد الجوية.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، إنها رصدت منطاداً ثانياً فوق وسط وجنوب الولايات المتحدة، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل، ولكنها أكدت أن الصين كانت تشغل عدداً من مناطيد المراقبة هذه في السنوات الأخيرة.

"فايننشال تايمز" نقلت عن مسؤول في البنتاجون لم تذكر اسمه، قوله إن "جميع هذه المناطيد تعد جزءاً من أسطول صيني من المناطيد التي طوّرت لإجراء عمليات مراقبة انتهكت سيادة دول أخرى". 

وأضاف: "هذه الأنواع من الأنشطة تجري في الغالب بتوجيهات من الجيش الصيني على مدى السنوات العديدة الماضية، وتم رصد المناطيد الصينية في السابق فوق عدة بلدان عبر 5 قارات، بما في ذلك آسيا وجنوب آسيا وأوروبا".

ولم يكن المنطاد الصيني الذي أثار القلق في أميركا خلال الأيام الأخيرة مفاجأة لرئيس مكتب الأرصاد الجوية المركزي في تايوان تشينج مينج دين، إذ كتب على حسابه بفيسبوك: "هذا المنطاد يظهر منذ وقت طويل"، مشيراً إلى صورة لنفس النوع من المناطيد التقطها أحد موظفي الوكالة في سبتمبر 2021.

وفي فبراير من العام الماضي، رُصدت 4 مجموعات من هذه المناطيد التي تُحلق على ارتفاعات عالية، فوق شمال تايوان موطن معظم سكان البلاد، وبعض مواقع الدفاع الجوي الأكثر أهمية.

وفي الشهر نفسه استخدمت القوات الجوية الأميركية مقاتلاتها لاعتراض منطاد غير مأهول قبالة جزيرة كاواي في هاواي.

وفي يناير 2022 شوهد أحد هذه المناطيد فوق الهند، بينما شوهد آخر فوق تايوان في سبتمبر 2021، وكان أول ظهور أبلغ عنه علناً فوق مدينة سينداي اليابانية الشمالية في يونيو 2020.

"أغراض عسكرية" للبرنامج

مع ذلك يرفض محللون تصديق تفسير بكين بشأن المنطاد الأخير بأنه مركبة "مدنية غير ضارة" تُستخدم لأغراض الطقس.

ويقول تشينج مينج دين رئيس مكتب الأرصاد الجوية في تايوان، إن المناطيد الصينية التي رصدت تختلف اختلافاً جوهرياً عن مناطيد الطقس المعروفة من حيث الحجم والارتفاع.

ورأت "فايننشال تايمز" أن الدليل الأوضح على استخدام الصين هذه المناطيد "لأغراض عسكرية"، هو ما ورد في تقارير وسائل إعلام صينية تشمل قناة "CCTV" شبه الحكومية في سبتمبر 2018، ذكرت أن أحد هذه المناطيد "اختبر صواريخاً تفوق سرعتها سرعة الصوت على ارتفاعات عالية".

وأظهرت لقطات فيديو أذاعتها "CCTV" وأعيد نشرها على تطبيق التواصل الاجتماعي "دوين" في ذلك الوقت، قبل حذفها في وقت لاحق، منطاداً مطابقاً لذلك الذي كان يحلق فوق الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، وهو يحمل ما يشبه 3 أنواع مختلفة من الرؤوس الحربية، بحسب الصحيفة.

وبدأت البحرية الأميركية، السبت، عملية انتشال حطام المنطاد من سواحل ولاية ساوث كارولينا. وقال المسؤول في البنتاجون إن الولايات المتحدة ستتوصل لمزيد من المعلومات بعد تحليل الحطام، لافتاً إلى أن تقييمات أجريت أثناء تحليق المنطاد أظهرت أن لديه "مجموعة واسعة" من قدرات التجسس.

ووفقاً للصحيفة فإن مناطيد جيش التحرير الشعبي الصيني تقوم بما هو أكثر من مجرد التجسس على أي دولة تحلق فوقها.

ويقول مسؤول عسكري من دولة آسيوية لم تكشف الصحيفة عن هويته، إن مجالات التركيز في رحلات مناطيد الجيش الصيني خلال السنوات الأخيرة هي جمع البيانات التي يمكن أن تعزز دقة أنظمة الرادار المستخدمة للاستهداف في وقت الحرب.

ويقول محللون عسكريون إن جمع بعض البيانات مثل كثافة الغلاف الجوي ستساعد الجيش الصيني على تطوير بعض أدوات البرمجة التي تعد ضرورية للرادارات المتقدمة التي تساعد في العمليات الصاروخية والجوية والبحرية.

توغلات في عهد ترمب

وقال مسؤولون أميركيون، الأحد، إن البنتاجون أخطرت الكونجرس بالعديد من عمليات التوغل السابقة لمناطيد الاستطلاع الصينية في المجال الجوي الأميركي بالقرب من ولايات تكساس، وفلوريدا، وهاواي وجزيرة جوام، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وقال مايكل والتز عضو مجلس النواب الجمهوري من ولاية فلوريدا، إن مسؤولي وزارة الدفاع حددوا المواقع التي تحرك فيها المنطاد أثناء نقاش مع أعضاء وموظفي الكونجرس، السبت.

وكشف لأول مرة عن رصد مناطيد مماثلة في المجال الجوي الأميركي بالقرب من الولايات المتحدة في وقت سابق. كما أُفيد سابقاً بتحليق مناطيد مماثلة بالقرب من ولاية هاواي وجزيرة جوام.

وقال مسؤولو وزارة الدفاع في مؤتمر صحافي، السبت، إن العديد من تلك الأحداث وقعت خلال فترة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وفقاً لوالتز.

وأوضح والتز أن وزارة الدفاع لم تحدد أماكن حدوث التوغلات السابقة في كل ولاية، مُضيفاً أن المسؤولين لم يذكروا ما إذا كانت المناطيد قد نجحت في الوصول إلى المجال الجوي الأميركي الذي يمتد لمسافة 12 ميلاً بحرياً من الساحل، أو حلقت فوق أو ما إذا كانت قد حلقت فوق الأراضي الأميركية.

وأوضح مسؤول آخر أن الكشف عن التوغلات السابقة جاء في محادثة هاتفية مع قادة الكونجرس، ولجان الأمن القومي. وقال مسؤول الإدارة في المحادثة إن الحوادث الأخرى وقعت على طول أو قبالة السواحل الأميركية.

وقال العديد من المسؤولين السابقين في إدارة ترمب، من بينهم وزير الدفاع السابق مارك إسبر، إنهم لا يتذكرون أي تقارير عن مناطيد استطلاع، ما يثير تساؤلات بشأن كيفية التعامل معها في عهد الرئيس الجمهوري السابق.

وقال مسؤول كبير في الإدارة تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، إن حالات التوغل السابقة اكتشفت بعد انتهاء فترة ترمب، مشيراً إلى أن مسؤولي الاستخبارات الأميركية مستعدون لتقديم إحاطات لكبار المسؤولين في إدارة ترمب بشأن برنامج المناطيد الذي لم ينتهك سيادة الولايات المتحدة فحسب، بل انتهك أيضاً سيادة جميع الدول في القارة.

ولم يُوضح المسؤول كيفية ظهور المعلومات المتعلقة بحالات توغل المناطيد السابقة، أو ما إذا كانت المعلومات الاستخباراتية التي تم الحصول عليها من المنطاد الذي تعقبه الجيش الأميركي خلال الأسبوع الماضي، لعبت دوراً في فهم جهود المراقبة التي تبذلها الصين بشكل أفضل.

انتقادات لإدارة بايدن

وانتقد أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري إدارة الرئيس جو بايدن الأحد، بسبب انتظارها لإسقاط منطاد المراقبة المشتبه به حتى وصوله فوق المحيط الأطلسي، وقالوا إن الأمر تطلب رد فعل أكثر حزماً في مواجهة ما وصفوه بـ"استفزاز صيني" واضح.

وقال السيناتور ماركو روبيو، جمهوري من ولاية فلوريدا، لشبكة "سي إن إن" الأميركية: "الأمر لا يتعلق بالمنطاد فقط. الأمر يتعلق بالرسالة التي يحاولون إرسالها إلى العالم، وهي نحن قادرون على فعل ما نريد، وأميركا لن تستطيع إيقافنا".

 وقالت "واشنطن بوست" إن الجمهوريين بمجلس النواب يفكرون في إصدار قرار ينتقد استجابة بايدن الثلاثاء، عندما يلقي الرئيس الأميركي خطاب الاتحاد السنوي أمام أعضاء الكونجرس. وأضافت أن هذه القرارات غير ملزمة وتعكس تصريحات رمزية فقط.

وأسقطت الولايات المتحدة المنطاد الصيني الذي يبلغ حجم معداته حجم 3 حافلات كبيرة، وفقاً لمسؤولين أميركيين، السبت بواسطة صاروخ "رابتور إف-22"، بمجرد تحركه قبالة سواحل ولاية ساوث كارولينا.

وفي المقابل دافع ديمقراطيون عن تعامل إدارة بايدن مع الأمر، وقالوا إن المنطاد أُسقط دون وقوع إصابة بين الأميركيين. 

وقال وزير النقل الأميرك، بيت بوتيجيج، في برنامج "حالة الاتحاد" على شبكة "سي إن إن"، إن بايدن دعا إلى التعامل مع المنطاد بطريقة "تحقق التوازن بين جميع المخاطر"، مضيفاً: "هذا بالضبط ما حدث. الجيش قام بعمل رائع".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات