المغرب يطبّع مع إسرائيل.. وأميركا تعترف بسيادته على الصحراء

time reading iconدقائق القراءة - 10
العاهل المغربي الملك محمد السادس وولي عهده الأمير مولاي الحسن، إلى جانب الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال احتفال في باريس بنهاية الحرب العالمية الأولى. 11 نوفمبر 2018. - REUTERS
العاهل المغربي الملك محمد السادس وولي عهده الأمير مولاي الحسن، إلى جانب الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال احتفال في باريس بنهاية الحرب العالمية الأولى. 11 نوفمبر 2018. - REUTERS
دبي- الشرق

أعلن البيت الأبيض والديوان الملكي المغربي الخميس، عن تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، كما قررت واشنطن الاعتراف بسيادة المغرب على منطقة الصحراء المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو، في خطوة غير مسبوقة لم تقدم عليها أي دولة غربية.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في تغريدة على تويتر، إن "صديقينا العظيمين، المملكة المغربية وإسرائيل، توصلا إلى اتفاق لتطبيع العلاقات الدبلوماسية"، واصفاً الاتفاق بأنه "اختراق كبير من أجل عملية السلام في الشرق الأوسط".

وذكرت وكالة الأنباء المغربية، أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أعلن خلاله "عزمه استئناف الاتصالات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية في أقرب الآجال" بين المغرب وإسرائيل.  

رحلات مباشرة ومكتب اتصال

وقال العاهل المغربي للرئيس الأميركي، بحسب بيان للديوان الملكي، إنه سيعمل على "تسهيل الرحلات الجوية المباشرة لنقل اليهود من أصل مغربي والسياح الإسرائيليين من وإلى المغرب"، فضلاً عن "تطوير علاقات مبتكرة في المجال الاقتصادي والتكنولوجي". 

كما كشف الملك محمد السادس، أنه سيتم "العمل على إعادة فتح مكاتب للاتصال في البلدين، كما كان عليه الشأن سابقاً ولسنوات عديدة قبل عام 2002".

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن اتفاق تطبيع العلاقات بين بلاده والمغرب "ضوء عظيم آخر للسلام".

وأكد نتنياهو، في كلمة له في القدس، إقامة مكاتب تمثيل دبلوماسية بين البلدين، وصولاً إلى علاقات دبلوماسية كاملة "بعدها سنؤسس لرحلات مباشرة و سيكون هناك سلام حار بين الدولتين".

وأعلن جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في إفادة صحافية، مساء الخميس، أن المملكة المغربية ستسمح لشركات الطيران الإسرائيلية باستخدام مجالها الجوي، مؤكداً أنه سيتم تسيير رحلات جوية مباشرة بين البلدين، وذلك في إطار تطبيع العلاقات بين البلدين.

وأضاف كوشنر أن المغرب وإسرائيل "سيفتحان مكاتب اتصال دبلوماسية في الرباط وتل أبيب، وصولاً إلى سفارات في المستقبل"، مشيراً إلى أنه "في إطار الاتفاق سيعمل المغرب وإسرائيل على تعزيز العلاقات التجارية".

وقال السفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر، في تغريدة على تويتر: "الآن أصبحوا أربعة" في إشارة إلى تطبيع إسرائيل علاقاتها مع كل من الإمارات والبحرين والسودان.

 "ليس على حساب القضية الفلسطينية"

وأكد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" أن "التطور في العلاقات مع إسرائيل لن يكون على حساب القضية الفلسطينية.. ولكن في مصلحة السلام بالمنطقة".

وأوضح بوريطة أن للمغرب وضع خاص بالقضية الفلسطينية، قائم على تقريب وجهة النظر منذ سنوات، وحل الدولتين والتفاوض كأساس للحل.

وأضاف أن العاهل المغربي أكد أن بلاده مع الحفاظ على القدس بطابعها الإسلامي مع انفتاحها على الديانات الثلاث.

ولفت إلى أن "التدابير التي اتخذها المغرب مع إسرائيل من إعادة فتح مكاتب الاتصال في البلدين، وإقامة خطوط جوية مباشرة بين الرباط وتل أبيب، إنما هي للتسهيل على الجالية اليهودية المغربية في إسرائيل لزيارة بلدها". 

ترحيب عربي

وثمن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اتفاق تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، معتبراً أن هذه الخطوة "تحقق مزيداً من الاستقرار".

وقال السيسي في تغريدة على تويتر: "تابعت باهتمام بالغ التطور المهم بشأن اتفاق المغرب وإسرائيل على تطبيع العلاقات بينهما برعاية أميركية"، مضيفاً: "أثمن هذه الخطوة الهامة باعتبارها تحقق مزيداً من الاستقرار والتعاون الإقليمي فى منطقتنا".

كما رحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، بقرار الرباط استئناف الاتصالات والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

واعتبر ولي عهد أبوظبي في تغريدة على تويتر، أن التطبيع بين المغرب وإسرائيل "خطوة سيادية تساهم في تعزيز سعينا المشترك نحو الاستقرار والازدهار والسلام العادل والدائم في المنطقة".

محمد السادس يطمئن أبومازن

وأكد الملك محمد السادس أن هذه التدابير (تطبيع العلاقات مع إسرائيل) "لا تمس بأي حال من الأحوال، الالتزام الدائم والموصول للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة، وانخراطه البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط".

وبحسب بيان الديوان الملكي فقد شدد العاهل المغربي على "المواقف الثابتة والمتوازنة للمملكة المغربية من القضية الفلسطينية"، مشيراً إلى أن "المغرب يدعم حلاً قائماً على دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في أمن وسلام"، وأن "المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، تبقى هي السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي ودائم وشامل لهذا الصراع".

وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أكد الملك محمد السادس "موقف بلاده الداعم للقضية الفلسطينية الذي لا يتغير"، مشدداً على أن "المغرب يضع دائماً القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية".

وأشار بيان الديوان الملكي المغربي، إلى أنه "انطلاقاً من دوره بصفته رئيساً للجنة القدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، فقد شدد على ضرورة الحفاظ على الوضع الخاص للقدس، وعلى احترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث، وحماية الطابع الإسلامي لمدينة القدس الشريف والمسجد الأقصى".

وذكر العاهل المغربي للرئيس الفلسطيني أن "ملك المغرب له وضع خاص، وتربطه علاقات متميزة بالجالية اليهودية من أصل مغربي، ومنهم مئات الآلاف من اليهود المغاربة الموجودين في إسرائيل".

وأضاف أن المغرب "سيوظف كل التدابير والاتصالات التي اتفق عليها جلالته مع الرئيس الأميركي، من أجل دعم السلام بالمنطقة، وبأن ذلك لا يمس بأي حال من الأحوال، الالتزام الدائم والموصول بالدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة".

اعتراف بسيادة الرباط على الصحراء

وبالتزامن مع إعلان تطبيع العلاقات مع إسرائيل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه وقع اعترافاً بالسيادة المغربية على إقليم الصحراء المتنازع عليه مع جبهة البوليساريو، مؤكداً أن مقترح المغرب بمنح الصحراء حكماً ذاتياً تحت سيادته "جاد وواقعي وهو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لتحقيق السلام الدائم والازدهار".

وأضاف ترمب في تغريدة في صفحته على تويتر أن "المغرب اعترف بالولايات المتحدة عام 1777، ومن ثم فمن المناسب أن نعترف بسيادتهم على الصحراء".

وأكد بيان للبيت الأبيض أن الولايات المتحدة الأميركية اعتباراً من اليوم "تعترف بالسيادة المغربية على كل مناطق الصحراء الغربية"، وتؤكد دعمها لمقترح المغرب للحكم الذاتي.

ولفت البيان إلى أن الولايات المتحدة تؤمن بأن"الجمهورية الصحراوية المستقلة (التي أعلنت جبهة البوليساريو المطالبة بالانفصال تأسيسها) ليست خياراً واقعياً من أجل حل النزاع، وأن حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد القابل للتطبيق".

وحث البيان أطراف النزاع على الانخراط في المحادثات بدون تأخير "معتمدين المقترح المغربي للحكم الذاتي كإطار وحيد للتفاوض على حل مقبول من الطرفين".

بدورها نقلت وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية (ماب)، عن بيان للديوان الملكي، أن الرئيس الأميركي أبلغ العاهل المغربي خلال هذا الاتصال بأنه أصدر مرسوماً رئاسياً "بما له من قوة قانونية وسياسية ثابتة، وبأثره الفوري، يقضي باعتراف الولايات المتحدة، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية".

وذكر البيان، أن الولايات المتحدة قررت في هذا السياق فتح قنصلية بمدينة الداخلة، (الواقعة في الصحراء)، "تقوم بالأساس بمهام اقتصادية، من أجل تشجيع الاستثمارات الأميركية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما لفائدة سكان أقاليمنا الجنوبية".

استنكار جزائري

واستنكر حزب جبهة التحرير الوطني، صاحب الأغلبية البرلمانية في الجزائر، ما أسماه بـ"إعلان المغرب إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مقابل اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسيادتها على الصحراء".

واعتبر الحزب في بيان أن ما جرى هو "حصول على حق وهمي بالسيادة على أرض الصحراء.. فهي عطاء من لا يملك لمن لا يستحق".

وأكد حزب الأغلبية في البرلمان الجزائري، أن تغريدة ترمب "لن تغير من جوهر القضية على أرض الواقع".

"فاقد للشرعية"

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، عن سفير جبهة البوليساريو في الجزائر، عبد القادر طالب عمر، أن إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، فاقد للشرعية تماماً.

وأضاف عمر، أن "ترمب لا يملك السيادة على الصحراء كي يمنحها لأي بلد كان، وإعلانه مخالف لكل القرارات الأممية والقانون الدولي، ويأتي في نهاية عهدته، وانتخاب رئيس جديد يختلف في الكثير من المواقف عن ترمب".

وتابع: "ليست الولايات المتحدة وحدها من تقرر مصير العالم، هناك دول عظمى لها مواقف معروفة مثل روسيا والصين وبريطانيا وكذا الاتحاد الإفريقي، والكثير من البلدان المعترفة بالدولة الصحراوية، التي لن توافق على هذا الإعلان ".

الأمم المتحدة: موقفنا ثابت

وقال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في أعقاب إعلان الولايات المتحدة، إن موقف المنظمة الأممية من الصحراء، "ثابت لم يتغير".

وأكد ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم غوتيرش، إن الأمين العام للأمم المتحدة "يرى أنه لا يزال بالإمكان التوصل إلى حل على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي".

وتدعو الأمم المتحدة إلى التوصل لحل سياسي واقعي وعملي ودائم لمسألة الصحراء على أساس من التوافق، بشأن النزاع المستمر منذ 45 عاماً.

أوروبا ترحب وتدعم "القرارات الدولية" بشأن الصحراء

أعرب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن ترحيب الاتحاد بخطوة تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، مشيراً إلى أن التكتل يدعم "جهود مجلس الأمن الدولي وقراراته ذات الصلة بشأن الصحراء".

وقال بوريل على "تويتر"، الجمعة: "هذه الخطوة ستشجع المزيد من الدول على تطبيع العلاقات مع إسرائيل والذي سيسهم في تحقيق السلام في الشرق الأوسط".

اقرأ أيضاً: