نفت حكومة مالي، في بيان مساء الجمعة، انتشار جنود من مجموعة فاجنر الروسية على أراضيها، وذلك في مواجهة ما أعلنته 15 قوة غربية تشارك في مكافحة جماعات مسلحة، في البلد الواقع بمنطقة الساحل الإفريقي.
وقالت الحكومة المالية إنها "تقدم نفياً رسمياً لمزعم انتشار عناصر من شركة أمنية خاصة في مالي"، مطالبة بتقديم "أدلة من مصادر مستقلة"، مؤكدة في الوقت نفسه أن "مدربين روس، مثل بعثة التدريب الأوروبية، موجودون في مالي"، مضيفة أن ذلك "في إطار تعزيز القدرات العملياتية للقوات الوطنية".
وأعلنت 15 دولة غربية، بينها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا، في بيان الخميس، نشر مجموعة فاجنر شبه العسكرية الروسية في مالي، بمساعدة موسكو.
وقالت البلدان الموقعة على البيان: "ندين بشدة نشر مرتزقة على الأراضي المالية، ومشاركة حكومة الاتحاد الروسي في تقديم الدعم المادي لنشر مجموعة فاجنر في مالي"، داعين روسيا إلى "التصرف بطريقة مسؤولة وبناءة في المنطقة".
ووقعت دول بلجيكا والدنمارك وإستونيا وإيطاليا وليتوانيا والنرويج وهولندا والبرتغال وجمهورية التشيك ورومانيا والسويد، على البيان، وكلها دول تشارك جنباً إلى جنب مع فرنسا في التجمع الأوروبي الجديد للقوات الخاصة "تاكوبا" التي تهدف إلى مساعدة الجنود الماليين في القتال.
ويشكل نشر مرتزقة روس حتى الآن خطاً أحمر لباريس، لكن الدول الموقعة على البيان أكدت من جديد "تصميمها على مواصلة عملها لحماية المدنيين، ودعم مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والمساعدة في إرساء استقرار طويل الأمد".
وتشهد مالي منذ عام 2012 هجمات تنفذها جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، وأعمال عنف ارتكبتها جماعات مسلحة وقطاع طرق.
"تخلي فرنسا"
وباشرت باريس، في يونيو الماضي، إعادة تنظيم وجودها العسكري في منطقة الساحل، لا سيما من خلال مغادرة القواعد الواقعة في أقصى شمال مالي، والتخطيط لتقليص عديد قواتها في المنطقة بحلول عام 2023، ليتراوح بين 2500 و3 آلاف عنصر، مقابل أكثر من 5 آلاف حالياً.
وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر الماضي، قال رئيس الوزراء المالي شوجيل مايجا، إن "فرنسا تخلت عن مالي، ولم تترك لها خياراً سوى البحث عن شركاء آخرين".
وأكدت السلطات في مالي، حينها، أنها وحدها من يملك قرار "اختيار الشركاء الذين يمكنها الاستعانة بهم"، على خلفية اتهامها بالسعي لجلب "مرتزقة"، بعد تقارير حول محادثات تجريها مع شركة الأمن الروسية الخاصة "فاجنر".
وقال رئيس الوزراء المالي تشوجويل مايجا: "هناك شركاء قرروا مغادرة مالي، وهناك مناطق صارت مهجورة"، في إشارة إلى إعادة انتشار القوات الفرنسية في منطقة الساحل، بعد مغادرة جزء من مواقعها في شمال مالي. وأضاف متسائلاً: "ألا يجب أن تكون لدينا خطط بديلة؟".
وحذّرت فرنسا مالي، نهاية سبتمبر، من أنها ستفقد "دعم المجتمع الدولي"، وستتخلى عن "مقومات كاملة من سيادتها"، إذا استعانت بشركة "فاجنر" الأمنية الخاصة الروسية.
لماذا يقلق الغرب من فاجنر؟
المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن، بيتر ستانو قال لـ"الشرق"، إن مجموعة فاجنر "تشارك في انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك التعذيب والقتل غير المشروع وتساهم في زعزعة استقرار بعض الدول من قبل سوريا وأوكرانيا وبلدان إفريقية" وضمنها مالي.
وبسؤاله عن الفرق بين نشاط مقاتلي "فاجنر" والقوات الفرنسية في مالي، والتي واجهت بدورها تهماً بانتهاك حقوق الإنسان في الساحل الإفريقي، قال ستانو إنه "يمكن إخضاع فرنسا للمساءلة حين توجد شبهات بشأن أنشطة قواتها في الخارج سواءً أمام نظامها القضائي أو النظام القضائي للدول التي تنشط بها، وحتى أمام الأمم المتحدة".
وتابع: "هذا الأمر لا ينطبق على مجموعة فاجنر. فبالرغم من أننا نعلم بارتباط المجموعة بدوائر السلطة في روسيا، فإن أنشطتها تطبعها السرية وهي غير مسجلة أساساً في أي دولة، وهو ما يصعب متابعتها قضائياً".