دراسة: رئات القوارض "مستودع" أمراض يهدد حياة البشر

time reading iconدقائق القراءة - 7
فأر تجارب في مختبر جامعة إيست تشاينا نورمال في شنغهاي- الصين - 25 أبريل 2005 - REUTERS
فأر تجارب في مختبر جامعة إيست تشاينا نورمال في شنغهاي- الصين - 25 أبريل 2005 - REUTERS
القاهرة-محمد منصور

سلّطت دراسة جديدة الضوء على فطريات داخل أنسجة القوارض الصغيرة يُمكن أن تنقل أمراضاً قاتلة للبشر، مثل حمى الوادي والطاعون ومتلازمة "هانتا" الرئوية، بالإضافة إلى "داء البريميات".

وقالت الدراسة المنشورة في دورية "Frontiers "إن القوارض يُمكن أن تكون بمثابة "مستودعات" و"حاضنات" لمُسببات الأمراض الفطرية الناشئة، والتي يُمكن أن تكون قاتلة في بعض الأحيان.

وركّز تحليل الدراسة بشكل خاص على مسببات أمراض الرئة التي تصيب البشر، قبل أن يتم الكشف عن مجموعة واسعة من الفطريات في أنسجة الرئة للقوارض الصغيرة.

وهذه أول دراسة كبيرة تستخدم طريقة تسلسل جينوم جديدة لتقييم الفطريات في رئتي الثدييات الصغيرة.

وتدعم هذه النتائج الفرضية القائلة بأن القوارض يمكن أن تكون أرضاً خصبة لمسببات الأمراض التنفسية الفطرية.

حمى الوادي

وجد العلماء أن العديد من القوارض التي سحبت منها عينات من مناطق في جنوب غربي الولايات المتحدة كانت تأوي نوعاً من الفطريات التي يمكن أن تسبب التهابات الرئة لدى البشر، مثل الفطريات التي تؤدي إلى حمى الوادي، وهو مرض يسبب عادةً أعراضاً تشبه أعراض الأنفلونزا، ويمكن أن يكون مُهدداً للحياة.

وعن طريق استخدام تقنية تسلسل جينوم جديدة، تتيح تقييماً سريعاً لأنواع الفطريات واسعة النطاق، قام الباحثون بتحليل الحمض النووي للفطريات في أنسجة رئة القوارض.

واكتشف الباحثون وجود فطريات الكوكسيديويدات Coccidioides، وهي العامل المسبب للمرض في حمى الوادي، داخل أنسجة الرئة لحيوانات تعيش في بيئة ولايتي كاليفورنيا وأريزونا، وهي مناطق بها معدلات عالية من هذا المرض.

كما وجدوا أيضاً نفس النوع من الفطريات في قوارض ولاية نيو مكسيكو، وهي المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف هذا العامل الممرض في بيئة هذه المنطقة.

ويقول الباحثون إن التنبؤات الحالية لتوزيع فطريات الكوكسيديويدات، واستناداً إلى المناخ وظروف التربة، تشير إلى أن حمى الوادي ستتوسع بشكل كبير باتجاه الشمال والشرق خلال القرن المقبل نتيجة لتغير المناخ الذي يؤثر على الظروف البيئية.

متلازمة "هانتا" الرئوية

لا تحمل القوارض مُسببات مرض "حمى الوادي" فقط، إذ تعمل هذه الكائنات كمستودعات لأمراض أخرى قاتلة.

على سبيل المثال، يصاب البشر بمتلازمة فيروس هانتا الرئوية عند التعرض لفضلات أو بول فئران القوارض التي تحمل الفيروس. يتم الإبلاغ عن حوالي 1 إلى 5 حالات إصابة بفيروس هانتا كل عام في ولاية واشنطن وحوالي ثلث الحالات كانت قاتلة.

"داء البريميات"

"داء البريميات"، وهو مرض تسببه البكتيريا اللولبية النحيفة Leptospira، يصيب كل من البشر ومجموعة واسعة من الحيوانات، وينتقل عن طريق القوارض. 

ينتشر "داء البريميات" في جميع أنحاء العالم ولكنه أكثر شيوعاً في المناطق المعتدلة والاستوائية من العالم، ولا تظهر أي أعراض على بعض المصابين به على الإطلاق، وقد يصاب آخرين بمرض شديد وقاتل.

وتحمل القوارض هذه البكتيريا وتخرج في بولها إلى التربة أو المياه، والتي تُعد أكثر الأسباب شيوعاً للإصابة بالعدوى البشرية.

الطاعون

تحتوي القوارض على جرثومة تسمى "يرسينيا بيستيس"، والتي تُسبب المرض الشهير المعروف باسم الطاعون، إذ  يبدأ الوباء بسبب لدغة برغوث يتغذى على حيوان بري مصاب، مثل الجرذ أو السنجاب.

ويسبب الطاعون تقرحات وخراجات كبيرة في غدد الذراعين والساقين. ورغم أنه يمكن الآن علاج الطاعون بالمضادات الحيوية، إلا أنه كان مرضاً قاتلاً في الماضي.

مرض "التولاريميا"

مرض التولاريميا؛ هو مرض بكتيري يُسببه العامل الممرض المعروف باسم Francisella tularensis، والذي ينتشر بصورة كبيرة في القوارض (وخاصة السناجب البرية والأرانب والقنادس).

ويمكن أن يصاب الناس وحيواناتهم الأليفة بهذا المرض عن طريق ملامسة الحيوانات النافقة أو المريضة المصابة، أو من خلال عضات الحيوانات والتعرض للدم الملوث أو اللحوم النيئة.

ومن الوارد أيضاً انتقال ذلك المرض عن طريق لدغة مفصليات الأرجل المصابة (مثل القراد والذباب اللاذع) والتعرض للمياه أو التربة الملوثة واستنشاق البكتيريا.

يتم الإبلاغ عن حالة واحدة إلى 10 حالات من الإصابة بداء التولاريميا لدى الأشخاص كل عام وغالباً ما يكون المرض قاتلاً.

وحتى الفئران الأليفة (كالهامستر) يُمكن أن تحمل عدداً من الأمراض القاتلة.

حمى الفئران

من ضمن الأمراض أيضاً، حمى الفئران، وهي مرض بكتيري خطير يمكن أن يصاب به البشر من خلال عضات أو خدوش الفئران (ما يصل إلى 10٪ من عضات الفئران).

يشير العلماء أيضاً إلى أن بول وبراز القوارض يحتوي على بكتيريا السلامونيلا والتي تُسبب الأمراض المرتبطة بالغذاء. كما يعتقدون أن مرض "جدري القرود" الحالي -والذي يقتل 10٪ من المصابين به في أفريقيا- قد ينتقل أيضاً عن طريق القوارض.

الأمراض حيوانية المنشأ

تنقل العديد من الحيوانات الأمراض للبشر، إذ يُقدر العلماء أن أكثر من 60٪ من الأمراض المعدية المعروفة لدى البشر يُمكن أن تنتقل من خلالهم، كما أن أكثر من 75٪ من الأمراض المعدية الجديدة أو الناشئة تتطور في البداية عند الحيوانات أيضاً.

ومع تزايد تلك الأمراض، من المهم أن تفهم السلطات الصحية من أين تأتي هذه العوامل الممرضة.

وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، لاحظ العلماء زيادة في الأمراض حيوانية المنشأ، إذ تسمح الحيوانات بتطور العوامل المُمرِضة -البكتيريا والفيروسات والفطريات- داخلها، ما يمكن أن يؤدي إلى مجموعة طفرات من شأنها زيادة ضراوة هذه العوامل.

كما تسمح الحيوانات للعوامل المُمرضة في الآن ذاته بالتنوع، وبالتالي يُصبح تأثيرها على البشر كبيراً وخطيراً.

وفي حالة الفئران محل تلك الدراسة، تنتقل العوامل الممرضة المُسببة للأمراض التنفسية من رئاتها إلى التربة، ومن ثم تنتعش لأنها تتغذى على المواد النباتية الميتة والمتحللة، قبل أن تنتقل إلينا عبر تلوث النباتات، أو حتى من خلال لحم حيوان وسيط آخر مستأنس.

اقرأ أيضاً: