ماذا تعني استقالة نواب التيار الصدري من البرلمان العراقي؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
جانب من جلسة لمجلس النواب العراقي - 08 يونيو 2022 -  وكالة الأنباء العراقية "واع"
جانب من جلسة لمجلس النواب العراقي - 08 يونيو 2022 - وكالة الأنباء العراقية "واع"
بغداد/ دبي -إدريس جوادرشا العزاويعزيز عليلو

بات المشهد السياسي في العراق، أشد تعقيداً مع استقالة نواب الكتلة الصدرية من البرلمان بعد 8 أشهر من الانتخابات التشريعية التي لم تسفر عن انتخاب رئيس للجمهورية أو تشكيل حكومة.

وجاءت استقالة كتلة التيار الصدري المؤلفة من 73 نائباً، على خلفية استمرار عرقلة تشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة، ما دفع زعيم "التيار الصدري" إلى وصف عرقلة التشكيل بـ"المفتعلة"، والتوجه إلى المعارضة، داعياً خصومه السياسيين في "الإطار التنسيقي" الذي يضمّ كتلاً شيعية أبرزها "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكتلة "الفتح" الممثلة لفصائل الحشد الشعبي، إلى تشكّيل الحكومة، وهو ما لم يحدث أيضاً.

وكان التيار الصدري الذي شكل تحالفاً ثلاثياً باسم إنقاذ وطن بمشاركة حزبي "عزم" و"تقدم" السنيين والحزب الديمقراطي الكردستاني ومستقلين، يطمح لتشكيل حكومة أغلبية، في حين أن الإطار التنسيقي، يدفع باتجاه تشكيل حكومة توافقية تضمّ الأطراف الشيعية كافة، كما جرى عليه التقليد السياسي في العراق منذ سنوات.

"تصويت مرتقب"

ورغم موافقة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، على استقالات النواب، فإن الخبير القانوني العراقي علي التميمي أوضح في تصريحات لـ"الشرق"، أن الاستقالة تحتاج إلى التصويت بالأغلبية المطلقة لعدد الحضور في جلسة مجلس النواب.

وأضاف التميمي أن الاستقالة يجب أن تكون في جلسة علنية، يدعو البرلمان بعدها مفوضية الانتخابات إلى تقديم أسماء أكبر الخاسرين ليكونوا بدلاً من المستقيلين. 

وأوضح التميمي أن الأسماء التي سترفع من المفوضية تذهب إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة عليها، ومن ثم ترسل إلى مجلس النواب ليؤدي النواب الجدد اليمين الدستورية، ويصبحوا نواباً بشكل رسمي.  

البدلاء جاهزون

وفي هذا الإطار، كشف مصدر مسؤول في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لـ"الشرق"، أن "المفوضية لم تتسلم حتى اللحظة، أي شيء رسمي بخصوص استقالة نواب الكتلة الصدرية، كي تقدم البدلاء عنهم لمجلس النواب، لغرض أداء اليمين الدستورية".

وأضاف المصدر أن "بدلاء نواب الكتلة الصدرية، سيكونون أعلى الخاسرين بالدائرة الانتخابية، بعيداً عن انتماء المرشح لأي كتلة كانت"، لافتاً إلى أن "قانون الانتخابات أكد أن بديل أي نائب يكون الذي يليه بأعلى الأصوات، بعيداً عن الكتلة التي ينتمي إليها".

وأشار إلى أن "المفوضية ستقوم بجمع الأسماء والأرقام لبدلاء نواب الكتلة الصدرية، بعد تسلم الاستقالة بشكل رسمي".

"توريط الإطار التنسيقي"

المحلل السياسي المقرب من "الإطار التنسيقي"، الدكتور حيدر البرزنجي، قال إن موقف التيار الصدري اتسم منذ إجراء الانتخابات بـ"عدم الثبات".

وقال البرزنجي لـ"الشرق"، إن الاستقالة تعد "مناورة سياسية من أجل كسب تعاطف الجماهير، بعدما فشل التحالف الثلاثي الذي يقوده التيار الصدري في تشكيل الحكومة".

ورجح أن يستغل "التيار الصدري" هذا الإعلان من أجل "تصعيد في الشوارع من خلال المظاهرات، بهدف توريط الإطار التنسيقي أمام الجماهير" وفرض ما يصفه بـ"حكومة أغلبية"، محذراً من أن ذلك "قد ينتج عنه مزيد من عدم الاستقرار السياسي في البلاد".

"حكومة أغلبية"

في المقابل، اعتبر الكاتب والباحث السياسي عصام الفيلي، أن "الصدر أراد أن يقول من خلال الاستقالة لكل الأطراف السياسية، حتى المختلفين معه إنه يريد الوصول إلى حل في مسار تشكيل الحكومة الجديدة، حتى وإن لم يكن جزءاً من الحل".

وأوضح الفليلي، المقرب من "التيار الصدري"، لـ"الشرق" أن "الاستقالة بمثابة تأكيد من قبل مقتدى الصدر على أنه غير متمسك بالسلطة، بل لديه مشروع بناء دولة متماسكة في العراق".

وأضاف أن "إعلان الاستقالة يزيد من الضغط الممارس على القوى السياسية، التي يتهمها التيار الصدري بافتعال أزمة الانسداد السياسي، من أجل المضي قدماً في التفاوض وتشكيل حكومة أغلبية".

"تغيير جذري"

ووصف رئيس المجلس الاستشاري العراقي فرهاد علاء الدين في تصريحات خاصة لـ"الشرق"، الخطوة،  بـ"التغيير الجذري في المشهد السياسي"، محذراً من "تبعات خطيرة على التيار الصدري أولاً، وعلى العملية السياسية والعراق ثانياً".

وقال علاء الدين إن "الخطوة الصدرية زلزال قد يؤدي إلى انهيار النظام، ما لم يحسن أصحاب الشأن اختيار الخطوات القادمة بحكمة متناهية" على حد قوله، منبهاً إلى أن "التبعات الخطيرة ستكون على صورة التظاهرات الشعبية والمعارضة السياسية العنيفة، ولا يمكن إبعاد احتمال الصدام المسلح بين الفصائل".

"لا حكومة"

من جانبه توقع الدكتور فراس إلياس الأكاديمي المختص في الشؤون الاستراتيجية والأمن الدولي، عدم تشكيل حكومة دون الكتلة الصدرية.

ووصف إلياس خطوة الصدر في تصريحات لـ"الشرق"، ‏بـ"التفاحة المسمومة التي يقدمها الصدر لقوى الإطار التنسيقي، فمن جهة يريد الصدر أن يرسل رسالة للشارع أنه غير متمسك بخيار تشكيل الحكومة، ومن جهة أخرى، يدفع الصدر قوى الإطار لتشكيل حكومة ستكون ضعيفة بدونه، مدركاً أن الشارع الذي مارس التصويت العقابي بحق كتل الإطار التنسيقي، سيكون متماهياً مع خيار المعارضة الشعبية التي سيتبناها الصدر، من أجل أن يظهر قوى الإطار بمظهر الفشل الحكومي".

وأعرب عن اعتقاده بوجود "جهد إطاري لإفشال قرار الاستقالة، إما عبر الطعن بدستوريتها، أو بتقديم تنازلات للصدر، فمشكلتهم (الإطار التنسيقي) ليست بقرار الاستقالة، وإنما بتبعات هذا القرار، الذي قد ينعكس على مجمل المشهد السياسي في العراق، خصوصاً أن الأطراف الأخرى الكردية والسنية قد لا تكون متحفزة للاشتراك بحكومة من دون الصدر".

"انتخابات مبكرة"

وبشأن اللجوء إلى الانتخابات المبكرة، قال الفيلي إنه في حال تعثر عملية انتخاب مستقلين، فإنه "من المرجح أن يسفر ذلك عن حل البرلمان، وبالتالي إجراء انتخابات مبكرة". ورجح أن" إجراء انتخابات جديدة لن يفضي إلى تغييرات، خصوصاً أنه لن يتم تغيير قانون الانتخابات، وبالتالي فإن التيار الصدري سيبقى الأقوى في البرلمان المقبل".

في المقابل، استبعد البرزنجي إجراء انتخابات سابقة لأوانها، قائلاً: "لا أحد يرغب في إعادة الانتخابات لأنها ستنتج فقط عن مزيد من عدم الاستقرار".

وتابع أن "العملية السياسية لن تنتهي بتنحي التيار الصدري.. هناك حديث على أن وفداً من أربيل يقوده مسؤولون من الحزب الديمقراطي الكردستاني سيأتي إلى بغداد من أجل التفاوض على تشكيل حكومة جديدة مع الإطار التنسيقي".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات