جزر بحر إيجة.. محور مواجهة متجددة بين تركيا واليونان

time reading iconدقائق القراءة - 6
جانب من جزيرة سانتوريني اليونانية المطلة على بحر إيجه - AFP
جانب من جزيرة سانتوريني اليونانية المطلة على بحر إيجه - AFP
دبي-الشرق

تخوض تركيا واليونان الدولتان الجارتان والمنضويتان في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، نزاعاً بشأن الحدود البحرية المشتركة وحقوق التنقيب عن الطاقة في أجزاء من بحر إيجة وشرق البحر المتوسط.

تركيا صعّدت انتقاداتها ضد اليونان، في الآونة الأخيرة، وتحديداً بعد خطاب رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أمام الكونجرس الأميركي منتصف مايو الماضي. إلا أن توتر العلاقات بين البلدين ليس بجديد، ذلك أنه يشهد تاريخياً اضطرابات متكررة. وتتبادل أنقرة وأثينا باستمرار الاتهام بانتهاك المياه الإقليمية والمجال الجوي لكل منهما. 

جذور الخلاف

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية، أبرمت الدول المنتصرة (فرنسا وبريطانيا وإيطاليا) "معاهدة مع ممثلي الدولة العثمانية في 19 أغسطس عام 1920، أطلق عليها اسم "معاهدة سيفر للسلام". وبموجب المعاهدة المذكور، أرغمت تركيا على التخلي عن سلطتها على الأراضي العربية، فيما نالت اليونان السيادة على عدد من جزر بحر إيجة. لكن، سرعان ما رفض النظام التركي هذه المعاهدة وخاض معركة ضد القوى الأوروبية، انتهت بمعاهدة سلام جديدة تم عقدها في مدينة لوزان السويسرية بتاريخ 24 يوليو 1923، تتضمن شروطاً جديدة وترسم الحدود التركية التي نعرفها اليوم.

إلا أن الحدود التي نصت عليها المعاهدة الثانية (لوزان)، أثارت بدورها خلافاً بين الجانبين، كان يتصاعد تارة ويخمد تارة أخرى، لكنه تفاقم بعد اكتشافات الغاز الطبيعي وخطط أنقرة للتنقيب عنه في شرق البحر المتوسط.

السيادة على الجزر

ووضعت معاهدات باريس للسلام لعام 1947، الموقعة بين إيطاليا والحلفاء المنتصرين بعد الحرب العالمية الثانية، 14 جزيرة بمجموعة دوديكانيسيا وعشرات الجزر الصغيرة المطلة على بحر إيجه تحت سيادة اليونان، فيما تقول أنقرة إن الكثير من تلك الجزر لم تحدد في المعاهدة.

وبعد غزو تركيا للشطر الشمالي من جزيرة قبرص في عام 1974، وتقسيم الجزيرة بين الأتراك واليونانيين، تصاعدت التوترات بين الجانبين في بحر إيجه حينها، إذ أعربت أنقرة عن قلقها بشأن السيادة الإقليمية لجزر اليونان، في حين ردت اليونان بالقول إن السياسة الخارجية التركية "دخلت الآن مرحلة توسعية جديدة مع زيادة النشاط العسكري في بحر إيجه".

وعاد التوتر بين البلدين إلى التصاعد في صيف 2020، عندما حاولت تركيا القيام بأعمال تنقيب عن النفط والغاز في المياه المتنازع عليها، غير أن استئناف المفاوضات الثنائية عام 2021 سمح بانفراج نسبي في العلاقات.

المطالب التركية

تطالب تركيا بإجراء مفاوضات مع اليونان لتحديد مصير كثير من الجزر الصغيرة التي "لم تنقل تبعيتها إلى أي دولة بموجب الاتفاقيات السابقة"، بحسب صحيفة "ترك برس".

وتحمل الأزمة القائمة بين البلدين بعداً آخر، يتعلق بالحقوق المترتبة على السيادة، والمتمثلة في مناطق النفوذ البحرية والمناطق الاقتصادية الخالصة، والحق في التنقيب عن موارد الطاقة بالقرب من هذه الجزر التي تقع شرقي البحر المتوسط، وفقاً لقناة "تي أر تي" التركية.

وتتهم السلطات التركية أيضاً اليونانيين بـ"تسليح جزر بحر إيجه، في "انتهاك لمعاهدتين" على حد قولها، مشيرةً إلى أنها "ستشكك في سيادة اليونان على الجزر إذا استمرت في إرسال قوات إليها".

الرد اليوناني

في رسالة وجهتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أواخر مايو الماضي، دعت وزارة الخارجية اليونانية، تركيا رسمياً إلى "وقف التشكيك" في سيادتها على جزر بحر إيجة.

وتناولت الرسالة قضايا مثل "إصرار تركيا على إثارة قضايا ليس لها أساس قانوني"، و"تعزيزها المستمر لقواتها العسكرية، وتهديدها بالحرب وانتهاكاتها في بحر إيجه".

ونشرت وزارة الخارجية اليونانية، الجمعة، خرائط تعود إلى عام 1923 قالت إنها "تُصور بطريقة واضحة لا تقبل الجدل الأفعال والادعاءات التركية غير الشرعية والأحاديّة".

وجاء في بيان الخارجية أن الخرائط "توثق مدى التعديلات التركية من أجل قلب الوضع الراهن وانتهاك القانون الدولي.. وتهديد السلام والأمن والاستقرار في منطقتنا".

 إلغاء المجلس الاستراتيجي

وفي سياق التوتر المتصاعد بين الجانبين، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مايو الماضي، إلغاء اتفاقية المجلس الاستراتيجي رفيع المستوى بين تركيا واليونان، وذلك عقب اتهامه رئيس الوزراء اليوناني (كيرياكوس ميتسوتاكيس) بـ"عرقلة بيع طائرات مقاتلة إلى تركيا خلال كلمة ألقاها أمام الكونجرس الأميركي في منتصف مايو".

وأضاف أردوغان في خطاب عقب ترؤسه اجتماعاً للحكومة في المجمع الرئاسي: "كنا سنعقد هذه السنة اجتماع المجلس الاستراتيجي المشترك (مع اليونان)، لم يعد هناك أحد اسمه ميتسوتاكيس بالنسبة إلي، ولا أقبل بعقد لقاء كهذا معه إطلاقاً، لأننا نواصل طريقنا مع الأشخاص الشرفاء الذين يحفظون عهودهم".

وينصّ الاتفاق المعقود بين أنقرة وأثينا عام 2010 على عقد لقاءات دورية على أعلى المستويات لتعزيز التعاون بين البلدين.

تجدر الإشارة إلى أن رئيس وزراء اليونان، ألقى خطاباً أمام الكونجرس الأميركي، في مايو، قال فيه إن بلاده "لن تقبل أبداً بحل الدولتين في جزيرة قبرص"، لافتاً إلى أن تركيا "انتهكت الأجواء اليونانية"، ومطالباً الكونجرس بأن يأخذ بعين الاعتبار الوضع في شرق البحر المتوسط في ما يتعلق بمبيعات الأسلحة الأميركية المحتملة لتركيا.

تصنيفات