Open toolbar

مسيرة أميركية من طراز "MQ-9 Reaper " تابعة للجيش الأميركي في قاعدة أماري الجوية بإستونيا. 1 يوليو 2020 - REUTERS

شارك القصة
Resize text
دبي -

قالت شبكة "سي إن إن"، إن حجم "الغضب والضجيج" بسبب حادث المسيرة الأميركية يرجع جزئياً إلى "حرب معلومات" بشأن المعركة في أوكرانيا، في حين قال خبراء إن روسيا أرادت من الحادث إعادة بناء مصداقيتها بعد تهديدات روسية متكررة لم تصل حد الأفعال.

وأضافت الشبكة الأميريكة أن واقعة إسقاط الطائرة المسيرة فوق البحر الأسود، التي انخرطت فيها مقاتلتان روسيتان، ليست "الأسوأ" في تاريخ مواجهات البلدين.

والثلاثاء، أعلنت الولايات المتحدة سقوط مسيرة من طراز "MQ-9" كانت تقوم بعملية روتينية فوق البحر الأسود، بعدما اعترضتها مقاتلتين روسيتين، اصطدمت إحداهما بمروحة المسيرة، وألقتا عليها وقوداً، ما أدى لسقوطها، وهي الرواية التي نفتها موسكو.

مواجهات سابقة

واستعرضت "سي إن إن" مواجهات سابقة بين الخصمين النوويين، كما تساءلت: "متى وصلت علاقات البلدين إلى هذه النقطة؟"، "هل منذ ضمت موسكو شبه جزيرة القرم عام 2014؟ أم مع اتهامات تدخل الكرملين في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016؟ أم منذ بدأت روسيا غزو أوكرانيا؟

وقالت إنه لا يمكن إنكار أن المواجهة الجوية، فاقمت التوترات بين موسكو وواشنطن، على الرغم من نفي روسيا حدوث تصادم بين الطائرات. ورأت أن بعض المعطيات التاريخية تعد بمثابة تذكير بأن المواجهة بين الدولتين النوويتين "يمكن أن تكون أكثر حدّة".

واسترجعت "سي إن إن" مثالاً على ذلك، بفصل من الحرب في سوريا، قائلة إنه "غالباً ما يجري تجاهله".

وأوضحت: "في فبراير 2018، اشتبكت وحدة أميركية على الأرض في شرق سوريا مع قوة كانت تتقدم في قاعدتها وتضم أعضاء من مجموعة (فاجنر) الروسية".

وأضافت أن القوات الأميركية وجهت ضربات جوية وقصف مدفعي، أدّى إلى سقوط عشرات الضحايا من عناصر "فاجنر" وحلفائهم السوريين.

وكانت هذه المعركة هي "الأكثر دموية" بين القوات الأميركية والمقاتلين الروس منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بحسب "سي إن إن"، على الرغم من أنها "لم تسفر عن أي تصعيد"، إذ أنكرت الحكومة الروسية آنذاك وجود مجموعة "فاجنر" الخاصة من الأساس.

"خط منع اشتباك"

"سي إن إن" اعتبرت أن التقارير الصادرة بشأن معركة عام 2018 تسلط الضوء أيضاً على وجود "خط منع اشتباك" ممتد بين الجيشين الأميركي والروسي، بهدف تقليل مخاطر التصعيد غير المقصود عن طريق الإبقاء على قنوات الاتصال بشأن التحركات والعمليات العسكرية مفتوحة بين الطرفين.

وبقيت هذه القنوات مفتوحة حتى بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، نهاية فبراير 2022. ففي مارس الماضي أقرت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، بأن هناك خط منع اشتباك مفتوح، لتجنّب وقوع أي تقديرات عسكرية خاطئة بالقرب من أوكرانيا. 

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الرحلات الروتينية للمسيّرة الأميركية فوق منطقة البحر الأسود ترقى إلى مستوى عدم الاشتباك. لكن منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، قال إن الطائرات الأميركية "كانت تُحلّق باستمرار فوق ذلك المجال الجوي لمدة عام".

واعتبر كيربي أنه "لا توجد أسباب لتفعيل خطوط منع الاشتباك قبل التحليق فوق البحر الأسود".

ووفقاً لما قاله المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، فقد جرى إطلاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إسقاط المسيرة.

"مستويات غير مسبوقة"

وفي وقت سابق الأربعاء، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرجي شويجو، إن "الولايات المتحدة ستواصل التحليق في أي مكان يسمح به القانون الدولي"، فيما أفاد شويجو، بأن موسكو سترد "بشكل متناسب" على أي "استفزاز" أميركي.

وذكرت واشنطن وموسكو، الأربعاء، أن وزيري الدفاع أجريا اتصالاً هاتفياً، بشأن تحطم المسيّرة الأميركية، وبيّنت وزارة الدفاع الروسية أن "شويجو تحدث مع أوستن عبر الهاتف بمبادرة من الجانب الأميركي".

والواقعة هي الأولى من نوعها بين موسكو وواشنطن منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.

وعلى الرغم من أن خطوط الاتصال "قد تكون مفتوحة"، رأت الشبكة الأميركية أن المواجهة الأميركية الروسية بلغت بالتأكيد مستويات "غير مسبوقة" منذ أخطر لحظات الحرب الباردة.

ونقلت عن الرئيس الأميركي جو بايدن قوله لمجموعة من الديمقراطيين، العام الماضي، رداً على التهديدات النووية الصادرة عن بوتين: "لم نواجه احتمال وقوع كارثة منذ عهد (الرئيس الأميركي الراحل جون) كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية"، مضيفاً: "لا أعتقد أن هناك أي شيء من قبيل القدرة على استخدام السلاح النووي بسهولة من دون أن يودي إلى كارثة في نهاية المطاف". 

عقود من المواجهات

وعلى الرغم من أن الحرب الباردة شهدت أزمة الصواريخ الكوبية، والعديد من الدعوات القريبة من الحرب النووية، لا أحد يتذكر اليوم أن الحرب الباردة قد حمي وطيسها إلى "حرب ساخنة" بين القوات الأميركية والسوفيتية في العديد من النقاط عبر عقود من المواجهة، بحسب "سي إن إن".

إحدى الحوادث التي رُفعت عنها السرية بعد عقود كانت "إسقاط الرحلة 60528"، وهي طائرة أميركية من طراز "C-130" كانت في مهمة تجسس وتم إسقاطها فوق أرمينيا السوفيتية، ما أسفر عن مصرع طاقمها المكون من 17 فرداً.

كما اعترفت الحكومة الأميركية بأنه في الفترة بين عامي 1945 و1977 "تم إسقاط أكثر من 40 طائرة استطلاع في مهام من هذا القبيل"، وفقاً لما أوردته "سي إن إن".

"حرب معلومات"

ووفقاً للشبكة الإخبارية، فإن سبب "كل هذا الغضب والضجيج" لإسقاط مسيرة طراز "MQ-9 Reaper"، يُعزى جزئياً إلى "حرب معلومات تدور رحاها بشأن الحرب في أوكرانيا".

واعتبرت أن الروس "استفادوا من هذا الحادث"، ففي أحد الأمثلة على ما وصفته بـ"مشاكسات الخبراء"، قال سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف إن روسيا ستحاول "استعادة حطام المسيرة MQ-9 لدراستها".

وفي السياق ذاته، قال مسؤولان أميركيان لشبكة "سي إن إن" إن "هناك برمجيات حساسة في المسيرة تم مسحها قبل تحطمها في البحر الأسود".

إعادة بناء مصداقية

من جانبه، رأى الخبير في الشأن الروسي ونائب رئيس الدراسات في مؤسسة "كارنيجي" للسلام الدولي، أندرو فايس، في سلسلة تغريدات على "تويتر" أن إسقاط المسيرة كان له مآرب أخرى عند الروس، إذ "سيسمح للروس بالترويج لخدعة ذات مصداقية بشأن استعدادهم لتصعيد المواجهة مع الغرب".

وكتب فايس أن "الغضب الروسي بشأن الأنشطة الأميركية وأنشطة (حلف شمال الأطلسي) الناتو في البحر الأسود وحوله ليس بالأمر الجديد"، مضيفاً أنه "بالتأكيد يمتلك الأشخاص في الكرملين ما يكفي من الذكاء ليعرفوا أن واشنطن لن تتراجع عن إرسال مهام مراقبة مثل رحلة المسيرة التي تم إسقاطها".

وأضاف: "لأكثر من عام، هدد الكرملين بصورة منتظمة بالتدخل في شحنات الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا، ولكنه لم يفعل شيئاً حيال دعم ذلك التهديد. ومن ثم، فإنه عل الرغم من كل هذا الحديث الذي لا نهاية له حول مخاطر تصعيد محتمل من هجوم روسي، تبقى الحقيقة هي أن (الردع يُحكم قبضته)".

وتابع: "العبث برحلة تقوم بها طائرة مسيرة كان السبيل الذي سلكته موسكو في محاولتها لإعادة بناء مصداقيتها المفقودة من دون تهديد حياة أي فرد أميركي أو من دول الناتو".

ولكن، بحسب "سي إن إن" يبقى هذا "سلاحاً ذي حدين لاستراتيجية الردع"، إذ أن "العبث مع طائرة مسيرة شيء، وتصرف موسكو على نحو يهدد حياة إنسان أميركي أو من دول الناتو شيء آخر، وعندئذ قد ينتهي بنا المطاف بحديث آخر عن سيناريو مختلف".

اقرأ أيضاً:

Google News تابعوا أخبار الشرق عبر Google News

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.