
نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست"، الأربعاء، عن مصدر حكومي إسرائيلي رفيع المستوى أن كبار الوزراء في البلاد لم يعقدوا اجتماعاً واحداً على مدى ثلاثة أسابيع لمناقشة الرد على خطاب المحكمة الجنائية الدولية القاضي بفتح تحقيق يتعلق بجرائم حرب ارتكبتها على الأراضي الفلسطينية.
ويقترب الموعد النهائي لإرسال الرد الإسرائيلي على المحكمة الدولية في 9 أبريل المقبل، أي بعد شهر من إرسال المدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودة، خطاباً تخطر فيه إسرائيل بأنها بصدد فتح تحقيق يتعلق بارتكاب جرائم حرب.
وكشف مصدر حكومي رفيع المستوى لصحيفة "جيروزاليم بوست"، أن كبار "الوزراء الإسرائيليين لم يعقدوا اجتماعاً واحداً على مدى ثلاثة أسابيع منذ وصول خطاب رسمي من لاهاي، لمناقشة المقاربة التي ستعتمدها إسرائيل إزاء هذا التحقيق، واتخاذ قرار بهذا الشأن".
ومن المتوقع أن يشمل التحقيق ضد إسرائيل عملية "الجرف الصامد" في 2014 التي سقط فيها قرابة ألفي فلسطيني، وأعمال الشغب على حدود غزة في 2018، والمشروع الاستيطاني، بما في ذلك القدس الشرقية.
ويواجه كبار المسؤولين الإسرائيليين اتهامات تتعلق بارتكاب جرائم حرب، من بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع بيني غانتس، الذي كان رئيساً لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي في عام 2014، إضافة إلى مئات الضباط في الجيش الإسرائيلي.
"سياسة عدم التعاون"
وأشارت "جيروزاليم بوست" إلى أن "إسرائيل ليست طرفاً في نظام روما الأساسي الذي تقوم عليه المحكمة الجنائية الدولية، إذ تنتهج حتى الآن سياسة عدم التعاون معها. وكانت السلطة الفلسطينية، التي تعترف بها المحكمة الجنائية الدولية كدولة عضو، بدأت تحقيق بنسودة الأولي الذي أدى إلى هذا التحقيق الرسمي".
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية: "قبل البدء الرسمي في التحقيقات الدولية، سيتعين على صانعي السياسات في إسرائيل أن يقرروا ما إذا كانوا سيواصلون تجاهلهم للمحكمة الجنائية الدولية، بحجة أن التحقيق غير قانوني، أم سيتعاملون مع المحكمة".
وفي حال اختيار مسار التعاون، سيكون لدى الإسرائيليين خيارات متعددة، بما في ذلك فتح تحقيق داخلي بشأن اتهام عدد من الجنود بارتكاب جرائم حرب، قد يؤدي ذلك إلى إضفاء الشرعية على تلك الادعاءات، حسبما أفادت "جيروزاليم بوست".
التوصيات الإسرائيلية
ووصف المسؤولون الإسرائيليون، بحسب الصحيفة، عملية التحقيق بـ"غير الشرعي"، مشيرين إلى أن "إسرائيل لديها نظام قضائي قوي قادر على محاكمة الجنود الذين يرتكبون جرائم حرب، إذا دعت إلى ذلك حاجة، وأن السلطة الفلسطينية ليست دولة، ومن ثم لا يصح قانوناً أن تكون عضواً في المحكمة الجنائية الدولية".
من جانبه، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو التحقيق بأنه "معادٍ للسامية"، لافتاً إلى أن "لليهود الحق في العيش في وطنهم التاريخي".
ويعمل كبار المسؤولين في وزارات الخارجية والعدل والدفاع، إلى جانب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، على توصياتهم للمستويين الفردي والجماعي فيما بينهم، إذ لم يتم استدعاؤهم بعد، لتقديم هذه التوصيات إلى نتنياهو وغانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي.
ونقلت "جيروزاليم بوست"، عن مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية، قوله: "إن وزارته لم تبلور بعد موقفاً بشأن تحقيق الجنائية الدولية، وتنتظر سماع المزيد من وزارة العدل".
التحركات الإسرائيلية
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أوصى مجلس الأمن الوطني، أن "تبعث إسرائيل رسالة إلى العالم بأن ثمَّ فرصة تلوح في الأفق لتجديد المفاوضات مع الفلسطينيين في حال تعليق تحقيق الجنائية الدولية"، حسبما أفادت القناة 12 الإسرائيلية.
وأوقفت السلطات الإسرائيلية في مارس الماضي، وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، وصادرت بطاقة "كبار الشخصيات" منه، كما حققت مع الوفد الدبلوماسي المرافق له، لدى عودتهم من لاهاي، حيث عقدوا سلسلة اجتماعات مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية ومساعديها، بشأن التحقيق الذي فتحته في جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتعقيباً على إجراء تل أبيب، قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى لـ "جيروزاليم بوست": "لم يحد أحد من حريته في التنقل"، وأضاف: "لكنه يستخدم الامتيازات الإضافية التي حصل عليها من إسرائيل من أجل منع حرية التنقل عن الإسرائيليين أثناء سفرنا إلى الخارج، فهل توقع حقاً أن نجلس مكتوفي الأيدي حيال ذلك؟، لذلك على القيادة الفلسطينية أن تفهم أن هناك عواقب لأفعالها".