تعثّر محادثات صينية هندية لسحب قوات من منطقة حدودية

time reading iconدقائق القراءة - 6
جندي هندي على طريق مغطى بالثلوج قرب ممرّ جبل زوجيلا الذي يربط سريناغار بإقليم لاداخ المتاخم للصين، 28 فبراير 2021 - AFP
جندي هندي على طريق مغطى بالثلوج قرب ممرّ جبل زوجيلا الذي يربط سريناغار بإقليم لاداخ المتاخم للصين، 28 فبراير 2021 - AFP
دبي-الشرق

بلغت محادثات بين قادة عسكريين من الصين والهند طريقاً مسدوداً بشأن أفضل طريقة لسحب قواتهما من منطقة استراتيجية في جبال الهيمالايا، مما يعزز احتمال حصول توتر آخر في علاقات البلدين على حدودهما، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وأشارت الوكالة إلى أن بكين أصرّت الأسبوع الماضي على أن تسحب نيودلهي آلافاً من قوات الاحتياط والأسلحة التي جلبتها إلى الحدود العام الماضي، بما في ذلك سهول ديبسانغ، في ظل أسوأ عنف بين الجانبين منذ عقود. وأضافت أن الهند رفضت الطلب خلال الجولة الثالثة عشرة من المحادثات لتسوية الأزمة الحدودية، واعتبرته بمثابة انتكاسة بعدما أحرز الطرفان تقدماً في فك الارتباط بين قواتهما.

وتقع سهول ديبسانغ عبر "خط السيطرة الفعلية"، وهي حدود متنازع عليها ولكنها قائمة بحكم الأمر الواقع بين الهند والصين على طول جبال الهيمالايا، وكانت تشهد دوريات تنفذها القوات الهندية والصينية. ونشرت بكين العام الماضي قوات في موقع أساسي بالسهول، ومنعت نيودلهي من الوصول إلى أراضٍ مساحتها 300 كيلومتر مربع منذ ذلك الحين.

"مطالب غير واقعية"

ونقلت "بلومبرغ" عن مصادر إن الهند تريد إبعاد جنودها عن كل المناطق المتنازع عليها على حدودها مع الصين، ولكن ليس إعادتها إلى قواعدها. وتبرّر نيودلهي ذلك بصعوبة إعادة القوات إلى المكان مجدداً، إذا اندلع نزاع، إذ يجب أن يمرّ كل جندي بفترة تأقلم من 3 مراحل، تستمرّ نحو شهر. في المقابل، يمكن للجنود الصينيين التراجع إلى مواقع شديدة الارتفاع في هضبة التيبت الشاسعة.

وأشار الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، إلى بيان أصدره الأسبوع الماضي العقيد لونغ شاوهوا، المتحدث باسم المنطقة الغربية في الجيش الصيني، ورد فيه أن بلاده "بذلت جهوداً ضخمة" لتهدئة التوترات، خلال المحادثات بين المسؤولين العسكريين عند نقطة الالتقاء الحدودية في تشوشول مولدو بمنطقة لاداخ. وأضاف: "لكن الهند ما زالت متمسكة بمطالب غير معقولة وغير واقعية، الأمر الذي زاد من صعوبات المفاوضات".

وأعربت بكين عن قلقها إزاء زيارة نائب الرئيس الهندي، فنكياه نايدو، إلى أروناتشال براديش، المتاخمة للتيبت خلال إجراء الجولة الثالثة عشرة من المحادثات الحدودية، في خطوة وصفتها صحيفة "تشاينا ديلي" بأنها "استفزازية". وأضافت في افتتاحية: "نظراً إلى المستوى المتدني الحالي للثقة المتبادلة بين الجانبين، فإن لدى بكين سبباً وجيهاً لمطالبة نيودلهي بالتوقف عن اتخاذ أي إجراءات قد تعقّد قضية الحدود وتقوّض العلاقات الثنائية".

50 ألف جندي هندي

ونقلت "بلومبرغ" عن مسؤولين أن الصين وافقت، قبل الجولة الأخيرة من المحادثات، على فك الارتباط مع القوات الهندية في نقاط احتكاك أخرى على الحدود البالغ طولها 3487 كيلومتراً، باستثناء سهول ديبسانغ، وهي منطقة مساحتها 972 كيلومتراً مربعاً تقع على طرق أساسية تؤدي إلى ممرّ كاراكورام الذي يتيح الوصول من مقاطعة شينجيانغ الصينية إلى مناطق في باكستان.

واعتبرت يون صن، مديرة برنامج الصين في "مركز ستيمسون" (مقرّه واشنطن)، أن الانتشار العسكري الهندي يشكّل أيضاً تهديداً لطريق سريع صيني على الحدود التي تربط التيبت وشينجيانغ. وتابعت: "حلّ الشتاء بشكل طبيعي، وهذا ليس وقت اندلاع نزاع، ولكنني لا أرى تسوية للخلاف، سواء عبر المفاوضات أو من خلال القوة في المستقبل القريب".

خاض جنود هنود وصينيون صدامات غالباً في سهول ديبسانغ، إذ شهدت السنوات القليلة الماضية زيادة في التكتيكات العدائية في نقاط مختلفة على الحدود. وبلغ التوتر ذروته في اشتباك بوادي غالوان، في يونيو 2020، أسفر عن مصرع 20 جندياً هندياً وعدد غير معروف من الجنود الصينيين.

رداً على ذلك، نقلت الهند ما لا يقلّ عن 50 ألف جندي إضافي إلى حدودها مع الصين، في خطوة تاريخية نحو موقف عسكري هجومي، بحسب "بلومبرغ". ونُشر نحو 20 ألف جندي في مناطق على طول سهول ديبسانغ ونقاط احتكاك أخرى شمالاً، وثمة 20 ألف جندي آخرون في الشرق بأروناتشال براديش، ويتمركز الباقون قرب بوتان التي تخوض أيضاً نزاعاً حدودياً مع الصين.

تدريبات عسكرية صينية

وحققت بكين ونيودلهي هذا العام بعض التقدّم في تخفيف التوتر، واتفقتا على الانسحاب من نقاط احتكاك أخرى. وبعد الجولة الثانية عشرة من المحادثات، في أغسطس الماضي، أصدر الجانبان بياناً مشتركاً غير عادي وُصفت فيه المناقشات بأنها بنّاءة. وتحدث مسؤولون هنود آنذاك عن إنشاء منطقة منزوعة السلاح، بعد انسحاب القوات والمدفعية، مشيرين إلى أنها لن تشهد دوريات من الطرفين، لئلا يتواجه جنودهما.

في الوقت ذاته، كثفت الصين تدريبات عسكرية في منطقة التيبت العسكرية في العام الذي انتهى في يونيو 2021، وفقاً لبيانات جمعها "مركز الصين للتحليل والاستراتيجية" (مقرّه نيودلهي).

وقال رئيس المركز، جاياديفا رانادي، وهو رئيس سابق لمكتب الصين في أمانة مجلس الوزراء الهندي، إن ذلك يشير إلى أن الجيش الصيني "مستعد لتنشيط قطاعات أخرى على خط السيطرة الفعلية"، مضيفاً: "أعتقد أن الصين لا تعتزم سحب قواتها من المنطقة".

اقرأ أيضاً: