هل يصبح منصور عباس "مفتاح" تشكيل الحكومة الإسرائيلية؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
منصور عباس، زعيم القائمة العربية الموحدة - REUTERS
منصور عباس، زعيم القائمة العربية الموحدة - REUTERS
دبي- الشرق

برزت "القائمة العربية الموحدة"، الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية، بقيادة منصور عباس كـ"صانع ملوك" محتمل في الانتخابات العامة الإسرائيلية، وسط انقسام حاد في الوسط السياسي بين معسكرين، ما يعزز فرصها في لعب دور "مفتاح" تشكيل الحكومة المقبلة.

وحصلت "القائمة العربية الموحدة"، المنشقة عن "القائمة المشتركة للأحزاب والأطر العربية في إسرائيل"، على 4 مقاعد في الكنيست، بعد فرز أصوات المشاركين في الانتخابات الإسرائيلية.

ووفقاً للنتائج الأولية، حصلت الأحزاب الموالية لرئيس الوزارء بنيامين نتنياهو على 59 مقعداً في البرلمان، مقابل 61 مقعداً للأحزاب والكتل الأخرى التي يرغب معظمها في إزاحة نتنياهو.

"الرجل الرئيسي"

ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها فوز الحركة الإسلامية الجنوبية بـ4 مقاعد بـ"المفاجأة"، مضيفة أنها كانت حريصة على العمل مع القيادة الإسرائيلية، ولكنها مثل معظم الأحزاب العربية الأخرى تم نبذها من قبل الأحزاب اليهودية.

وأشار التقرير إلى أن إمكانية الدور المحتمل للحركة في تشكيل حكومة ائتلافية تثير بعض التخوفات في إسرائيل، إذ لم يشكل حزب عربي مستقل جزءاً من أي حكومة إسرائيلية في السابق.

وقال منصور عباس، زعيم الحركة، في مقابلة تلفزيونية الأربعاء: "آمل أن أصبح رجلاً رئيسياً"، مضيفاً: "في السابق كانت الأحزاب الرئيسية تقصينا، وكنا نقصي أنفسنا"، مشيراً إلى أنه "اليوم، أصبحت الحركة الإسلامية الجنوبية على أقل تقدير تشكّل تحدياً للنظام السياسي الحالي".

وخاطب عباس الأحزاب اليهودية: "أيها الأصدقاء.. نحن موجودون هنا"، مشدداً على أن حزبه "ليس في جعبة أحد"، مضيفاً: "أنا لا أستبعد أي أحد، لكن إذا استبعدنا أحدهم فسنستبعده بطبيعة الحال".  

"شراكة غريبة"

ووفقاً لـ"نيويورك تايمز"، فسواء دعمت الحركة الإسلامية الجنوبية معسكر نتنياهو أو المعسكر المناهض له، فإنه "ستتولّد شراكة غريبة".

في السيناريو الأول، أي في حال دعم الحركة لمعارضي نتنياهو، ستحتاج على الأرجح إلى العمل مع زعيم المعارضة اليمينية، أفيغادور ليبرمان، الذي وصف بعض المواطنين العرب بـ"الخونة" ودعاهم إلى مغادرة البلاد.

وفي السيناريو الثاني، إذا دعمت الحركةُ الكتلةَ التي يقودها نتنياهو، فستعمل مع رئيس وزراء سنّ تشريعات حطت من مكانة اللغة العربية، واعتبر أن اليهود فقط هم من يملكون حق تحديد طبيعة دولة إسرائيل.

وفي انتخابات سابقة، حذّر نتنياهو من ارتفاع نسبة المشاركة العربية في التصويت لحث أنصاره على التوجه إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم، وفقاً للصحيفة.

كما سيكون على الحركة الإسلامية الجنوبية أن تتعاون مع تحالف يضم سياسيين من اليمين المتطرف يريدون طرد المواطنين العرب من إسرائيل بحجة أنهم "غير موالين" لهذه الدولة.

مواقف عباس

ولفت التقرير إلى أن عباس مستعد للنظر في هذه الارتباطات المحتملة لأنه يعتقد أنها الطريقة الوحيدة التي يضمن بها المواطنون العرب الحصول على دعم حكومي في معركتهم ضد المشكلات المركزية التي يعاني منها المجتمع العربي في إسرائيل، مثل عنف العصابات  والفقر والقيود المفروضة على حصولهم على سكن أو أرض أو رخص تخطيط بناء.

وستمثل هذه الخطوة تتويجاً لعملية تدريجية بات من خلالها الأحزاب والناخبون العرب أكثر انخراطاً في العملية الانتخابية.

"خيارات غير مرغوب فيها"

وفي ردّه على ما إذا كان نتنياهو سيفكر في تشكيل حكومة بالشراكة مع منصور عباس، قال الوزير في الحكومة الإسرائيلية، تساحي هنغبي، لـ"نيويورك تايمز": "إذا كان من المستحيل تشكيل حكومة يمينية من الأحزاب المنتمية لها، فإن حزبه سيبحث في الخيارات غير المرغوب فيها الآن"، مضيفاً أن ذلك ربما سيكون "أفضل من إجراء انتخابات خامسة".  

وقالت المحامية بشائر فاهوم جيوسي، الرئيسة المشاركة لمجلس "مبادرات أبراهام"، وهي مجموعة غير حكومية تعمل على تعزيز المساواة بين العرب وإسرائيل، إن الدور الذي باتت تلعبه القائمة العربية الموحدة يمثل "لحظة تاريخية".

وأوضحت أن هذه اللحظة لا تستمد قيمتها من "إضفاء الشرعية على الصوت الانتخابي العربي فحسب، وإنما أيضاً من الاعتراف بالمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل كقوة سياسية قادرة على ممارسة دور إيجابي ومؤثر على الساحة السياسية".  

وفي صحراء النقب أيضاً، قوبل الخبر بمزيد من الاحتفاء والابتهاج، حيث تواجه عشرات القرى العربية تهديدات بالهدم والإزالة لأنها بنيت من دون تراخيص حكومية.

وقال خليل العمور، 55 عاماً، وهو محام تفتقر قريته إلى البنية التحتية الأساسية مثل خطوط الكهرباء والصرف الصحي، لأنها بنيت من دون إذن تخطيط بناء من السلطات الإسرائيلية، لصحيفة "نيويورك تايمز" إن "إمكانية أن يستطيع عباس الضغط على الحكومة تُحرّك فينا مشاعر التفاؤل".  

معارضة ومخاوف

ولا يخلو حزب نتنياهو من معارضة قوية لفكرة الاعتماد على عباس، إذ يخشى بعض أعضائه  العمل مع مجموعة معارضة أيديولوجياً للعمليات العسكرية في الأراضي المحتلة.  

وقال رئيس "حزب الليكود العالمي"، داني دانون، إنه "يجب ألا تعتمد الحكومة على حزب إسلامي متطرف" حسب وصفه، مضيفاً: "يجب ألا نكون في هذا الوضع".  

ويسود قلق وسط الكتلة المعارضة من احتمال تشكيل تحالف مع منصور عباس، رغم أن بعض أعضاء هذه الكتلة من اليمينيين صوّتوا بالفعل للعمل مع المشرّعين العرب أثناء جولة سابقة من المحادثات العام الماضي.

وتتعارض المواقف الاجتماعية للقائمة العربية الموحدة مع رؤى أحزاب المعارضة اليسارية مثل حزب "ميرتس".  

وقالت المحامية بشائر فاهوم جيوسي: "سيكون الأمر معقداً للغاية بغض النظر عن طريقتك في النظر إليه"، مضيفة: "عندما يحين وقت الحسم، سيصبح صعباً أن تعرف ما إذا كان نهج منصور عباس حقيقياً وقادراً على المضي قدماً أم لا".  

إضافة إلى ذلك، يشكك بعض العرب في إسرائيل بقوة في نهج حزب القائمة العربية الموحدة.

واتهم أيمن عودة، زعيم "القائمة المشتركة"، منصور عباس بالموافقة على "إقامة علاقة مع إسرائيل التي تؤطر للعرب كرعايا يمكن شراؤهم، وليس كمواطنين يتمتعون بحقوق متساوية"، حسب قوله.

وقال عودة في مقابلة مع "نيويورك تايمز" قبل الانتخابات: "منصور عباس قادر على قبول ذلك، أما أنا فلن أفعل".